التقط “مسبار الأمل” سلسلة جديدة من البيانات لقمر المريخ الأصغر “ديموس”، باستخدام الأجهزة العلمية الثلاث للمسبار، وذلك خلال مروره لأقرب نقطة من القمر على مسافة تقارب 100 كيلومتر فقط، تعد الأقرب لمركبة فضائية منذ مهمة “فايكنغ” عام 1977.
وعرض الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل”، خلال جلسة خاصة في المؤتمر الدولي لعلوم الأرض في فيينا، جميع الصور والملاحظات والنتائج الجديدة التي تم اكتشافها عن تركيبة وهيكل القمر “ديموس”.
وتساهم البيانات التي تم اكتشافها لأول مرة، في تعميق فهم المجتمع العلمي العالمي للقمر ديموس، وإثرائهم بمعلومات وبيانات جديدة عنه، ما نتج عنه استبعاد أقدم النظريات، المشيرة إلى أن القمر يعتبر أصله كويكب تم جذبه إلى مدار الكوكب الأحمر.
وتشير البيانات الجديدة، إلى أنه من المرجح أن يكون القمر أصله من المريخ وليس كويكباً كما تم افتراضه سابقاً.
وتكشف الصور عالية الوضوح، الملتقطة خلال أقرب تحليق متكرر للقمر، الملاحظات الأولى على الإطلاق بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة والبعيدة، وأول بيانات فائقة الطيف عن “ديموس” بالأشعة تحت الحمراء الحرارية.
وكشفت الملاحظات لأول مرة، عن مناطق في الجانب البعيد من “ديموس” والتي لم تُرصد من الناحية التركيبية من قبل.
“توجد العديد من التساؤلات عن قمري المريخ ديموس وفوبوس؛ لذلك نسعى من خلال مسبار الأمل على الإجابة عن هذه التساؤلات بهدف الوصول إلى فهم أعمق عن كوكب المريخ وأقماره”.. بحسب حصة المطروشي، قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل”.
وأضافت المطروشي: “أنَّ كيفية ظهور القمرين في مدارهم الحالي يشكل محل دراسة، مما يؤكد أهمية المعلومات الجديدة وخاصةً عن ديموس، والتي ستسهم في تعزيز فهمنا لأصل وتكوين أقمار المريخ”.
وقالت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة الدولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء: “ساهم مسبار الأمل خلال السنوات الماضية في الكشف عن سلسلة من البيانات الفريدة والمهمة التي لم يتم رصدها من قبل مما يغير مفهومنا عن الكوكب الأحمر”.
وأضافت الأميري، أن آخر الاكتشافات المهمة تنفي إحدى النظريات القديمة وتثبت أن قمر المريخ الأصغر ديموس يعتبر من أصل كوكبي وليس كويكباً.
وأكدت وزيرة الدولة للتعليم، أن الفريق العلمي سيواصل دراسة قمر ديموس بشكل أعمق وأكبر، بهدف كشف المزيد من الملاحظات والبيانات عن القمر وتقديمها للمجتمع العلمي العالمي.
وتابعت: “في ظل النجاح الكبير لمسبار الأمل واستكمالاً للإنجازات العلمية، سيتم تمديد رحلة مسبار الأمل عاماً إضافيًا، بفضل ما يقدمه المشروع من ملاحظات مهمة عن الكوكب الأحمر”.
ورأى سالم بطي سالم القبيسي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، أن تمديد مهمة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، سيساهم على زيادة فرص التعاون والتوسع في الشراكات الاستراتيجية مع مختلف الجهات ومراكز البحث في الإمارات”.
وأشار إلى ذلك النهج، يتماشى مع رؤية الدولة الاستراتيجية للتطوير المستدام لقطاع الفضاء، ويضمن تعزيز القدرات الوطنية في هذا المجال وفقاً لأعلى المعايير العالمية، إلى جانب ترسيخ مكانة الدولة في هذا القطاع الرائد والحيوي”.
ما هو قمر ديموس؟
ويعد قمر ديموس الأقل رصداً وفهمًا بسبب صغر حجمه ودورانه في مدار أوسع كل 30 ساعة، على عكس قمر “فوبوس” الذي يتميز بحجمه الأكبر وقرب مداره من كوكب المريخ، ويعتبر الأكثر ملاءمة للاستشعار عن طريق المركبات الفضائية السابقة والتي يقع معظمها على ارتفاعات أقل من الكوكب.
انطلاق مسبار الأمل
وبدأت المراحل الأولى لتحليق مسبار الأمل بجوار قمر ديموس في نهاية يناير وبداية فبراير 2023؛ حيث تمت عمليات معايرة الأدوات لدعم الحصول على صور وملاحظات عالية الوضوح والدقة، بواسطة كاميرا الاستكشاف الرقمية (EXI)، والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء (EMIRS)، والمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية (EMUS).
ويدور “مسبار الأمل”، كما هو مخطط له، في مدار بيضاوي بين 20,000 و43,000 كم، مع ميلان نحو كوكب المريخ بزاوية 25 درجة، مع تغييرات طفيفة تسهم في دعم الملاحظات الإضافية عن قمر ديموس.
ويكمل المسبار دورة واحدة حول الكوكب كل 55 ساعة، حيث يسجل مجموعة متكاملة من البيانات لكوكب المريخ كل تسعة أيام في إطار مهمته لرسم خرائط للغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
ونشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل”، 13 ورقة علمية وبحثية عن بيانات المسبار، في مجلّات علمية متخصصة عالمية، وذلك منذ وصوله إلى مداره، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية هذه المعلومات للباحثين والعلماء حول العالم.
واستفاد الطلاب والباحثون الإماراتيون بشكل كبير من تلك البيانات في تعزيز بحوثهم المتخصصة ذات الصلة، حيث بلغ إجمالي حجم البيانات التي جمعها المسبار بفضل أجهزته الثلاثة حتى الآن أكثر من 2 تيرابيت.