لبنان – السابعة الاخبارية
إلسا زغيب، استطاعت الممثلة اللبنانية إلسا زغيب أن ترسّخ حضورها في المشهد الدرامي العربي بخطوات متأنية قائمة على النضج الفني والتنوّع في الأداء. في حوار صحفي فتحت زغيب قلبها وتحدثت عن أبرز محطات مسيرتها، من البدايات وحتى اليوم، كما شاركت مواقف وتجارب شكّلت ملامحها كممثلة وإنسانة.
ترى إلسا زغيب أن التطور في الأداء الفني لا ينفصل عن النمو الشخصي، معتبرة أن مرور الزمن يمنح الإنسان أدوات أعمق في فهم الشخصيات والتعبير عنها. تقول: “تتبدل مشاعر الإنسان وتتطور تصرفاته مع مرور الوقت. هذا النضج شكل نقطة تحوّل، إذ مكّنني من اكتساب مهارات جديدة على الصعيدين الشخصي والمهني”.
تضيف أن التمثيل مهنة تعتمد بشكل أساسي على المشاعر والقدرة على التعبير، وكل مرحلة من الحياة تتيح لها التعمق أكثر في الشخصيات التي تقدمها. وأشارت إلى أن أدوار البطولة التي حصلت عليها منذ بدايتها ساعدتها في بناء قاعدة جماهيرية، لكن النضج والتجربة أضفيا على أدائها بعدًا مختلفًا.
يورغو شلهوب… مصدر إلهام
كشفت زغيب أن الفنان اللبناني يورغو شلهوب كان من أكثر الشخصيات الفنية تأثيرًا في قرارها بدخول عالم التمثيل. تعود بالذاكرة إلى سنوات دراستها الجامعية وتقول: “كان يورغو شلهوب نجم الشاشة بلا منازع، خاصة في أعمال الكاتب الراحل مروان نجّار. كان حضوره طاغيًا وجاذبيته لافتة”.
تشير إلى أن شلهوب مثّل بالنسبة لها نموذجًا مثيرًا للإعجاب، ليس فقط من حيث الشكل الخارجي، بل أيضًا من حيث العمق في الأداء. ذلك الإعجاب كان الشرارة الأولى التي جعلتها تفكر في التمثيل كمجال مهني، لا مجرد شغف عابر.
مسار النجومية والاستمرارية
عندما سُئلت عن اللحظة التي شعرت فيها بأنها نجمة، رفضت فكرة النجومية كحالة فجائية أو حادثة مفصلية، وقالت إن النجومية الحقيقية لا تُبنى بين ليلة وضحاها، بل تُصنع من خلال التراكم والاستمرارية.
توضح: “النجومية من وجهة نظري ليست لحظة، بل مسيرة من الثبات، واختيارات دقيقة تترك أثرًا لدى الجمهور”.
وتشير إلى أن اختيار الأدوار بحذر وعدم اللهث وراء الشهرة الفارغة هو ما يضمن استمرارية الفنان ويكسبه احترام الجمهور.
عن الأعمال المشتركة والمعرّبة
أكدت زغيب أن تنوّع الأدوار التي قدمتها ساعد في ترشيحها لأعمال درامية خارج لبنان، خصوصًا في ظل ازدهار الإنتاجات المشتركة التي تهدف إلى تسويق الدراما عربيًا. لكنها انتقدت بعض شركات الإنتاج التي تحصر الفنان في نمط واحد من الشخصيات بمجرد نجاحه فيها.
تقول: “أرفض تكرار نفسي وأسعى إلى تقديم أدوار مختلفة تمامًا عن بعضها”.
أما عن الأعمال المعرّبة، فذكرت أن مشاركتها فيها كانت محدودة لأسباب شخصية وعائلية، مشيرة إلى أن السفر لفترات طويلة لا يناسب أسلوب حياتها كأمّ، وقد خاضت تجربة قصيرة في مسلسل “العميل”، حيث قدمت شخصية ظهرت في خمس حلقات فقط.
التميّز والهوية الفنية
تؤمن زغيب بأن التميّز الحقيقي للفنان لا يأتي من الشكل أو المظهر الخارجي، بل من البصمة التي يتركها في كل عمل، ومن قدرته على التعبير بصدق عن الشخصيات.
تقول: “ما يميزني أنني لم أغيّر شكلي الخارجي، وما زلت محافظة على ملامحي الطبيعية”. وتضيف أن الابتعاد عن عمليات التجميل المبالغ بها يساعدها في الحفاظ على هويتها التمثيلية، لأن التنوع في ملامح الوجه يسهم في أداء أدوار متعددة ومختلفة.
ترى أن التميّز في النهاية ليس قرارًا فرديًا، بل نتيجة تفاعل الجمهور مع صدق الفنان في تقديم الشخصية.
مراجعة ذاتية ونقد للأدوار
رغم النجاحات التي حققتها، لا تتوانى إلسا زغيب عن مراجعة أدوارها بعيون نقدية، وتقول إنها دائمًا ما تقيّم أعمالها بعد عرضها وتفكر في كيفية تطوير الأداء مستقبلاً.
وعن دور تمنّت لو قدمته بطريقة مختلفة، قالت: “في آخر أدواري بشخصية ‘ميرنا’ في مسلسل ‘نَفَس’، تمنّيت لو أُعطي النص مساحة أوسع لهذه الشخصية، خصوصًا من ناحية أبعادها النفسية والمرضية”.
وتضيف أن بعض تفاصيل الشخصية لم تُعرض بالشكل الكافي، ما جعل تصرفاتها تبدو غامضة أمام الجمهور، مؤكدة أن توسيع المساحة الدرامية كان سيجعل الدور أكثر تأثيرًا.
بين الفن والعائلة
تحدثت زغيب أيضًا عن التوازن بين حياتها المهنية ودورها كأمّ، مشيرة إلى أن هذا التوازن أحيانًا يفرض عليها بعض التنازلات المهنية. لكنها ترى أن العائلة تمنحها الاستقرار النفسي الذي ينعكس إيجابًا على أدائها الفني.
تشدد على أن النجاح المهني لا يجب أن يكون على حساب الأسرة، وأن كل فنان مسؤول عن اختياراته في هذا المجال.
وتضيف أنها راضية عن المسار الذي اختارته، لأنه منحها فرصة الحفاظ على علاقات أسرية صحية، وفي الوقت ذاته تطوير مسيرتها الفنية على مهل وبثبات.
نظرة مستقبلية
في ختام الحوار، عبّرت زغيب عن تفاؤلها بمستقبل الدراما اللبنانية والعربية، رغم التحديات الإنتاجية والاقتصادية التي تواجهها، وقالت إنها تسعى دائمًا إلى تقديم أدوار جديدة ومعقّدة تمثيليًا.
وترى أن الفنان الحقيقي لا يتوقّف عند النجاح، بل يبحث باستمرار عن التجدد والتجربة، حتى لو كانت خارج منطقة الراحة.
وتختم بالقول إن طموحها لا يقتصر على التمثيل فقط، بل يمتد إلى العمل في مجالات أخرى داخل الصناعة، مثل الكتابة أو الإخراج، إذا ما توفرت الفرصة المناسبة.