مصر – السابعة الإخبارية
راغب علامة.. لا تزال أصداء قرار نقابة المهن الموسيقية في مصر، بمنع الفنان اللبناني راغب علامة من الغناء داخل الأراضي المصرية، تُلقي بظلالها على الساحة الفنية العربية، بعد أن أثار الحفل الأخير للفنان في القاهرة جدلًا واسعًا حول مستوى الالتزام بالقيم المجتمعية والأعراف الفنية، بحسب ما ورد في بيان النقابة المصرية.
في أول رد رسمي من لبنان، علّق نقيب المهن الموسيقية اللبناني فريد بو سعيد في تصريحات خاصة لموقع “فيتو”، قائلاً: “نحن دائمًا نحترم القرارات النقابية في مصر، ويتم البحث حاليًا في أزمة الفنان راغب علامة، بالتعاون مع نقيب الموسيقيين المصري مصطفى كامل”. وأضاف: “نأمل أن يتم حل الأزمة قريبًا، فكل الأمور لها حل، ونتمنى الخير لجميع الأطراف”.

راغب علامة: بيان مصري حاد اللهجة
وكان الفنان مصطفى كامل، نقيب الموسيقيين المصريين، قد أصدر بيانًا صحفيًا قوي اللهجة، أعلن فيه عن إيقاف راغب علامة عن الغناء داخل مصر، واستدعائه للتحقيق بشأن “سلوكيات غير لائقة” حدثت خلال إحدى حفلاته، والتي وصفها البيان بأنها “مخالفة للعادات والتقاليد المصرية”.
وقال مصطفى كامل في البيان: “تابعت على مدار يومين سلوكًا مشينًا يخالف كل العادات والتقاليد والقيم المجتمعية المصرية، ولن نسمح بأن يتكرر على أرض أم كلثوم وعبد الوهاب وحليم وعظماء الفن العربي”.
وأضاف كامل: “مسارح مصر اعتلاها كبار فناني مصر والعالم العربي، ولم تكن يومًا مرتعًا للقبلات والإيحاءات غير المنضبطة والأحضان التي تثير الاشمئزاز”، في إشارة إلى المشاهد التي التُقطت لراغب علامة وهو يتفاعل مع عدد من المعجبات بطريقة أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
خطوات تصعيدية من النقابة المصرية
إضافة إلى قرار الإيقاف المؤقت، أعلنت نقابة الموسيقيين عن اتخاذ عدة إجراءات تنظيمية، من بينها:
• استدعاء راغب علامة إلى مقر النقابة في القاهرة للتحقيق معه.
• إيقاف التصريح بالعمل له داخل مصر حتى انتهاء التحقيق.
• مخاطبة غرفة المنشآت السياحية للتحقيق مع صاحب المنشأة التي احتضنت الحفل.
وأكّد البيان أن هذه الإجراءات تأتي “في إطار الحرص على حماية الذوق العام، والحفاظ على القيم المجتمعية والفنية في مصر”.

هل تتجه الأزمة نحو الحل؟
ورغم نبرة التصعيد الواضحة من الجانب المصري، فإن لهجة النقيب اللبناني بدت هادئة وداعية للحوار، ما يشير إلى احتمال وجود تحرّكات دبلوماسية نقابية لحل الخلاف بعيدًا عن التصعيد الإعلامي.
وبحسب مصادر فنية مطلعة، فإن الطرفين قد يلجآن إلى جلسة تفاهم مشتركة خلال الأيام المقبلة، بهدف توضيح الملابسات وتقديم الاعتذار أو التفسير المناسب لما جرى في الحفل، بما يُنهي الخلاف دون التصعيد.
الفن بين الحرية والانضباط
أعادت هذه الواقعة طرح سؤال حساس على الساحة الثقافية: إلى أي مدى يمكن للفنان أن يمارس حرية التعبير والتفاعل على المسرح دون تجاوز الخطوط الحمراء؟
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن ما حدث لا يخرج عن نطاق “التفاعل الفني الطبيعي مع الجمهور”، يرى آخرون أن التقاليد الاجتماعية والثقافية لكل بلد يجب أن تكون خطًا لا يُتجاوز مهما كانت شهرة الفنان أو مكانته.
في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات وتطورات الحوار بين النقابتين، تبقى هذه الواقعة بمثابة جرس إنذار للفنانين العرب بضرورة مراعاة الفروقات الثقافية عند أداء عروضهم في دول مختلفة، خاصة تلك التي تولي اهتمامًا خاصًا بالجوانب الاجتماعية والقيمية للفن.
بين النجومية والمسؤولية المهنية
راغب علامة، النجم اللبناني المعروف على مستوى العالم العربي، يتمتع بمسيرة فنية تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، جعلته أحد رموز الأغنية الرومانسية الحديثة، وصاحب جماهيرية ضخمة في مصر ولبنان وسائر الدول العربية. لذا، فإن قرار منعه من الغناء في مصر لم يكن قرارًا عاديًا، بل أثار حالة من الجدل والانقسام بين الجمهور والمختصين.
ففي حين يرى البعض أن السلوك الذي بدر منه خلال الحفل الأخير كان مجرد تفاعل تلقائي مع الجمهور، يعتقد آخرون أن الفنانين الكبار تقع على عاتقهم مسؤولية مضاعفة، باعتبارهم قدوة فنية وثقافية، خاصة حينما يعتلون مسارح بلدان لها تاريخ فني عريق كمصر.
ويرى مراقبون أن الأزمة الراهنة تسلط الضوء مجددًا على أهمية وجود مدونات سلوك فنية واضحة تنظم العلاقة بين الفنان والمجتمع، وتحدّد الحدود المقبولة ضمن السياقات الثقافية المتنوعة.
وفي هذا الإطار، تبدو مبادرة الحوار بين نقابتي مصر ولبنان بمثابة خطوة إيجابية، تؤكد أن الفن ليس فقط وسيلة للتسلية، بل مسؤولية مهنية وأخلاقية تتطلب توازناً بين التعبير الفني واحترام قيم المجتمع المستضيف.
