أبوظبي – السابعة الإخبارية
أبوظبي .. في خطوة حاسمة تعكس الجهود المكثفة التي تبذلها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية لضمان سلامة الغذاء وحماية صحة المستهلكين، أصدرت الهيئة قرارًا بالإغلاق الإداري بحق منشأة «ملحمة بوحه – ذ.م.م»، الواقعة في منطقة ميناء زايد بأبوظبي، والتي تحمل الرخصة التجارية رقم (CN-5225559)، وذلك بعد رصد مخالفات متكررة وخطيرة تمس المعايير الصحية وسلامة الأغذية المعروضة للمستهلكين.
أبوظبي .. مخالفات متكررة تهدد الصحة العامة
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن الهيئة، فإن الإغلاق جاء بعد تقارير رقابية أثبتت عدم التزام المنشأة بتطبيق الإجراءات التصحيحية المطلوبة، على الرغم من توجيه عدة إنذارات سابقة. وأوضح التقرير أن المنشأة ارتكبت مخالفات متكررة للقانون رقم (2) لسنة 2008 بشأن الغذاء في إمارة أبوظبي، إضافة إلى عدم التقيد بالتشريعات واللوائح التنفيذية التي تنظم السلامة الغذائية.
واعتبرت الهيئة أن استمرار هذه المخالفات دون تصحيح فعّال يشكل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة، الأمر الذي استوجب اتخاذ إجراء فوري لحماية المستهلكين وضمان عدم تسرب منتجات غير صالحة أو ملوثة إلى الأسواق.

التدخل الفوري ضمانة لسلامة الغذاء
وأكدت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية أن قرار الإغلاق الإداري لن يُرفع إلا بعد زوال أسباب المخالفة بشكل كامل، وقيام المنشأة باتخاذ كافة الإجراءات التصحيحية اللازمة، والالتزام التام بمتطلبات السلامة الغذائية المنصوص عليها في القوانين المحلية والمعايير الدولية المعتمدة.
كما شددت الهيئة على أهمية دور الرقابة الاستباقية التي تنتهجها، حيث يتم تنفيذ حملات تفتيش دورية ومفاجئة على مختلف المنشآت الغذائية في الإمارة، بهدف التأكد من التزامها بشروط النظافة العامة، وجودة المواد الغذائية، وطرق التخزين والعرض والتداول.
حماية المستهلك أولوية قصوى
من جانب آخر، أكدت الهيئة أن الإغلاق الإداري ليس إجراءً عقابياً بقدر ما هو وسيلة ضرورية لحماية الصحة العامة وردع المنشآت التي لا تلتزم بالقوانين واللوائح التنظيمية. وقالت إن الكشف عن مثل هذه التجاوزات ونشر تفاصيلها يندرج ضمن مبدأ الشفافية الذي تتبعه الهيئة، كما يسهم في رفع مستوى الوعي لدى المستهلكين ويوصل رسالة واضحة إلى أصحاب المنشآت بأن التساهل في تطبيق معايير السلامة الغذائية لن يُسمح به بأي حال.
وأشارت الهيئة إلى أنها توفر قنوات تواصل مباشرة مع الجمهور، لاستقبال الشكاوى والملاحظات المتعلقة بجودة وسلامة الغذاء في مختلف مناطق الإمارة، وأنها تتعامل بجدية تامة مع كل بلاغ يتم تقديمه، حيث يتم تحويله إلى الجهات الرقابية المختصة لاتخاذ الإجراء المناسب.
تأكيد على الالتزام بالمعايير العالمية
تُولي حكومة أبوظبي أهمية كبيرة لتعزيز منظومة السلامة الغذائية كجزء من رؤيتها الاستراتيجية لجعل الإمارة نموذجًا عالميًا في جودة الحياة. وفي هذا السياق، تعمل الهيئة باستمرار على تحديث وتطوير أدوات الرقابة والتفتيش، وتدريب المفتشين وفق أحدث الأساليب العلمية لضمان أعلى درجات الدقة والكفاءة في كشف المخالفات.
كما تتعاون الهيئة مع منظمات وهيئات دولية متخصصة في سلامة الغذاء لضمان توافق المعايير المحلية مع أرقى النظم العالمية، بما يعزز من مكانة أبوظبي كمركز رائد في هذا المجال، ويمنح المستهلكين مزيدًا من الثقة بالمنتجات الغذائية المتوفرة في السوق المحلي.
دعوة للمنشآت إلى تصحيح المسار
وفي ختام بيانها، دعت الهيئة جميع المنشآت العاملة في قطاع الغذاء إلى الالتزام التام بالاشتراطات والمعايير المعمول بها، والحرص على تطبيق ممارسات النظافة والتخزين والتداول السليمة، بما يسهم في رفع جودة الغذاء ويعزز الثقة بين المستهلكين وأصحاب المنشآت.
كما أكدت أنها مستمرة في جهودها التوعوية والرقابية، ولن تتوانى عن اتخاذ أي إجراء من شأنه حفظ صحة المجتمع، مشددة على أن المسؤولية مشتركة بين الجهات الرقابية وأصحاب المنشآت، والمستهلكين أنفسهم، لبناء منظومة غذائية آمنة ومستدامة.

