الإمارات – السابعة الإخبارية
رسخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كأحد أبرز المراكز العالمية للابتكار التكنولوجي، بعد أن تجاوز إجمالي استثماراتها الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي منذ عام 2024 وحتى الآن 543 مليار درهم، في خطوة تعكس الرؤية المستقبلية للدولة وقدرتها على قيادة التحول الرقمي العالمي.
وتأتي هذه الأرقام القياسية لتؤكد أن الإمارات لم تعد مجرد مستخدم للتقنيات الحديثة، بل مُنتجاً ومصدّراً للابتكار الرقمي، من خلال مشاريعها الوطنية العملاقة وشراكاتها مع كبريات الشركات العالمية في مجالات الحوسبة السحابية والتقنيات المتقدمة.

مشروع “ستارجيت الإمارات”: بوابة المستقبل الرقمي
يشكل مشروع “ستارجيت الإمارات” العمود الفقري لاستراتيجية الدولة في الذكاء الاصطناعي، حيث تم تخصيص 100 مليار درهملتنفيذه، ليكون أضخم تجمع حوسبي في المنطقة.
ويهدف المشروع إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة عالية الأداء، مع تقليل زمن معالجة البيانات بشكل كبير، مما يتيح تطوير حلول ذكاء اصطناعي تلبي احتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة في مختلف القطاعات.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي بقدرة 200 ميغاوات بحلول عام 2026، ليشكل نقلة نوعية في قدرات الإمارات على المنافسة في اقتصاد البيانات العالمي.
بنية تحتية سحابية باستثمارات دولية ضخمة
وفي سياق متصل، عززت الإمارات شراكاتها مع عمالقة التكنولوجيا العالميين، إذ أعلنت شركة مايكروسوفت عن استثمارات بقيمة 17 مليار دولار خلال الفترة من 2023 إلى 2027، تشمل تطوير مراكز بيانات ضخمة وتدريب الكوادر الوطنية في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
كما استثمرت شركة KKR العالمية ما يقارب 5 مليارات دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل الدولة، ما يعكس ثقة المستثمرين الدوليين بقدرة الإمارات على احتضان الابتكارات التقنية المستقبلية، وتحويلها إلى قيمة اقتصادية مضافة على المستويين المحلي والعالمي.

كفاءات رقمية في صدارة العالم
أحد أبرز عناصر تفوق الإمارات في هذا المجال هو تأهيل الكوادر الوطنية، إذ ارتفع عدد المبرمجين في الدولة إلى أكثر من 450 ألف مبرمج، لتحتل الإمارات المرتبة الثالثة عالميًا من حيث نسبة العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بعدد السكان، وفقًا لتقرير لينكد إن بالتعاون مع جامعة ستانفورد لعام 2023.
ويعكس هذا النمو الكبير مدى نضج البيئة التعليمية والتدريبية التقنية في الدولة، التي تستثمر بشكل متواصل في بناء المهارات الرقمية عبر برامج مثل “مليون مبرمج عربي” و“أكاديمية الذكاء الاصطناعي” التي أطلقتها جامعة محمد بن زايد.
الإمارات ضمن أفضل عشر دول رقمية في العالم
في إنجاز جديد، احتلت الإمارات المرتبة التاسعة عالميًا في تقرير التنافسية الرقمية العالمية 2025 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في لوزان – سويسرا، محافظةً على الصدارة الإقليمية ومتقدمةً على العديد من الاقتصادات الكبرى مثل اليابان وكندا.
ويُعد هذا التقدم ثمرة جهود مستمرة في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتحسين كفاءة الحوكمة الإلكترونية، وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية الذكية التي تغطي أكثر من 98% من المعاملات الرسمية في الدولة.
الذكاء الاصطناعي المسؤول: نهج إماراتي رائد
وفي فبراير الماضي، أطلقت مجموعة “جي 42” بالتعاون مع مايكروسوفت مبادرة “مؤسسة الذكاء الاصطناعي المسؤول”، وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز مبادئ الحوكمة الأخلاقية في تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتركز المؤسسة على ضمان الشفافية والمساءلة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ووضع معايير واضحة تضمن العدالة وعدم التحيّزفي الأنظمة الذكية، بما يتوافق مع قيم المجتمع الإماراتي ونهجه الإنساني.

استراتيجية رقمية حكومية رائدة
في إطار التحول الحكومي الشامل، أطلقت حكومة أبوظبي استراتيجية الحكومة الرقمية 2025-2027 بميزانية تبلغ 13 مليار درهم، تهدف إلى تحقيق الريادة العالمية في الخدمات الحكومية الذكية.
وتتضمن الاستراتيجية مبادرات كبرى مثل “الذكاء الاصطناعي للجميع”، الذي يسعى إلى أتمتة الخدمات الحكومية بالكامل، وجعل كل معاملة تتم إلكترونيًا دون الحاجة إلى التدخل البشري.
“كي 2 ثينك”: إنجاز علمي إماراتي متفوق
وفي إنجاز بحثي غير مسبوق، أعلن معهد النماذج التأسيسية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع مجموعة جي 42، عن إطلاق نموذج “كي 2 ثينك – K2 Think” المفتوح المصدر، والذي يمثل قفزة نوعية في مجال الاستدلال الذكي.
ويعتمد النموذج على 32 مليار معامل فقط، ويتفوّق في كفاءته على النماذج الأضخم منه بمعدل 20 مرة، ما يجعله أحد أكثر النماذج فاعلية من حيث السرعة واستهلاك الطاقة والدقة التحليلية.
ويُتوقع أن يكون هذا النموذج نواة لتطوير تطبيقات صناعية وتعليمية وطبية تعتمد على الذكاء الاصطناعي المتقدم في المنطقة والعالم.
تؤكد هذه الإنجازات أن الإمارات لا تكتفي بالمشاركة في الثورة التكنولوجية العالمية، بل تقودها بخطى واثقة ورؤية استراتيجية شاملة.
فمن خلال استثماراتها الضخمة، وشراكاتها الدولية، وبناء قدراتها الوطنية، تواصل الدولة ترسيخ موقعها كـ مركز عالمي للذكاء الاصطناعي والابتكار المستدام، لتصبح نموذجًا يحتذى به في التحول الرقمي المسؤول وصناعة المستقبل.
