القاهرة – السابعة الاخبارية
أحمد عبد العزيز، لم تكن الأيام الماضية عادية في حياة الفنان الكبير أحمد عبد العزيز، ذلك الوجه الذي ارتبط في أذهان المشاهدين بأدوار وقورة، ورجال شرفاء لا يلينون في مواجهة الظلم. لكنه هذه المرة كان هو نفسه في قلب موقف ملتبس، لا على خشبة المسرح أو أمام كاميرات المسلسلات، بل في الحياة الواقعية، حين تم تداول مقطع فيديو له وهو يمر بجوار شاب مدّ يده لمصافحته، دون أن يستجيب الفنان.
الضجة كانت كبيرة، وكأن الشارع فقد فجأة صورة كان يظنها ثابتة. وتحوّل الحدث من مجرد تصرّف عابر إلى أزمة نقاش بين محبين ومعارضين، تساءلوا: هل تغيّر أحمد عبد العزيز؟ أم أن المجتمع نفسه أصبح أكثر حساسية تجاه النجوم؟
أحمد عبد العزيز: “أنا واحد منكم”… توضيح من القلب
لم يتأخر الفنان عن الرد. بل كتب بنفسه بيانًا عبر صفحته الرسمية، حمل الكثير من الصدق والهدوء، قال فيه: “الموقف كان سريعًا جدًا، وكنت متأخرًا عن الفعالية، وبجري علشان أركب الأسانسير. لما شفت الشاب افتكرته من المنظمين، مش واخد بالي إنه بيمد إيده للمصافحة.”
وأضاف: “عمري ما رفضت سلام أو صورة مع حد من جمهوري، محبتكم هي أكبر دعم ليا، واللي حصل لحظة خاطفة فُهمت بشكل خاطئ. أنا واحد منكم.”
جملة بسيطة، لكنها كانت كفيلة بتهدئة الغضب وإعادة الأمور إلى نصابها. فالرجل لم ينكر ما حدث، ولم يبرر بتعالٍ، بل اعترف بأن ما جرى سوء تفاهم، وأن قلبه مفتوح للجميع.
موقف مشابه.. ولكن في العزاء
الجدل فتح الباب للربط بين هذا الحادث، وموقف سابق للفنان أثار التعليقات أيضًا، حين ظهر في إحدى مناسبات العزاء، وبدا عليه الانشغال أو عدم التركيز في استقبال المعزين. صحيح أن الموقف مرّ بسرعة، لكن بعض الحضور شعروا بأنه لم يكن حاضرًا ذهنيًا بالكامل، أو أنه لم يتفاعل كالمعتاد.
ولأن الجمهور لا ينسى، عاد البعض لربط بين الحدثين، وكأنهما مؤشرات على تغير ما في شخصية أحمد عبد العزيز، أو على الأقل تراجع في تواصله الإنساني.
لكن هل هذا الربط عادل؟ وهل من الطبيعي محاسبة فنان على تعبير عابر أو لحظة توتر؟
الفنان والضوء المستمر
أن تكون فنانًا يعني أن تعيش تحت الأضواء، ليس فقط أثناء العمل، بل في كل لحظة، من المطار إلى المقابر، من المسرح إلى محطة الوقود. الجمهور لا يفصل بين الشخصية التي أحبها على الشاشة، والإنسان الذي يقف في طابور الانتظار أو يعبر الشارع.
لكن الحقيقة أن الفنان إنسان، له ضغوطه وأحماله ومزاجه المتقلب. وقد يكون في لحظة مشغولًا أو مرهقًا أو ببساطة غير منتبه. واللحظات العابرة قد تُفهم خطأ، ثم تُضخم، وتتحول إلى أزمة لا مبرر لها.
احترام الجمهور لا يكون دائمًا بالكلام
في حالة أحمد عبد العزيز، التفاعل مع المعجبين كان دائمًا أحد أبرز سماته. لسنوات طويلة، عُرف بأنه من أكثر الفنانين تواضعًا واحترامًا للناس. يقف للصور، يصافح بابتسامة، يرد على الأسئلة. لذلك حين حدث هذا الموقف، شعر البعض وكأنهم فقدوا شيئًا من هذا القرب.
لكن سرعان ما استعاد مكانته برد بسيط، مؤدب، دون استعلاء. وهو درس مهم ليس فقط للفنان، بل لكل شخص في موقع عام: الأخطاء واردة، لكن التواضع في الاعتذار والصدق في التوضيح هما ما يصنعان الفرق.
أزمة في وقت صعب
لا يمكن تجاهل أن ما حدث تزامن مع فترة ضغوط كبيرة يعيشها المجتمع، من أزمات اقتصادية، إلى حالة من التوتر العام على منصات التواصل. الجمهور بات أكثر استعدادًا للهجوم، وكأن الناس تبحث عن متنفس لغضبها أو إحباطها في أي مشهد مثير.
وفي هذا السياق، يتحول كل فعل بسيط من شخصية عامة إلى قضية رأي عام. وقد يجد الإنسان نفسه في مرمى النيران دون قصد، لمجرد أنه لم يرد السلام أو لم يبتسم في اللحظة المناسبة.
ماذا لو لم يوضح أحمد عبد العزيز؟
لو تجاهل الفنان ما حدث، وترك الجمهور يغلي في صمته، ربما كانت الأزمة ستكبر. لكن سرعة التوضيح وصياغة البيان بعفوية ونبرة إنسانية، أعاد له صورته الحقيقية، لا كفنان فقط، بل كإنسان يفهم جمهوره، ويحترمه، ويحرص على أن يكون معهم دائمًا.
النهاية: لا نريد ملاكًا.. بل إنسانًا يشبهنا
ما يطلبه الجمهور من الفنانين ليس الكمال، بل القرب. يريدون أن يشعروا أن من يشاهدونه على الشاشة، هو نفسه من يبتسم لهم في الشارع، أو يصافحهم في ندوة، أو يشاركهم الحزن في عزاء. وإذا غاب هذا القرب، تبدأ فجوة تتسع.
لكن أحمد عبد العزيز، كما أثبت دائمًا، لم يسمح لتلك الفجوة أن تتسع. بل مدّ يده، ولو بعد لحظة، وفتح قلبه، وقال بكل صراحة: “أنا واحد منكم.”
وقد تكون تلك الجملة البسيطة هي ما يعيد كل شيء إلى مكانه الصحيح.