الإمارات – السابعة الإخبارية
الإمارات.. في خطوة رائدة تعكس الرؤية المستقبلية لدولة الإمارات في دعم المرأة وتعزيز الاقتصاد الإبداعي، أعلن الاتحاد النسائي العام عن إطلاق أول وظيفة رسمية من نوعها على مستوى العالم مخصصة للأسر المنتجة، وذلك خلال فعاليات معرض “مسار الإبداع للتوظيف والتدريب” في نسخته الثانية بمدينة العين.
الوظيفة الجديدة، التي تأتي براتب شهري ثابت وامتيازات وظيفية متكاملة، تُعد نقلة نوعية في تاريخ التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة، وتترجم عمليًا رؤية “أم الإمارات 50:50” الممتدة حتى عام 2075، والتي أطلقتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.

من “منتج منزلي” إلى “موظف رسمي”
للمرة الأولى، سيحمل أفراد الأسر المنتجة في الإمارات صفة “الموظف الرسمي”، وهو ما يمنحهم حقوقًا وظيفية كاملة تتضمن راتبًا شهريًا ثابتًا إضافة إلى نسبة من صافي العوائد المحققة من بيع منتجاتهم عبر مركز الصناعات التراثية والحرفية التابع للاتحاد.
ولا تقتصر المزايا عند هذا الحد، بل يشمل النظام الجديد تسجيل الموظفات في صندوق معاشات أبوظبي، بما يضمن لهن مظلة تأمينية واستقرارًا ماليًا طويل الأمد.
وبحسب آلية التوظيف، تلتزم المنتسبات للبرنامج بإنتاج وتسليم عدد محدد من المنتجات أسبوعيًا وفق معايير جودة محددة، من دون الحاجة للالتزام بساعات عمل يومية أو التواجد في مقار العمل، ما يتيح لهن مرونة عالية تتناسب مع طبيعة العمل المنزلي والإبداعي.
رؤية “50:50”.. تمكين ممتد حتى 2075
تأتي هذه المبادرة ضمن رؤية “50:50” التي أطلقتها “أم الإمارات”، والتي تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة الإماراتية في مختلف مجالات التنمية على قدم المساواة، مع ضمان التوازن بين الأدوار الأسرية والمجتمعية والاقتصادية.
وتعكس هذه الرؤية إيمان القيادة الإماراتية بقدرة المرأة على أن تكون شريكًا فاعلًا في الاقتصاد الوطني، ليس فقط عبر العمل التقليدي في المؤسسات والشركات، بل من خلال دمج الإبداع المنزلي والمنتجات التراثية في الدورة الاقتصادية الرسمية.
دعم اقتصادي مستدام
نورة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، أكدت أن إطلاق هذه الوظيفة الرسمية يعكس ثقة الشيخة فاطمة بنت مبارك في قدرات المرأة الإماراتية، مشيرةً إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بتوفير دخل شهري للأسر، بل بفتح آفاق جديدة للمشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني بصورة مؤسسية ومستدامة.
وأضافت أن هذه الخطوة ستمنح الأسر المنتجة مكانة أكبر في السوق، وتحفّزها على تطوير منتجاتها بما يتماشى مع معايير الجودة والتنافسية العالمية.
أما المهندسة غالية علي المناعي، رئيسة الشؤون الإستراتيجية والتنموية بالاتحاد النسائي العام، فقد أوضحت أن آلية التوظيف تمنح الأسر المنتجة إطارًا عمليًا مرنًا، مع ضمانات مهنية وحقوقية كاملة، من بينها التسجيل في صندوق المعاشات. وأكدت أن النسبة الإضافية من العوائد ستسهم في تعزيز الحافزية وجودة الإنتاج، الأمر الذي يدعم استدامة الحرف التراثية ويزيد من تنافسيتها في الأسواق المحلية والعالمية.

حماية الحرف التراثية
إلى جانب دعم الأسر المنتجة، تحمل هذه المبادرة بعدًا ثقافيًا مهمًا، إذ تساعد في استدامة الصناعات التراثية والحرف اليدويةالتي تشكل جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية الإماراتية.
فإدماج هذه الحرف في الاقتصاد الرسمي يعني الحفاظ عليها من الاندثار، وتحويلها إلى مصدر دخل مستدام يربط الماضي بالحاضر، ويمنح الأجيال الجديدة فرصة للتواصل مع تراثهم بأسلوب حديث ومنظم.
معرض “مسار الإبداع”.. منصة للفرص الوطنية
الإعلان عن الوظيفة الجديدة جاء ضمن فعاليات معرض “مسار الإبداع للتوظيف والتدريب”، وهو منصة وطنية رائدة تهدف إلى تعزيز فرص التوظيف المستدامة ودعم الإبداع الوطني.
المعرض يفتح الباب أمام المواطنين الباحثين عن العمل في المجالات الثقافية والإبداعية، عبر توظيفهم أو تدريبهم في القطاع الخاص، وذلك في إطار شراكة مع مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية “نافس”، مما يجعله إحدى أهم المبادرات الوطنية لدعم الاقتصاد الإبداعي.
انعكاسات مستقبلية
يُتوقع أن يفتح هذا القرار الباب أمام المزيد من المبادرات المشابهة، سواء في الإمارات أو على مستوى العالم، إذ إنه التجربة الأولى من نوعها عالميًا التي تمنح الأسر المنتجة صفة الموظف الرسمي.
هذا النموذج قد يُلهم دولًا أخرى لإعادة النظر في كيفية دعم اقتصادها المنزلي والإبداعي، خاصة في ظل التحولات العالمية نحو الاقتصاد المرن والعمل من المنزل.
الإمارات نموذج عالمي
مرة أخرى، تثبت الإمارات أنها سبّاقة في استشراف المستقبل عبر مبادرات نوعية تعزز مكانة المرأة وتمكّنها من لعب أدوار قيادية في المجتمع والاقتصاد. ومن خلال هذه الخطوة، لا تقتصر الفائدة على المرأة فحسب، بل تمتد لتشمل الأسرة ككل، لتصبح شريكًا فاعلًا في بناء اقتصاد وطني قائم على الابتكار والاستدامة.
بهذا، تتحول الأسر المنتجة من مجرد فئة عاملة على الهامش، إلى موظف رسمي يحمل كافة الامتيازات، في مبادرة إماراتية ترسم ملامح مستقبل جديد للاقتصاد الاجتماعي والإبداعي.
