إنجلترا – السابعة الإخبارية
في خضم الجدل الذي أثارته تراجع أرقام النجم المصري محمد صلاح في الأسابيع الأخيرة، خرج الهولندي أرني سلوت، المدير الفني لنادي ليفربول الإنجليزي، بتصريحات قوية وضع فيها حدّاً للانتقادات الموجهة لهداف الفريق التاريخي، مؤكداً أن ما يمر به صلاح ليس سوى “مرحلة طبيعية في مسيرة أي لاعب كبير”، وأن عودته إلى التألق “مسألة وقت لا أكثر”.

تراجع مؤقت لا أزمة
منذ انطلاق الموسم الجديد من الدوري الإنجليزي الممتاز، لم يظهر محمد صلاح، البالغ من العمر 33 عاماً، بنفس البريق الذي اعتاده جمهور “الريدز” خلال المواسم الماضية.
فبعد موسم استثنائي توّجه فيه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز 2024-2025، متصدراً قائمة الهدافين برصيد 29 هدفاً وصانعاً لأكبر عدد من الأهداف بـ 18 تمريرة حاسمة، بدا أن ماكينة صلاح الهجومية تباطأت قليلاً في الأسابيع الأخيرة.
فقد اكتفى “الفرعون المصري” بتسجيل 3 أهداف فقط وصناعة مثلها في 11 مباراة، وهو معدل لا يتناسب مع معاييره العالية التي جعلته أحد أكثر اللاعبين تأثيراً في تاريخ النادي.
لكن سلوت رفض بشدة فكرة أن صلاح يعيش “فترة تراجع حقيقي”، وقال خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده قبل مواجهة برينتفوردمساء السبت:
“آخر ما يقلقني هو محمد صلاح. إنه إنسان مثل غيره، وأحياناً يمر اللاعب بفترات لا تسعفه فيها اللمسة الأخيرة. هذا لا يقلل من قيمته ولا من إسهاماته داخل الملعب”.
“صلاح إنسان أيضاً”.. رسالة من مدربه
أراد المدرب الهولندي أن يذكّر النقاد بأن صلاح لم يتحول فجأة من هداف استثنائي إلى لاعب عادي، قائلاً:
“في كرة القدم، حتى أعظم المهاجمين يهدرون الفرص. لسنا معتادين أن نرى محمد يهدر كرات سهلة أو يغيب عن التسجيل في عدة مباريات متتالية، لكن هذه الأمور تحدث. هو إنسان أيضاً، وليس آلة تسجيل أهداف”.
وأضاف سلوت أنه يثق تماماً في أن اللاعب الذي قاد ليفربول لعصر ذهبي منذ انضمامه في صيف 2017، قادر على استعادة مستواه في أي لحظة، مؤكداً أن “صلاح لديه من الاحترافية والعزيمة ما يجعله يعود أقوى من أي وقت مضى”.

أرقام تتحدث رغم الانتقادات
ورغم الحديث المتكرر عن تراجع صلاح، إلا أن لغة الأرقام لا تزال تنصفه.
ففي الوقت الذي يواجه فيه منافسة شرسة من مهاجمين شباب يتألقون هذا الموسم، ما زال صلاح بين أفضل خمسة لاعبين في الدوري الإنجليزي من حيث عدد الفرص المصنوعة ونسبة المساهمة في الأهداف.
كما أن لياقته البدنية وانضباطه التكتيكي يجعلان منه عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه في منظومة سلوت الهجومية التي تعتمد على الضغط العالي والتحولات السريعة.
ويرى محللون أن صلاح بات يؤدي دوراً أعمق في الملعب، إذ يشارك في بناء الهجمات من الخلف ويُسهم في تحريك خطوط الخصم، ما قد يقلل من ظهوره كهداف مباشر لكنه يعزز من قيمة الفريق الجماعية.
القيادة والخبرة.. سلاح صلاح الجديد
في ظل التغيرات التي شهدها ليفربول بعد رحيل المدرب الألماني يورغن كلوب، تحوّل صلاح إلى أحد أعمدة الفريق القيادية داخل غرفة الملابس.
ويقول سلوت في هذا السياق:
“محمد صلاح لا يساهم فقط بالأهداف، بل بروحه القيادية. وجوده مصدر طاقة للفريق بأكمله. إنه أول من يحضر إلى التدريب وآخر من يغادره، واللاعبون الشباب يتعلمون منه الكثير”.
هذه الشخصية القوية التي يتمتع بها محمد صلاح، جعلت منه رمزاً للاستمرارية في فريق يشهد مرحلة إعادة بناء بعد التغييرات الفنية الكبيرة التي طالت الجهاز واللاعبين.
الملك لا يفقد عرشه
من جهته، يرى عدد من أساطير النادي، وعلى رأسهم جيمي كاراغر وروبي فاولر، أن الانتقادات الموجهة لصلاح “مبالغ فيها إلى حد كبير”.
وقال كاراغر في تصريحات إعلامية أخيرة:
“محمد صلاح هو اللاعب الوحيد في ليفربول الذي لا يمكن التشكيك فيه. قد يمر بفترة جفاف تهديفي، لكن هذا لا يمحو ما قدّمه خلال ثماني سنوات من المجد. كل هداف في العالم يمر بمثل هذه الفترات”.
أما جماهير ليفربول، فقد انقسمت بين من يرى أن صلاح بحاجة إلى راحة قصيرة لاستعادة تركيزه، وبين من يعتبر أن المشكلة في طريقة لعب الفريق ككل وليس في اللاعب نفسه، خاصة مع اعتماد سلوت على أسلوب أكثر انضباطاً دفاعياً من أسلوب كلوب الهجومي المعتاد.

ثقة لا تهتز
أنهى سلوت حديثه برسالة واضحة تحمل الكثير من الإيمان بلاعبه قائلاً:
“ما يميز محمد صلاح هو أنه يعرف نفسه جيداً. لا يقلق حين لا يسجل، لأنه يدرك أنه سيعود. هذا ما فعله طوال مسيرته، وهذا ما سيفعله مجدداً مع ليفربول”.
ويبدو أن كلمات المدرب الهولندي أعادت الطمأنينة لجماهير “آنفيلد” التي تدرك أن هدافها التاريخي لطالما كان قادراً على الرد في الوقت المناسب، سواء بالأهداف أو بالأداء القتالي الذي اشتهر به.
وبينما يستعد ليفربول لمواصلة سباقه على قمة الدوري الإنجليزي، يبقى الأنظار موجهة نحو صلاح، ليس لمعرفة ما إذا كان سيسجل قريباً، بل لمشاهدة كيف سيكتب فصلاً جديداً في رحلته المذهلة مع “الريدز” التي لم تفقد بريقها بعد
