الإمارات – السابعة الإخبارية
الوقود.. في ظل تقلبات مستمرة تشهدها أسواق الطاقة العالمية، أعلنت لجنة متابعة أسعار الوقود في الإمارات، اليوم الخميس، عن التسعيرة الرسمية للمشتقات النفطية لشهر أغسطس/آب 2025.
وكشفت القائمة الجديدة عن انخفاض طفيف في أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة، مقابل ارتفاع واضح في سعر الديزل، ما يعكس طبيعة المرحلة الحالية التي تتسم بعدم الاستقرار في أسواق النفط.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تتأرجح فيه أسعار النفط عالميًا، بعد أن سجل خام برنت ارتفاعًا إلى نحو 75 دولارًا للبرميل خلال النصف الأول من يوليو/تموز، قبل أن يعود للتراجع إلى مستوى 67 دولارًا، مدفوعًا بعوامل متعددة أبرزها المستجدات الجيوسياسية وتغيرات العرض والطلب في السوق الدولية.

الوقود: الأسعار الرسمية لشهر أغسطس/آب 2025
وفقًا لما أعلنته اللجنة المختصة، جاءت أسعار الوقود في دولة الإمارات لشهر أغسطس على النحو التالي:
• بنزين سوبر 98: انخفض إلى 2.69 درهم للتر، مقارنة بـ2.70 درهم في يوليو.
• بنزين خصوصي 95: تراجع إلى 2.57 درهم للتر من 2.58 درهم.
• بنزين إي بلس 91: بلغ 2.50 درهم للتر، انخفاضًا طفيفًا من 2.51 درهم.
• الديزل: شهد ارتفاعًا إلى 2.78 درهم للتر، مقارنة بـ2.63 درهم في الشهر السابق.

آلية التسعير المرتبطة بالسوق العالمية
تأتي هذه التعديلات الدورية للأسعار ضمن آلية التسعير المرنة التي تطبقها دولة الإمارات منذ أغسطس/آب 2015، بعد قرار تحرير أسعار الوقود وربطها بشكل مباشر بمتوسط أسعار النفط العالمية. وتهدف هذه الآلية إلى تحقيق الشفافية والعدالة في التسعير، مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة التشغيل وهوامش الربح لشركات توزيع الوقود داخل الدولة.
وتتيح هذه الآلية للحكومة إمكانية التفاعل السريع مع تغيرات السوق، سواء كانت صعودًا أو هبوطًا، ما يضمن عدم تحميل المواطنين والمقيمين تكاليف غير مبررة، وفي الوقت نفسه يحفز على الاستخدام الرشيد للموارد.
السوق العالمي: عوامل ضاغطة وتحركات إنتاجية
يعكس التعديل في أسعار الوقود لشهر أغسطس التذبذب المستمر الذي تشهده أسواق النفط العالمية، لا سيما خلال يوليو/تموز، الذي شهد ارتفاعات بسبب المخاوف الجيوسياسية في بعض مناطق الإنتاج الرئيسية، ثم تراجعات نتيجة تحركات تحالف “أوبك+” تجاه زيادة تدريجية في الإنتاج.
وفي هذا السياق، قرر تحالف “أوبك+”، الذي يضم كبار منتجي النفط حول العالم، تنفيذ زيادة جديدة في إنتاج الخام بمقدار 548 ألف برميل يوميًا بدءًا من أغسطس، في إطار خطة طويلة الأمد لإعادة الكميات التي تم خفضها طوعًا منذ عام 2023، بسبب تباطؤ الطلب الناجم عن الأزمات الاقتصادية العالمية وجائحة كورونا سابقًا.
ويُشار إلى أن التحالف بدأ خطة الزيادة التدريجية للإنتاج في أبريل/نيسان الماضي بواقع 138 ألف برميل يوميًا، قبل أن ترتفع إلى 411 ألف برميل يوميًا في الأشهر الثلاثة التالية (مايو، يونيو، ويوليو). ومع بداية أغسطس، ترتفع الزيادة إلى أعلى مستوى ضمن هذه الخطة، في خطوة توحي بـ”تفاؤل حذر” بخصوص استقرار الأسواق وتعافي الطلب العالمي، خصوصًا في الاقتصادات الآسيوية الناشئة.
الاقتصاد المحلي والإشارات المتزامنة
في ذات الوقت، أعلن مصرف الإمارات المركزي إبقاء سعر الأساس عند 4.40%، ما يشير إلى استمرار التوجه النقدي الحذر، في ظل الضغوط التضخمية والتقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية، خصوصًا مع السياسات النقدية المشددة في عدد من الاقتصادات الكبرى.
أما على صعيد التجارة، فقد كشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن نمو التجارة غير النفطية للإمارات بنسبة 24%، مقارنة بنسبة نمو عالمية تبلغ 1.75% فقط، ما يعكس قوة الاقتصاد الإماراتي وتنوعه، وقدرته على التكيف مع التحديات.

ما بين الاستقرار والمرونة: سياسة تسعير متزنة
تمثل سياسة تسعير الوقود في الإمارات نموذجًا للتوازن بين حماية المستهلك من تقلبات الأسعار الحادة، وضمان كفاءة التشغيل والربحية لشركات التوزيع. كما أن الالتزام بتعديل الأسعار شهريًا وفق المعايير الدولية يسهم في تعزيز مصداقية السوق المحلية، ويؤكد على نهج الشفافية الذي تتبعه الدولة.
يبقى التعديل الشهري في أسعار الوقود انعكاسًا مباشرًا للتفاعل بين العوامل المحلية والعالمية المؤثرة على سوق الطاقة. وبين انخفاضات طفيفة في أسعار البنزين وارتفاع ملموس في الديزل، يبقى المواطن والمقيم في الإمارات متابعًا عن كثب لهذه التحركات التي تمس حياته اليومية، فيما تؤكد الدولة التزامها بنهج مرن يتعامل بحكمة مع أي متغيرات اقتصادية قادمة.