الدوحة، محمد الصو – السابعة الاخبارية
الإمارات، عاشت الجماهير العربية أمسية كروية لا تُنسى، بعدما حسم منتخب الإمارات تأهله إلى نصف نهائي كأس العرب عقب فوز مثير على منتخب الجزائر بركلات الترجيح بنتيجة 7-6، في مباراة حبست الأنفاس حتى اللحظات الأخيرة.
المباراة التي جرت بأجواء تنافسية شديدة وحضور جماهيري كبير، قدّمت كل عناصر الإثارة: أهداف، شد أعصاب، تألق، ودراما كروية من النوع الذي يصنع التاريخ ويصنع الأبطال.
لكن العنوان الأكبر لهذا اللقاء كان دون شك:
تألق الحارس الإماراتي حامد المقبالي… الذي تحوّل إلى بطل قومي في ليلة واحدة.
الإمارات وبداية حذرة وصراع تكتيكي عالي المستوى
دخل المنتخبان المباراة بثقة كبيرة، خاصة بعد العروض القوية التي قدماها في دور المجموعات. ومع انطلاق المباراة، اتضح أن الصراع سيكون شرساً في وسط الملعب، رغم تحفظ كلا الطرفين في الدقائق الأولى.
المنتخب الإماراتي لعب بتنظيم دفاعي محكم وبخطوط متماسكة، مع الاعتماد على التحولات السريعة عبر الأطراف. في المقابل، اعتمد المنتخب الجزائري على الضغط العالي ومحاولات الاختراق من العمق باستخدام مهارات لاعبيه، ما جعل الشوط الأول متقارباً ومتوازناً إلى حد كبير.
ومع مرور الوقت، بدأت الندية ترتفع، وبدأ كل فريق يقترب أكثر من المرمى، لكن دون أهداف، بفضل تركيز دفاع الإمارات وبراعة المقبالي الذي كان يعلن من اللحظة الأولى أنه سيكون أحد نجوم الليلة.

الشوط الثاني… فرص ضائعة وقلوب معلّقة
مع بداية الشوط الثاني، ازدادت سرعة المباراة، وبدأت الهجمات تتوالى من الجانبين. كادت الإمارات أن تتقدم عبر كرة قوية تصدى لها الحارس الجزائري ببراعة، بينما ردت الجزائر بتسديدة خطيرة مرت بجوار القائم.
الإمارات اعتمدت على السيطرة الهادئة والحفاظ على إيقاع ثابت، فيما لجأت الجزائر إلى الضغط في الثلث الأخير من الملعب، الأمر الذي وضع الدفاع الإماراتي في حالة تركيز قصوى.
ومع كل فرصة جزائرية كانت الأنظار تتجه مباشرة نحو المقبالي، الذي تصدى لكرة تلو الأخرى بثبات كبير أعطى زملاءه الثقة، وأربك المهاجمين الجزائريين.
وقبل نهاية الوقت الأصلي بدقائق، سنحت فرصة ذهبية للجزائر، لكن المقبالي أبعد الكرة برودة أعصاب تُدرّس، ليأخذ المباراة إلى الوقت الإضافي وسط حالة من التوتر الجماهيري وكأن الجميع يترقب لحظة الحسم.
الوقت الإضافي… الإرهاق يظهر والبطل يواصل التألق
دخل الفريقان الوقت الإضافي بحذر شديد نتيجة الإرهاق البدني والضغط النفسي. ظهرت المساحات أكثر، لكن دقة اللمسة الأخيرة اختفت بسبب التوتر الواضح لدى اللاعبين.
الجزائر حاولت التسجيل بعد هجمة منظمة انتهت بتسديدة قوية، لكن المقبالي كان في الموعد مجدداً. وردّ المنتخب الإماراتي بهجمة مرتدة سريعة كادت أن تغيّر التاريخ، لولا تدخل الدفاع الجزائري في اللحظة الأخيرة.
