مصر – السابعة الإخبارية
شهدت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، صباح الأربعاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، تطورات جديدة في قضية البلوغر المصرية هدير عبد الرازق، بعدما قررت الأجهزة الأمنية التحفظ عليها داخل مقر المحكمة أثناء جلسة المعارضة التي تقدّمت بها ضد الحكم الصادر بحبسها عامًا كاملًا، في قضية تتعلق بنشر محتوى اعتبرته الجهات القضائية “خادشًا للحياء العام” عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت واقعة التحفظ على المتهمة أثناء مثولها أمام محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية للنظر في معارضتها على الحكم الابتدائي، وسط إجراءات أمنية مشددة وتواجد إعلامي لافت، في قضية تواصل إثارة الجدل داخل الأوساط الفنية والاجتماعية المصرية، خاصة مع اتساع النقاش حول ضوابط المحتوى الإلكتروني ومسؤولية صانعيه.

التحفظ وفق الإجراءات القانونية
وأوضح مصدر قضائي لـ”العين الإخبارية” أن قرار التحفظ على هدير عبد الرازق يأتي وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات، حيث يجوز للسلطات المختصة التحفظ على المتهم عند حضوره جلسة المعارضة في حال صدور حكم نهائي أو واجب النفاذ بحقه، إلى حين أن تفصل المحكمة في الطلب المقدم لإعادة النظر في الحكم.
وأضاف المصدر أن المحكمة استمعت خلال الجلسة إلى دفوع هيئة الدفاع التي طالبت بوقف تنفيذ العقوبة مؤقتًا لحين الفصل في المعارضة، مؤكدة أن موكلتهم لم تكن تهدف إلى الإساءة للمجتمع أو نشر محتوى غير لائق، بل كانت تقدم مواد ترفيهية ذات طابع اجتماعي.
خلفية القضية وتطوراتها
تعود بداية القضية إلى عدة بلاغات تقدم بها مواطنون وجهات معنية برصد المحتوى الرقمي ضد البلوغر هدير عبد الرازق، على خلفية نشرها مقاطع مصوّرة وصفت بأنها تتنافى مع قيم وعادات المجتمع. وأحالت النيابة العامة المتهمة إلى المحكمة الاقتصادية بتهمة “نشر محتوى مرئي خادش للحياء العام على منصات التواصل الاجتماعي بغرض تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة”.
وفي الحكم الابتدائي، قضت المحكمة بحبسها لمدة عام واحد، مع تغريمها مبلغًا ماليًا، قبل أن يتقدم فريق دفاعها بمعارضة على الحكم بهدف إعادة النظر في الوقائع وتقديم مستندات جديدة تُثبت – بحسب الدفاع – حسن نيتها وعدم وجود قصد جنائي.
استبعاد بعض الاتهامات
وأشار دفاع المتهمة في تصريحات سابقة إلى أن النيابة العامة استبعدت عددًا من الاتهامات الواردة في محضر الضبط، موضحًا أن محكمة أول درجة كانت قد برّأتها من بعض التهم الأخرى المتعلقة بإساءة استخدام وسائل التواصل، كما أمرت بحذف عدد من البنود في قرار الإحالة بعد مراجعتها.
وأكد الدفاع أن موكلته تعاونت بشكل كامل مع جهات التحقيق، وأبدت استعدادها لحذف أي مواد تُعتبر مخالفة للقانون أو الأعراف الاجتماعية، لافتًا إلى أن القضية أصبحت اليوم اختبارًا قانونيًا جديدًا لتحديد الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والمسؤولية الأخلاقية على الإنترنت.

هدير عبد الرازق بين الجدل والانتشار
تُعد هدير عبد الرازق واحدة من الشخصيات المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث يتابعها مئات الآلاف عبر منصات “تيك توك” و”إنستغرام” و”يوتيوب”، وتقدّم محتوى متنوعًا بين الفيديوهات اليومية والترفيهية والتجارب الشخصية.
غير أن بعض المقاطع التي نشرتها أثارت موجة من الجدل والنقد بسبب ما اعتبره البعض تجاوزًا للخطوط الحمراء، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى إحالتها للتحقيق ثم صدور الحكم الذي تعارضه حاليًا أمام القضاء الاقتصادي.
ويؤكد متابعون أن قضية هدير عبد الرازق تعكس تصاعد الرقابة على المحتوى الإلكتروني في مصر والمنطقة، خصوصًا مع ازدياد نفوذ “المؤثرين الرقميين” ودورهم في تشكيل الرأي العام، ما دفع السلطات إلى تشديد تطبيق القوانين المنظمة للنشر عبر المنصات الإلكترونية.
نقاش أوسع حول تنظيم المحتوى
وتأتي هذه القضية ضمن سلسلة من القضايا المشابهة التي واجهت مؤثرين ومشاهير السوشيال ميديا في مصر خلال الأعوام الأخيرة، حيث شددت النيابة العامة على أن حرية النشر والتعبير مكفولة، لكنها لا تبرر انتهاك قيم المجتمع أو الإساءة للآداب العامة.
كما يرى خبراء القانون أن الحكم الصادر ضد هدير عبد الرازق يسلط الضوء على حاجة المجتمع الرقمي إلى أطر قانونية وتوعوية واضحة تنظم إنتاج المحتوى وتحد من الممارسات المسيئة دون التضييق على الإبداع أو حرية الرأي.

الخطوة التالية في مسار القضية
من المقرر أن تستكمل المحكمة جلساتها خلال الأيام المقبلة، بعد أن أمرت بالتحفظ المؤقت على المتهمة لحين البت في معارضتها، تمهيدًا لإصدار قرارها النهائي إما بتأييد الحكم السابق أو تعديله أو إلغائه وفق ما تراه في ضوء الأدلة والمرافعات الجديدة.
وفي الوقت الذي يترقب فيه المتابعون على مواقع التواصل مآل القضية، تظل قضية هدير عبد الرازق نموذجًا معبرًا عن التوتر بين حرية التعبير والانضباط القانوني في فضاء الإنترنت، وسط مطالبات بضرورة نشر الوعي بالقوانين المنظمة للنشر الإلكتروني، خاصة بين فئة صُنّاع المحتوى الشباب.