تقصير إداري أم إهمال متعمد؟
تطرح حالة “ملحمة بوحه – ذ.م.م” تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء تكرار المخالفات دون استجابة فاعلة من قبل المنشأة. ويشير بعض المراقبين إلى أن هذا النوع من التهاون قد ينبع من ضعف في الثقافة المؤسسية لدى بعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث يُنظر إلى معايير السلامة الغذائية على أنها عبء إداري، لا أولوية تشغيلية، ما يعرّض الصحة العامة للخطر ويقلل من ثقة الجمهور في الأسواق المحلية.
وقد أكدت الهيئة أن فريق التفتيش قد منح المنشأة فرصًا متعددة لتصحيح أوضاعها، شملت توجيه إنذارات خطية ومتابعة مستمرة، إلا أن عدم الالتزام بالإجراءات التصحيحية كان سببًا رئيسًا في اتخاذ قرار الإغلاق. ويُظهر هذا النهج مدى حرص الهيئة على منح المنشآت فرصًا للتقويم الذاتي قبل اللجوء إلى الإجراءات القانونية.
الرقابة المجتمعية وسيلة رديفة
في ظل اتساع نطاق العمل الرقابي، تلعب الرقابة المجتمعية دورًا مهمًا في دعم جهود الجهات المختصة. فقد دعت الهيئة المستهلكين إلى ضرورة الإبلاغ عن أي ملاحظات أو شبهات تتعلق بجودة وسلامة المواد الغذائية، وذلك عبر تطبيق “食品安全 أبوظبي” أو الاتصال بخدمة “حارس الغذاء” المتوفرة على مدار الساعة.
إن إشراك المجتمع في الرقابة لا يُعد فقط وسيلة لتوسيع نطاق الكشف عن المخالفات، بل هو أيضًا أداة لبناء وعي استهلاكي يساهم في الضغط على المنشآت للتحسين والالتزام.

دروس مستفادة للقطاع الغذائي
إن هذه الواقعة يجب أن تكون جرس إنذار لكل المنشآت العاملة في مجال الغذاء، خاصة تلك التي تتعامل مع اللحوم والمنتجات سريعة التلف. فالمخاطر الصحية الناتجة عن سوء التخزين أو التلوث لا تقتصر على المنشأة المخالفة وحدها، بل قد تمتد آثارها لتشمل المستهلكين والقطاع بأكمله، ما يؤدي إلى فقدان الثقة في السوق المحلي وتراجع سمعة الجهات التنظيمية.
وفي هذا السياق، أكدت الهيئة أنها ستواصل تطبيق سياسة “الصفر تسامح” مع المنشآت غير الملتزمة، مع التركيز على الوقاية لا العلاج، وتعزيز بيئة غذائية نظيفة وآمنة تواكب تطلعات أبوظبي كمدينة ذكية ومستدامة.