أمريكا – السابعة الإخبارية
روبوتات .. في خطوة مثيرة للجدل وخلّاقة في الوقت ذاته، أعاد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك النقاش حول مستقبل العدالة الجنائية، مقترحًا استخدام روبوتات بشرية الشكل من طراز Optimus لمتابعة المجرمين بعد إدانتهم، بدلًا من وضعهم في السجون التقليدية. الفكرة، التي تم الإعلان عنها خلال الاجتماع السنوي لمساهمي شركة تسلا، اعتبرها ماسك “حلًا أكثر إنسانية وذكاءً لمواجهة الجريمة في المستقبل”.
كيف ستعمل الفكرة؟
وفقًا لما كشف عنه ماسك، فإن الروبوت Optimus سيصاحب الشخص المدان في كل مكان، ويعمل بمثابة كاميرا مراقبة متنقلة تمنع ارتكاب أي جرائم جديدة. وأوضح ماسك أن الروبوت سيكون مزودًا ببرمجيات تمنع السلوكيات الإجرامية، بينما يتيح للمدان أن يعيش باقي حياته بحرية نسبيًا، بعيدًا عن القيود المفرطة للسجن.
وقال ماسك:“إذا ارتكب أحدهم جريمة، يمكننا منحه روبوتاً يرافقه في كل تحركاته ليمنعه من ارتكاب الجريمة، دون الحاجة إلى وضعه في السجن. الروبوت سيحمي المجتمع ويتيح للفرد حياة شبه طبيعية.”

تحديات الفكرة وردود الفعل
ورغم الطابع الطموح للفكرة، أثارت المقترحات العديد من التساؤلات القانونية والأخلاقية والتقنية. فمن الناحية القانونية، كيف سيتم تحديد صلاحيات الروبوت في فرض قيود على حرية الحركة؟ ومن ناحية تقنية، هل ستكون الروبوتات موثوقة بما يكفي لتتبع المجرمين على مدار الساعة دون أي خطأ؟
كما يتساءل الخبراء عن التمويل والتكلفة المرتفعة لنشر هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، خاصة في البلدان ذات النظام القضائي الكبير وعدد السجناء المرتفع.
الأخلاقيات أيضًا تمثل تحديًا كبيرًا، إذ يثير البعض مخاوف تتعلق بالخصوصية وحرية الفرد وحقوق الإنسان، بينما يرى آخرون أن استخدام الروبوتات قد يقلل من الاكتظاظ في السجون ويوفر فرصًا أكبر لإعادة تأهيل المدانين بعيدًا عن العقاب التقليدي.
روبوت Optimus: من المصانع إلى القانون
مشروع Optimus أعلن عنه ماسك عام 2021، وقدمت تسلا نموذجًا أوليًا منه في 2022، ليكون روبوتًا بشري الشكل ثنائي القدمين قادرًا على أداء المهام الخطرة أو المملة أو المتكررة. يعتمد الروبوت على أنظمة توازن وملاحة ورؤية حاسوبية، مع القدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة، ما يجعله مؤهلاً للعديد من الاستخدامات، من المصانع إلى المجال الصحي، بل وحتى مراقبة السلوكيات البشرية في سياق العدالة الجنائية.
ولم تُطرح النسخة التجارية من الروبوت بعد، إلا أن تسلا تتوقع بدء الإنتاج العام المقبل في كاليفورنيا، مع وعود ماسك بأن هذا المشروع يمكن أن يكون “ثغرة مالية لانهائية”، قادرًا على رفع الإنتاجية الاقتصادية العالمية بمقدار عشرة أضعاف وربما أكثر عند انتشاره الكامل.
الروبوتات في الرعاية الصحية
لم تقتصر رؤية ماسك على مراقبة المجرمين، بل أكد أن Optimus قد يُحدث ثورة في قطاع الرعاية الصحية، بفضل دقة العمليات الجراحية التي قد تتجاوز قدرات البشر، وهو ما يفتح أبوابًا واسعة لتطبيقات مستقبلية متنوعة. وقد أشار ماسك إلى إمكانية دمج المشروع مع تقنية Neuralink، لتحميل نسخة تقريبية من وعي الإنسان إلى جسد روبوت Optimus، وهو ما قد يصبح ممكنًا خلال أقل من 20 عامًا، وفق تصريحاته.

مستقبل العدالة الجنائية
الفكرة التي طرحها ماسك تُعيد النقاش حول مستقبل العدالة الجنائية من منظور تقني بحت. استخدام الروبوتات لمراقبة المجرمين يعكس توجّهًا جديدًا نحو إعادة التفكير في العقوبة والتأهيل، بعيدًا عن العقوبات التقليدية والسجون المكتظة. كما أن الروبوت قد يوفر للمجتمع أمانًا مستمرًا، بينما يسمح للمدانين بالاحتفاظ ببعض حريتهم، وهو ما لم يكن ممكنًا من قبل.
الجدل بين التقنية والأخلاق
رغم الطموح الكبير، يبقى السؤال: هل يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل الأنظمة القضائية التقليدية؟ وهل يمكن لمجتمع أن يقبل مراقبة مستمرة بواسطة روبوتات؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكّل تحديًا أخلاقيًا كبيرًا، يتطلب من الباحثين، وصانعي السياسات، والمجتمع ككل، التفكير مليًا قبل تطبيق مثل هذه المشاريع على نطاق واسع.
خلاصة
اقتراح ماسك يمثل خطوة غير مسبوقة في المزج بين التكنولوجيا والعدالة، ويطرح تصورًا جديدًا لكيفية مواجهة الجريمة مستقبلًا. بين الطموح التقني، والآثار الاجتماعية، والتحديات الأخلاقية، يبقى العالم على موعد مع نقاش طويل حول ما إذا كانت الروبوتات ستكون يومًا بديلًا عمليًا للسجون، أم أنها ستظل مجرد فكرة مستقبلية مثيرة للجدل.

