جميرا – السابعة الاخبارية
اقتحام موقع، في واقعة غير مألوفة على بيئة الأعمال في إمارة دبي المعروفة بانضباطها وصرامة قوانينها، شهد أحد المواقع الإنشائية في منطقة قرية جميرا حادثة اقتحام موقع إنشائي واعتداء وصفت بأنها “بالغة الخطورة”، أثارت قلقًا واسعًا في الأوساط العقارية والهندسية، مع تحذيرات من تداعيات محتملة على سمعة السوق العقاري في الإمارة.
الحادثة وقعت على خلفية نزاع مالي وهندسي معقّد بين شركة مقاولات إماراتية–مصرية، ومستثمر أجنبي يحمل الجنسية الأوكرانية، يدير شركة عقارية تنشط في دبي، وقد تطور الخلاف بشكل غير مسبوق إلى اقتحام مسلح للموقع فجراً، ووقوع اشتباكات واعتداءات جسدية.
اقتحام موقع إنشائي في دبي: هجوم فجري واشتباك بالأيدي داخل موقع تحت الإنشاء
حسب روايات شهود عيان من العاملين بالموقع، وقعت الحادثة عند الساعة الرابعة فجراً، حين تسللت مجموعة مكونة من عدة رجال، يوصفون بأنهم “ذوو بنية جسدية قوية”، واقتحموا الموقع الإنشائي التابع للمشروع العقاري تحت التنفيذ، دون سابق إنذار.
المجموعة، التي كانت تهدف – بحسب شهود – إلى السيطرة على المشروع والمعدات ومكاتب الشركة المنفذة، اشتبكت مباشرة مع عدد من الموظفين وعمال المقاول. الاشتباك أسفر عن وقوع إصابات متفاوتة، تم توثيقها طبيًا، وتحويل بعضها للعلاج الطارئ، كما تم تحرير محضر رسمي بالواقعة لدى الجهات المعنية.
وتقول الشركة المتضررة إن المجموعة لم تكتفِ بالاقتحام، بل عمدت إلى كسر البوابات الرئيسية للموقع، وتعطيل كاميرات المراقبة بالكامل قبل تنفيذ الاعتداء، في محاولة واضحة لإخفاء الأدلة وتضليل التحقيق.
شركة المقاولات تطالب بتدخل عاجل من السلطات
من جانبها، طالبت الشركة الإماراتية–المصرية المنفذة للمشروع، وتحمل اسم “CGS”، الجهات الأمنية والقضائية في دبي بسرعة التدخل الحاسم لوقف هذا النوع من التعديات التي قد تفتح الباب أمام أنماط جديدة من التصفية غير القانونية للنزاعات في سوق البناء والتشييد، خاصة أن مشروعها لا يزال قيد التنفيذ، ويخضع لإجراءات التعاقد القانونية.
وأكد ممثلو الشركة في بيان موجه إلى السلطات أن الحادثة تهدد سلامة العاملين، واستقرار السوق العقاري، وتشكّل خرقًا فاضحًا لقوانين حماية المشاريع قيد الإنشاء، محذّرين من تكرار هذه السيناريوهات في ظل غياب المحاسبة السريعة.
خلاف هندسي ومالي يتطور إلى صدام ميداني
وتعود تفاصيل الأزمة إلى نزاع مالي وهندسي مزمن بين الشركة المنفذة والمستثمر الأوكراني المعروف بالأحرف الأولى “س.ف”، الذي يدير شركة عقارية تُدعى “بك سميت”، دخلت في شراكة على المشروع محل النزاع، ثم نشبت خلافات حول الجوانب الفنية للمخطط، ومستحقات مالية متبادلة.
وبدلًا من اللجوء إلى المسارات القانونية المعتادة عبر التحكيم أو القضاء، قرر الطرف الأجنبي – وفقًا للرواية المتداولة – اتخاذ إجراءات تصعيدية، عبر تنظيم الاقتحام بهدف السيطرة الفعلية على المشروع، وهو ما يراه مراقبون تحولًا خطيرًا في إدارة النزاعات العقارية.
