تركيا – السابعة الإخبارية
في مفاجأة غير متوقعة لعشاق الدراما التركية، أعلنت الشركة المنتجة لمسلسل “حب ودموع” (Aşk ve Gözyaşı) عن إيقاف عرضه نهائيًا بعد بث حلقته السابعة فقط، لتطوى صفحة عمل كان يُتوقع له أن يكون أحد أبرز إنتاجات الموسم، خصوصًا مع مشاركة نجمين كبيرين هما هاندا أرتشيل وباريش أردوتش في بطولته.
تراجع نسب المشاهدة وحسم القرار
بحسب ما نقلته وسائل إعلام تركية، جاء قرار الإيقاف من قبل قناة “إي تي في” (ATV) المنتجة والموزعة للمسلسل، بعد تراجع حاد في نسب المشاهدة خلال الأسابيع الأخيرة، رغم البداية القوية التي رافقتها حملة دعائية ضخمة سبقت العرض الأول.
وأوضحت التقارير أن القناة كانت تأمل في أن يحقق المسلسل نسب متابعة مرتفعة بفضل الشعبية الجارفة التي يتمتع بها بطلاه، لكن التوقعات لم تتحقق على أرض الواقع، إذ تراجعت نسب المتابعة تدريجيًا حتى وصلت إلى مستويات وصفت بأنها “دون المتوسط”، ما دفع الإدارة إلى اتخاذ قرار الإنهاء المبكر، لتجنب مزيد من الخسائر الإنتاجية.

أزمات داخل الكواليس
ولم تكن نسب المشاهدة وحدها السبب وراء الإيقاف، إذ كشفت صحف فنية تركية عن أزمات متتالية داخل الكواليس منذ الحلقات الأولى، كان أبرزها انسحاب الكاتبة ديلارا باموق بعد عرض الحلقة الثالثة، إثر خلافات حادة مع فريق الإنتاج حول سير الأحداث والتطورات الدرامية.
هذا الانسحاب أربك العمل بشدة، وأدى إلى تأجيل عمليات التصوير أكثر من مرة لإعادة كتابة السيناريو وتعديل بعض المشاهد الرئيسية. كما أشارت التقارير إلى أن محاولات الشركة المنتجة لإنقاذ المسلسل عبر إدخال تعديلات متكررة على النص واستبدال بعض العناصر الفنية لم تؤتِ ثمارها، حيث انعكس الارتباك بوضوح على جودة الحلقات الأخيرة.
توترات بين الأبطال ومحاولات إنقاذ فاشلة
ذكرت مصادر إعلامية أن كواليس العمل شهدت أيضًا توترات بين بعض أفراد الطاقم، بسبب ضغوط الوقت وكثرة التغييرات، إضافة إلى اختلاف في وجهات النظر الفنية بين فريق الإخراج والتمثيل حول طريقة تطوير الشخصيات.
ورغم محاولات القناة إنقاذ المشروع من خلال تقليص عدد الحلقات وتكثيف الأحداث لجذب المشاهدين، إلا أن النتائج لم تتحسن، لتُتخذ في النهاية الخطوة الحاسمة بإيقاف التصوير نهائيًا وإعلان الحلقة السابعة كحلقة ختامية.
قصة رومانسية لم تكتمل
تدور أحداث حب ودموع حول قصة الفتاة الأرستقراطية “ميرا” (تجسدها هاندا أرتشيل)، التي تقع في حب “سليم” (باريش أردوتش)، المحامي الذكي القادم من خلفية متواضعة.
وبين صراع الطبقات الاجتماعية وتراكم الأسرار القديمة، يتحول هذا الحب إلى علاقة معقدة تمزج بين العاطفة والألم، في مواجهة قسوة المجتمع والعوائق الطبقية التي تهدد استقرار العلاقة بين البطلين.
ورغم أن القصة بدت تقليدية في ظاهرها، فإن فريق الكتابة حاول تقديمها بنكهة جديدة تمزج بين الرومانسية والدراما الاجتماعية، غير أن ضعف الترابط بين الأحداث وتباطؤ الإيقاع جعلا الجمهور يشعر بالملل مع مرور الحلقات، وفق تعليقات كثير من المتابعين الأتراك.

ردود فعل الجمهور
على منصات التواصل الاجتماعي، انقسمت ردود الفعل بعد إعلان إيقاف المسلسل.
ففي حين عبّر بعض المشاهدين عن خيبة أملهم من النهاية المبكرة، معتبرين أن المسلسل كان بحاجة إلى فرصة أطول لتصحيح مساره، رأى آخرون أن القرار كان “صائبًا”، لأن العمل لم ينجح في تحقيق التوازن بين الأداء القوي والسيناريو المقنع.
وغرد أحد المستخدمين قائلاً:“توقف المسلسل يثبت أن شهرة الممثل لا تكفي لإنقاذ عمل ضعيف. القصة كانت جميلة في البداية، لكن التنفيذ لم يكن في المستوى المتوقع.”
في المقابل، دافع بعض المعجبين عن أبطال العمل، معتبرين أن المشكلة لم تكن في الأداء، بل في “التسرع في الكتابة وسوء إدارة الإنتاج”، مطالبين القناة بإعادة النظر في آلية اختيار النصوص للمواسم المقبلة.
هاندا أرتشيل بين النجاح والانتكاسة
تُعد هذه التجربة واحدة من أكثر المشاريع إثارة للجدل في مسيرة هاندا أرتشيل، التي حققت نجاحات كبيرة في أعمال سابقة مثل أنت أطرق بابي وفي الداخل.
ويرى بعض النقاد أن فشل حب ودموع لا يقلل من قيمتها كممثلة جماهيرية، لكنه يمثل جرس إنذار بضرورة التريث في اختيار النصوص المقبلة، خاصة بعد أن أصبحت من أبرز الوجوه النسائية في الدراما التركية الحديثة.
أما باريش أردوتش، فكان يعوّل على المسلسل لاستعادة بريقه بعد غيابه عن الأعمال الكبيرة في السنوات الأخيرة، إلا أن توقف العمل بهذه السرعة شكّل خيبة أمل لجمهوره أيضًا.

نهاية مبكرة وسؤال مفتوح
برحيل حب ودموع عن الشاشة بعد سبع حلقات فقط، تُضاف هذه التجربة إلى قائمة طويلة من الأعمال التركية التي لم تنجح في الصمود أمام المنافسة، رغم ما تمتلكه من أسماء لامعة وإنتاج ضخم.
ويبقى السؤال مطروحًا في الوسط الفني التركي: هل أصبح الاعتماد على النجوم وحدهم غير كافٍ لضمان نجاح أي عمل درامي؟
بينما يرى آخرون أن تشبع السوق التركية بالأعمال الرومانسية المتشابهة جعل الجمهور أكثر انتقائية وصعوبة في الإرضاء، ما يدفع صنّاع الدراما إلى ضرورة تقديم قصص أكثر واقعية وجرأة في الطرح.
ومهما كانت الأسباب، فإن نهاية حب ودموع المبكرة تعكس واقعًا جديدًا في صناعة الدراما التركية، حيث لا يضمن النجاح إلا العمل المتكامل الذي يجمع بين النص القوي، والرؤية الإخراجية الواضحة، والتنفيذ المتقن، بعيدًا عن بريق الأسماء وحده.
