الإمارات – السابعة الإخبارية
في خطوة تعكس التزام دولة الإمارات الراسخ بحماية الأطفال، وتأكيدها على أولوية البيئة التعليمية الآمنة، أطلقت الجهات المختصة سلسلة من الأطر القانونية والسياسات الوطنية الرادعة للحد من العنف المدرسي والتنمر، سواء داخل المؤسسات التعليمية الحكومية أو الخاصة.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار توجه وطني شامل يهدف إلى حماية الطلبة نفسيًا وجسديًا، وتحقيق بيئة تعليمية قائمة على الاحترام، والعدالة، والكرامة الإنسانية، بما يتماشى مع المعايير الدولية واتفاقيات حقوق الطفل.
إطار قانوني متكامل لحماية الطلبة
المستشار القانوني معتز فانوس أكد أن الإمارات تمتلك اليوم منظومة قانونية متقدمة تهدف إلى صون كرامة الطالب ومنع أي مظهر من مظاهر الإساءة أو الإهمال، مشيرًا إلى أن التشريعات الإماراتية تعتبر الطفل داخل المدرسة مسؤولية جماعية تقع على عاتق المؤسسة والمعلمين والإداريين على حد سواء.
وقال فانوس:”تم تفعيل السياسة الوطنية لحماية الطفل داخل المؤسسات التعليمية، والتي تُلزم كل مدرسة بتعيين منسق لحماية الطفل، وبتوفير آليات واضحة للإبلاغ عن أي تجاوزات، سواء عبر أرقام الطوارئ التابعة لوزارة الداخلية، أو الخط الساخن لوزارة التربية والتعليم”.
وأضاف أن القوانين الناظمة، وعلى رأسها مرسوم قانون اتحادي رقم 18 لسنة 2020 بشأن التعليم الخاص، وقانون وديمة لحماية الطفل، تمنح السلطات صلاحيات واسعة لمساءلة المدارس والعاملين فيها عند ثبوت أي مخالفة تمس حقوق الطلبة أو سلامتهم.
غرامات تصل لمليون درهم.. والسجن في الحالات الجسيمة
ووفقًا للمستشار القانوني، فإن العقوبات التي يمكن فرضها في حالات العنف المدرسي أو التنمر ليست شكلية أو رمزية، بل هي عقوبات صارمة تمتد من الإنذارات والغرامات المالية التي تبدأ من 10 آلاف درهم وتصل إلى مليون درهم، وصولًا إلى إغلاق المدرسة بشكل فوري في الحالات التي يتم فيها إثبات وجود انتهاكات جسيمة.
وأوضح فانوس أن بعض الحالات قد يُحال فيها المتورطون إلى المساءلة الجنائية، مشيرًا إلى أن:”العقوبات قد تصل إلى السجن لمدة عام كامل في حال ثبوت الإساءة الجسدية أو النفسية أو الجنسية ضد الطلاب”.
كما أشار إلى أن العقوبات لا تطال المؤسسة التعليمية فقط، بل تمتد إلى المعلمين، المشرفين، والإداريين في حال ثبت تورطهم في سلوكيات مثل:
العقاب البدني
الإهانة أو التحقير
الحرمان من الطعام
منع الطلاب من استخدام المرافق الأساسية (كالحمامات أو المياه)
الإهمال المتعمد أو التمييز بين الطلبة

حماية نفسية.. وليست قانونية فقط
من الناحية النفسية، شدد الأخصائي النفسي الدكتور سامر الخطيب على أن الهدف الأساسي من هذه التشريعات لا يقتصر على الردع القانوني، بل يمتد إلى بناء ثقافة مدرسية صحية تحترم احتياجات الطفل العاطفية والنفسية.
وقال الخطيب:”التنمر أو الإساءة داخل المدرسة لا يترك آثارًا جسدية فقط، بل يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات سلوكية عميقة، وتراجع في الثقة بالنفس، بل وقد يتطور إلى اكتئاب أو عزلة اجتماعية في مراحل لاحقة من حياة الطفل“.
وأكد أن العقوبات المشددة تفرض على المؤسسات التعليمية مسؤولية مضاعفة في تبني برامج وقائية، وعلى رأسها:
تدريب الكوادر التعليمية على التعامل التربوي السليم
مراقبة السلوك الطلابي بشكل منتظم
تفعيل قنوات الإبلاغ الموثوقة
إشراك أولياء الأمور في توعية الأبناء
اعتماد أخصائيين نفسيين دائمين في المدارس
الإمارات نموذج إقليمي في حماية الطفل
تأتي هذه الجهود كجزء من النهج الإماراتي الشامل في حماية حقوق الطفل، والذي بدأ منذ سنوات بتحديث القوانين، مرورًا بإطلاق مبادرات نوعية مثل “خط الطفل” و”الشرطة المجتمعية المدرسية”، وصولًا إلى جعل سلامة الطلبة أولوية وطنية في الخطط الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم.
كما تعد دولة الإمارات من الدول القليلة في المنطقة التي تربط التراخيص المدرسية بمستوى الامتثال لمعايير حماية الطفل، ما يعكس الجدية الفعلية في محاسبة أي مؤسسة تُقصّر في هذا الجانب.
إنّ حرص الإمارات على خلق بيئة تعليمية آمنة هو أكثر من مجرد سياسات وقوانين، بل هو تجسيد حقيقي لرؤية قيادة تضع الإنسان – والطفل تحديدًا – في قلب التنمية المستدامة. فبناء الطالب يبدأ من شعوره بالأمان والكرامة، والرسالة واضحة:“لا مكان للإساءة أو الإهمال في مدارس الإمارات”.
إنّ حرص الإمارات على خلق بيئة تعليمية آمنة هو أكثر من مجرد سياسات وقوانين، بل هو تجسيد حقيقي لرؤية قيادة تضع الإنسان – والطفل تحديدًا – في قلب التنمية المستدامة. فبناء الطالب يبدأ من شعوره بالأمان والكرامة، والرسالة واضحة:“لا مكان للإساءة أو الإهمال في مدارس الإمارات”.