تركيا – السابعة الإخبارية
إليف كارا أرسلان.. في مشهدٍ غير متوقّع أعاد الجدل إلى الساحة الرياضية التركية، عادت الحكمة إليف كارا أرسلان إلى ملاعب كرة القدم، ولكن هذه المرة من بوابة بطولات الهواة، بعد سنوات من الغياب القسري الذي فُرض عليها في أعقاب فضيحة أخلاقية هزّت أركان التحكيم التركي.
هذه العودة التي رافقها حضور جماهيري لافت، عكست حجم التباين بين ما مرّت به أرسلان في الماضي القريب، وبين الدعم العاطفي الشعبي الذي وجدته فور ظهورها مجددًا على الساحة.
إليف كارا أرسلان: من القمة إلى القطيعة
إليف كارا أرسلان لم تكن حكمة عادية؛ فقد وصلت في فترة من مسيرتها إلى إدارة مباريات مهمة في الدوري التركي للمحترفين، قبل أن تنهار تلك المسيرة بشكل درامي. سبب السقوط كان انتشار مقطع فيديو وصف بـ”الفضيحة”، جمعها بمفتش الحكام الشهير أورهان إردمير، ما أدى حينها إلى إصدار قرار من اتحاد الكرة التركي بإيقافها عن التحكيم مدى الحياة.
القرار الذي أتى تحت ضغط الرأي العام وتداعيات المشهد الإعلامي، أطاح بمستقبل واعد لحكمة شابة بدأت حياتها الرياضية كلاعبة في صفوف نادي بشكتاش قبل أن تضطر للاعتزال مبكرًا بسبب إصابة قوية، وتنتقل إلى عالم التحكيم، الذي سرعان ما أصبحت فيه واحدة من الأسماء الصاعدة.

عودة من الباب الخلفي… وبالتحية الثلاثية
بعد سنوات من الصمت والابتعاد، ظهرت أرسلان مجددًا في إحدى مباريات بطولات الهواة، وسط استقبال جماهيري حار. لم تكن مجرد مشاركة في مباراة بسيطة، بل كانت عودة ذات طابع رمزي، حيث وثّقت اللحظة بمقطع فيديو نشرته على حسابها الرسمي في منصة “إنستغرام”.
وكتبت أرسلان تعليقًا مفعمًا بالعاطفة على الفيديو:
“قد أكون أول حكمة في العالم تلتقط صورة مع الجمهور بتحية ثلاثية، الحب الذي حظيت به لا يوصف. شكرًا لكل من وقف بجانبي في محنتي.”
المنشور حصد تفاعلاً واسعًا، ليس فقط من متابعيها ومحبيها، بل أيضًا من شريحة من الجمهور ترى أن العقوبة التي فُرضت عليها كانت قاسية، وأن من حقها نيل فرصة ثانية.
تساؤلات مستمرة حول مستقبلها
رغم الطابع العاطفي لعودتها، لم تغب التساؤلات الصعبة عن المشهد:
هل يمكن أن تعود إليف كارا أرسلان إلى ملاعب دوري المحترفين؟
وهل يملك اتحاد الكرة التركي آلية لمراجعة قرارات الإيقاف مدى الحياة؟
بل الأهم من ذلك، هل يقبل المجتمع الرياضي التركي، الذي لا يزال محافظًا نسبيًا، بإعادة دمج شخصية أثارت الكثير من الجدل في الماضي؟
بعض المحللين الرياضيين يرون أن عودة أرسلان -حتى وإن كانت في بطولات الهواة- تمثل اختبارًا حقيقيًا لمرونة المنظومة الرياضية في تركيا، فيما يذهب آخرون إلى أن مجرد وجودها مجددًا في الملاعب قد يفتح الباب أمام مراجعة طريقة معالجة قضايا الحكام بشكل عام، خاصةً عندما تختلط الجوانب المهنية بالشخصية أو الأخلاقية.
الإرادة الشخصية والانتصار على الإقصاء
ما لا يمكن إنكاره هو أن أرسلان أظهرت إرادة قوية في العودة، حتى من خارج الأطر الرسمية. ورغم أن الطريق أمامها للعودة إلى التحكيم في الدرجات العليا ما زال يبدو مغلقًا، إلا أن قدرتها على الوقوف من جديد بعد تلك الضربة العنيفة تُظهر جانبًا آخر من القصة، جانبًا يتعلّق بالتصميم، والرغبة في استعادة الذات.
مصادر قريبة من المشهد الرياضي التركي أشارت إلى أن بعض الأندية والروابط الرياضية تُجري مشاورات غير معلنة لبحث إمكانية منح أرسلان دورًا تدريبيًا أو إداريًا ضمن طواقم التحكيم، وذلك بعيدًا عن أي قرارات رسمية بإلغاء العقوبة المفروضة عليها.

ثنائية الغفران والمحاسبة
قضية إليف كارا أرسلان أعادت إلى الواجهة مسألة حساسة تتعلق بتوازن العدالة في الرياضة بين العقوبة المستحقة والحق في الحصول على فرصة ثانية. فبين من يرى أن العقوبة كانت رادعة ومبررة، ومن يعتبر أنها كانت مفرطة وقائمة على تشهير شخصي، تبرز الأسئلة الأخلاقية والمهنية التي لا تجد دائمًا إجابات موحدة.
هل من العدل أن يُلغى مستقبل رياضي بسبب خطأ شخصي مهما كان حجمه؟ وهل تختلف المعايير عندما تكون الشخصية المعنية امرأة في بيئة رياضية يهيمن عليها الرجال؟
أسئلة كثيرة، وعودة أرسلان أعادت إشعالها مجددًا.
في النهاية، سواء كانت هذه العودة بداية جديدة أو مجرد لحظة عاطفية عابرة، فإنها لا تخلو من الرسائل: عن المجتمع، والغفران، والعدالة، وعن الرياضة كمرآة تعكس التحديات الإنسانية بأوضح صورها. إليف كارا أرسلان، بحضورها في بطولات الهواة، فتحت فصلًا جديدًا — وإن كان غير رسمي — في قصة لم تُكتب نهايتها بعد.