انتهى الوقت الإضافي كما بدأ، لتتجه الأنظار إلى الركلات الترجيحية، اللحظة التي تفصل بين الفرح والحزن، بين الاحتفال والانكسار.
ركلات الترجيح… الإمارات تصنع المجد بفضل اليد الذهبية للمقبالي
بدأت الأمسية تدخل مرحلة الأعصاب الحقيقية. سددت الإمارات أولاً بثقة وسجلت، وردت الجزائر بالمثل. وبعد ثلاث ركلات ناجحة من الفريقين، بدأت الجماهير تشعر بأن الحسم قد يستغرق وقتاً طويلاً.
وبالفعل، استمرت الدقة من الطرفين حتى الركلة السادسة، حين تقدمت الجزائر لتنفيذ كرة قد تكون حاسمة، وهنا ظهرت اللحظة التي صنعت الفارق:
حامد المقبالي يطير نحو الزاوية اليسرى ويتصدى للكرة في لقطة ستظل خالدة في تاريخ الكرة الإماراتية.
تحولت المدرجات البيضاء إلى بركان من الفرح، وبدأ اللاعبون يحتضنون المقبالي الذي أعاد الأمل بيمناه الذهبية.
جاءت الركلة السابعة للإمارات، وسدد اللاعب الكرة بثقة نحو الشباك، ليعلن الحكم تأهل الإمارات إلى نصف النهائي بعد سلسلة مرهقة من الركلات انتهت بـ 7-6.
المقبالي… من حارس مرمى إلى بطل الأمة
ما قدّمه المقبالي في هذه المباراة ليس مجرد أداء دفاعي متقن، بل بطولة كاملة. فقد تصدى لأكثر من أربع كرات خطيرة طوال المباراة، بالإضافة إلى ركلة الجزاء الحاسمة.
جماهير الإمارات احتفت به عبر منصات التواصل، واعتبره البعض سبب التأهل الأول، بينما وصفه آخرون بأنه “أسد العرين” و“سور الإمارات المنيع” و“المفاجأة الجميلة في البطولة”.
وبلا شك، فإن هذا الأداء سيُسجَّل ضمن أفضل المباريات في مسيرته، وقد يصبح نقطة التحوّل التي تضعه على خارطة أبرز حراس العرب في السنوات المقبلة.
موعد ناري في نصف النهائي… الإمارات vs المغرب
بعد هذا الفوز المثير، يضرب منتخب الإمارات موعدًا مع منتخب المغرب في نصف النهائي، في مواجهة لن تكون سهلة على الإطلاق، نظرًا لقوة المغرب الفنية وتاريخها الكبير في المسابقات العربية.
لكن المنتخب الإماراتي يدخل المباراة القادمة بمعنويات عالية، وبحالة فنية متماسكة، وبثقة اكتسبها من مباراته الصعبة أمام الجزائر. كما أن تألق المقبالي سيمنح الدفاع الإماراتي دعماً كبيراً، بينما سيعتمد الهجوم على استغلال المساحات والسرعة.
الجماهير الإماراتية بدأت بالفعل في التحضير للمباراة القادمة، وسط آمال عالية في رؤية الأبيض يصل إلى النهائي بعد رحلة قتال وشجاعة أظهرتها المجموعة.

خاتمة… ليلة خُلدت في الذاكرة
فوز الإمارات على الجزائر بركلات الترجيح لم يكن مجرد تأهل، بل كان درسًا في الروح القتالية والثبات والتركيز. مباراة حملت كل عناصر المتعة والإثارة، وجعلت من المقبالي نجمًا فوق العادة، ومن المنتخب الإماراتي فريقًا صلبًا لا يستسلم للضغوط.
الآن، تنتظر الإمارات مواجهة قوية أمام المغرب، والجمهور يحلم بالذهب… ومع هذا الأداء، لا شيء مستحيل.