إغلاق مؤقت للموقع وتحقيقات مكثفة من شرطة دبي
عقب الحادثة، أغلقت شرطة دبي الموقع الإنشائي بشكل مؤقت لحين استكمال التحقيقات الجنائية، وأطلقت فرقها القانونية لمراجعة الوثائق والعقود، وسجلات كاميرات المراقبة التي تم تعطيلها عمدًا من قبل المقتحمين، في حين تم استدعاء عدة أطراف للتحقيق، من ضمنهم مسؤولون إداريون وممثلون عن الشركات المتنازعة.
وتهدف الشرطة إلى التحقق من وجود ترخيص أو غطاء قانوني لتحرك المجموعة المقتحمة، والتحقق من حقيقة دور الشخصيات ذات الخلفيات القانونية المتورطة، خاصة مع ورود تقارير تفيد باستخدام خطابات رسمية مزورة كغطاء للاقتحام.
ردود فعل حذرة من العاملين بالقطاع العقاري في دبي
أثارت الواقعة حالة من القلق والصدمة داخل أوساط المطورين والمستثمرين العقاريين في الإمارة، إذ تُعد دبي واحدة من أكثر الأسواق استقرارًا وتماسكًا في قوانين البناء والاستثمار العقاري على مستوى الشرق الأوسط.
وحذّر عدد من المتابعين من أن مثل هذه الأحداث، وإن بدت فردية، إلا أنها قد تُستخدم كمؤشر سلبي على بيئة العمل إذا لم يتم التعامل معها بحسم وسرعة من قبل الجهات المعنية، مشددين على أهمية حماية المشروعات العقارية من التدخلات غير القانونية أو العنف الميداني تحت أي ذريعة.
دعوات لمراجعة آليات تسوية النزاعات العقارية
في ضوء ما حدث، ارتفعت الدعوات إلى تعزيز آليات تسوية النزاعات العقارية في دبي، ومنح صلاحيات أوسع للجهات التنظيمية للفصل السريع في النزاعات الفنية والمالية، قبل أن تتحول إلى مواجهات على الأرض.
كما طالب خبراء قانونيون بضرورة مراقبة النفوذ السابق لبعض الشخصيات القانونية التي قد تستغل مناصبها السابقة للتدخل غير المشروع في السوق العقاري، مما قد يُضعف من هيبة القانون ويشجع على تكرار مثل هذه الانتهاكات.
خسائر جسيمة وتأثيرات مستقبلية محتملة
تشير التقديرات الأولية إلى أن المشروع تعرّض لخسائر مادية جسيمة نتيجة توقف الأعمال، وإصابة عدد من العمال، وتعطيل المعدات والمواد الإنشائية. كما أن الأضرار المعنوية على سمعة الشركة المنفذة تُعد من الجوانب الأكثر تأثيرًا، خاصة في ظل صمت بعض الجهات التنظيمية المعنية حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، تخشى أطراف أخرى عاملة في القطاع أن يؤثر استمرار هذه الأزمة دون حلول واضحة على ثقة المستثمر الأجنبي والمحلي، خاصة في ظل التنافس الإقليمي القوي بين مراكز الاستثمار العقاري الكبرى.
حادثة فردية أم مؤشر خطر؟
في النهاية، تبقى التساؤلات مفتوحة هل تمثل هذه الحادثة مجرد واقعة استثنائية معزولة؟ أم أنها تُنذر بوجود ثغرات حقيقية في منظومة فضّ النزاعات العقارية في دبي، وتستدعي تدخلًا مؤسسيًا سريعًا؟
ما هو مؤكد حتى اللحظة، أن الحادثة لامست خطًا أحمرًا في بيئة الاستثمار العقاري بالإمارة، وأن التعامل معها سيُعد اختبارًا حاسمًا لقدرة النظام القضائي والتنظيمي في حماية المشاريع، وردع أي محاولة لاستخدام القوة والعنف لتحقيق مكاسب تجارية أو مالية.