القاهرة، محمد الصو – السابعة الاخبارية
أحمد الفيشاوي، خيم الحزن على مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، مساء الاثنين، خلال عزاء الفنانة الراحلة سمية سمية الألفي، في مشهد إنساني مؤثر تصدره نجلها الفنان أحمد الفيشاوي، الذي ظهر متأثرًا ومنفعلًا على نحو لفت أنظار كل الحاضرين. لحظات العزاء لم تكن عادية، بل حملت وجع الفقد الحقيقي، وكشفت عن علاقة استثنائية جمعت بين أم وابنها، بعيدًا عن الأضواء والشهرة.
منذ اللحظة الأولى لدخوله المسجد، بدت ملامح الإرهاق والحزن واضحة على وجه أحمد الفيشاوي، الذي حاول التماسك أثناء استقبال المعزين، إلا أن الدموع خذلته أكثر من مرة، في مشهد صادق عبّر عن ألم الفقد، لا عن صورة نجم اعتاد الظهور أمام الكاميرات.
أحمد الفيشاوي يظهر في انفعال غير متوقع داخل العزاء
شهد العزاء موقفًا لافتًا حين انفعل أحمد الفيشاوي على أحد المصورين الصحفيين، محاولًا منعه من التقاط صور له أثناء تلقيه التعازي. ووفق ما تداوله الحضور، حاول الفيشاوي الاستيلاء على هاتف المصور في لحظة انفعال واضحة، قبل أن يتدخل عدد من الأصدقاء والمعزين لتهدئة الموقف وإعادة الهاتف.
الواقعة، التي انتشرت لاحقًا عبر مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، عكست حجم الضغط النفسي الذي كان يعيشه الفنان في تلك اللحظة، خاصة أنه لم يكن مستعدًا للظهور الإعلامي أو لتوثيق لحظات ضعفه الإنساني أمام الجمهور.
حزن مضاعف بعد الغياب عن الجنازة
زاد من ثقل المشهد أن أحمد الفيشاوي لم يتمكن من حضور جنازة والدته، التي شُيّعت قبل أيام من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، بسبب تواجده خارج مصر آنذاك. عودته إلى القاهرة خصيصًا للعزاء جعلت لحظة المواجهة مع الفقد أكثر قسوة، خاصة أنها كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها جمهور المعزين بعد رحيل والدته.
كثيرون من المقربين أشاروا إلى أن غياب الفيشاوي عن الجنازة ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا لديه، وأن العزاء كان بمثابة الانفجار العاطفي الأول بعد الصدمة، وهو ما يفسر ردود أفعاله الحادة وتأثره الشديد.
نجوم الفن يدعمون أحمد الفيشاوي
حرص عدد كبير من نجوم الفن على حضور العزاء ومساندة أحمد الفيشاوي وأسرته، في مشهد يعكس مكانة الفنانة الراحلة سمية الألفي داخل الوسط الفني. وكان من بين الحضور عمرو يوسف وزوجته كندة علوش، أحمد السعدني، أحمد خالد صالح، صبري فواز، باسم سمرة، دنيا سمير غانم وزوجها رامي رضوان، أحمد السقا، منة شلبي، خالد النبوي، نهال عنبر، سلوى عثمان، وسلوى محمد علي.
وجود هذا العدد الكبير من الفنانين لم يكن مجرد واجب عزاء، بل رسالة دعم إنساني واضحة، خاصة أن كثيرين منهم حرصوا على الوقوف إلى جوار الفيشاوي في لحظات انفعاله، ومحاولة احتوائه وتهدئته.
سمية الألفي… مسيرة فنية وإنسانية
رحلت الفنانة سمية الألفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان، عن عمر ناهز 72 عامًا، تاركة خلفها تاريخًا فنيًا ثريًا وبصمة خاصة في الدراما والسينما المصرية. بدأت مشوارها الفني في أواخر السبعينيات، وقدمت عشرات الأعمال التي رسخت اسمها كفنانة تمتلك حضورًا هادئًا وأداءً صادقًا.
من أبرز أعمالها الدرامية والسينمائية: أفواه وأرانب، علي بيه مظهر، بوابة الحلواني، حد السيف، والراية البيضا، وغيرها من الأعمال التي صنعت لها قاعدة جماهيرية واسعة، وجعلتها واحدة من الوجوه المحبوبة لدى المشاهد المصري والعربي.
علاقة خاصة بين أحمد الفيشاوي ووالدته
لم تكن علاقة أحمد الفيشاوي بوالدته عادية، بل اتسمت بالقرب الشديد والدعم المستمر، خاصة في الفترات الصعبة من حياته الشخصية والفنية. كثيرًا ما تحدث الفيشاوي في لقاءات سابقة عن دور والدته في احتوائه ومساندته، مؤكدًا أنها كانت الملجأ الأول له في الأزمات.
هذا الارتباط العاطفي القوي يفسر حجم الانهيار الذي ظهر عليه خلال العزاء، حيث لم يكن المشهد مجرد وداع أم، بل فقدان السند والداعم الأهم في حياته.
فاروق الفيشاوي… حضور الغياب
رغم انفصال الفنانة سمية الألفي عن الفنان الراحل فاروق الفيشاوي منذ عام 1990، فإن العلاقة بينهما ظلت قائمة على الاحترام والصداقة، خاصة خلال فترات المرض. وقد شكّل هذا الأمر نموذجًا إنسانيًا نادرًا داخل الوسط الفني، انعكس على تربية ابنيهما أحمد وعمر.
رحيل سمية الألفي أعاد إلى الأذهان قصة عائلة فنية عاشت الأضواء والأزمات، لكنها ظلت متماسكة إنسانيًا حتى اللحظة الأخيرة.
العزاء يتحول إلى رسالة إنسانية
ما حدث في عزاء سمية الألفي لم يكن مجرد واقعة انفعال عابرة، بل لحظة كشفت الجانب الإنساني للفنان أحمد الفيشاوي، بعيدًا عن الجدل والصورة النمطية التي لاحقته لسنوات. لحظة صادقة أكدت أن الحزن لا يعرف شهرة ولا أضواء، وأن الفقد الحقيقي قادر على كسر أقسى القلوب.
في النهاية، خرج العزاء برسالة واضحة مفادها أن وراء كل نجم إنسانًا ضعيفًا أمام فقدان من يحب، وأن سمية الألفي لم تكن فقط فنانة كبيرة، بل أمًا تركت أثرًا عميقًا في حياة أبنائها، سيظل حاضرًا مهما غابت عن الأضواء.
