اليابان – السابعة الإخبارية
في إنجاز علمي لافت، توصل فريق من الباحثين اليابانيين إلى رابط مباشر بين البلعوم وأعراض “كورونا طويل الأمد”، وهي الحالة التي يعاني فيها بعض المتعافين من فيروس كورونا من أعراض مستمرة لأكثر من ثلاثة أشهر بعد التعافي من العدوى الأولية.
وبحسب تقرير نشره موقع Medical Xpress، فإن الدراسة التي أجراها مركز أبحاث طب الفم بكلية فوكوكا لطب الأسنان، كشفت عن وجود بقايا من الحمض النووي الريبوزي (RNA) لفيروس كورونا في منطقة البلعوم، ما يؤدي إلى نشاط مناعي مزمن ومؤلم قد يكون هو السبب وراء استمرار الأعراض لعدة أشهر.
تقنية حديثة ترسم خريطة البلعوم بدقة غير مسبوقة
اعتمد الباحثون على تقنية متطورة تعرف باسم Visium HD spatial transcriptomics، وهي أداة متقدمة لرسم خرائط التعبير الجيني المكاني بدقة عالية. وبهذا، أصبحت هذه الدراسة أول تحليل في العالم يقدم خريطة جينية دقيقة للبلعوم لدى مرضى كورونا طويل الأمد.
وكشفت التقنية عن أن الحمض النووي الريبوزي الفيروسي المتبقي في البلعوم لا يُعد مجرد بقايا خاملة، بل يعمل على تحفيز استجابات مناعية محلية، من خلال الخلايا البائية والخلايا الشجيرية والخلايا الظهارية الهدبية، ما يساهم في ظهور أعراض مستمرة مثل:
التعب والإرهاق
السعال المزمن
الدوار
مشاكل في التركيز والإدراك
البلعوم: مركز مخفي للالتهاب المناعي المزمن
يُعد البلعوم من المواقع الرئيسية لعدوى الجهاز التنفسي العلوي، لكن موقعه التشريحي يجعله صعب الوصول بالتقييمات الروتينية.
وقد بيّنت الدراسة أن الالتهاب المزمن في البلعوم قد يستمر لأشهر بعد الإصابة الأولى، بسبب النشاط المناعي الناتج عن الحمض النووي الفيروسي المتبقي.
علاج ياباني تقليدي يظهر نتائج واعدة
وفي خطوة علاجية مبتكرة، استعان الفريق الياباني بعلاج يُعرف باسم “EAT” أو العلاج الكاشط للبلعوم، وهو علاج معروف في طب الأنف والأذن والحنجرة في اليابان منذ ستينيات القرن الماضي.
ويتضمن هذا العلاج مسح البلعوم بمحلول كلوريد الزنك بتركيز 1%، بواقع جلسة واحدة أسبوعيًا.
وأظهرت النتائج أن المرضى الذين خضعوا للعلاج لمدة ثلاثة أشهر سجّلوا تحسنًا ملحوظًا في الأعراض، إلى جانب انخفاض واضح في مستويات الحمض النووي الريبوزي الفيروسي، وانخفاض الاستجابات الالتهابية، من خلال تقليل التعبير عن السيتوكينات الالتهابية والجينات المرتبطة بالأجسام المضادة.
نقلة نوعية في فهم ومعالجة كورونا طويل الأمد
تشكل هذه الدراسة نقطة تحول في فهم الأسباب الخفية وراء استمرار أعراض “كورونا طويل الأمد”، وتفتح الباب أمام تدخلات علاجية جديدة تستهدف البلعوم مباشرة. كما تبرز أهمية تقنيات الجيل القادم في كشف مناطق قد تكون مهملة في التشخيص التقليدي.
وقد يكون علاج “EAT” التقليدي، عندما يُدمج مع التطورات الحديثة، حلاً واعدًا لملايين المرضى حول العالم الذين لا يزالون يعانون من آثار ما بعد كورونا.