أمريكا – السابعة الإخبارية
انخفض الدولار الأمريكي، اليوم الثلاثاء، إلى أدنى مستوياته منذ ما يقارب سبعة أسابيع، مع تصاعد قلق المستثمرين بشأن الوضع الفعلي لسوق العمل في الولايات المتحدة، وترقبهم لتقارير مراجعة بيانات التوظيف التي من المتوقع أن تكشف عن أرقام أسوأ بكثير مما أُعلن سابقاً.
ويزيد هذا التراجع في العملة الأمريكية من احتمالية أن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) على خطوات أكثر جرأة لخفض أسعار الفائدة في الاجتماعات المقبلة، في محاولة لدعم الاقتصاد المتباطئ.

الدولار عند أدنى مستوى منذ يوليو
تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى مستوى 97.323 في التداولات الآسيوية، وهو أدنى مستوى له منذ 24 يوليو (تموز) 2025.
هذا الانخفاض يأتي قبيل إصدار مراجعات أولية لبيانات الوظائف التي تغطي الفترة من أبريل (نيسان) 2024 حتى مارس (آذار) 2025، وهي المراجعات التي تحظى بمتابعة كثيفة من جانب الأسواق والمحللين على حد سواء.
وفقاً لمحللين اقتصاديين، من المتوقع أن تكشف هذه المراجعة عن خفض كبير في أرقام الوظائف السابقة، ربما يصل إلى نحو 800 ألف وظيفة. هذه الأرقام، إذا تأكدت، قد تعني أن الفيدرالي الأمريكي بالغ في تقدير متانة سوق العمل، وأن الاقتصاد يعاني من ضعف أكبر مما تظهره البيانات الرسمية السابقة.
تداعيات محتملة على السياسة النقدية
يرى المراقبون أن تدهور أرقام التوظيف سيزيد من الضغوط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتبني سياسة نقدية أكثر تيسيراً، من خلال خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع.
ويُذكر أن الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بشكل متسارع خلال عامي 2022 و2023 بهدف كبح جماح التضخم، لكنه بات الآن أمام معضلة جديدة: تراجع الزخم الاقتصادي دون الوصول الكامل إلى أهداف التوظيف.
وقال أليكس هيل، العضو المنتدب لشركة “إلكتوس فاينانشال” في أوكلاند، في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء: “أعداد التوظيف تزداد سوءاً بمعدل كبير… وهذا يعني أن الدولار سينخفض ببطء، لكننا نتوقع تسارع الوتيرة في الفترة المقبلة”. وأضاف أن الأسواق بدأت في التسعير بالفعل لاحتمال خفض أكبر للفائدة مع استمرار المؤشرات السلبية من سوق العمل.

الأسواق تتفاعل: الذهب يرتفع وتوقعات خفض الفائدة تتعزز
في ظل هذه المعطيات، ارتفعت التوقعات بأن يتخذ الفيدرالي خطوات أكثر جرأة في اجتماعه القادم المقرر في سبتمبر (أيلول) المقبل. ووفقاً لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME، فإن الأسواق تسعّر احتمال خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بنسبة 11.6%، مقارنة بـ11% فقط يوم الإثنين. كما أن خفضاً بواقع 25 نقطة أساس يُعتبر أمراً شبه مؤكد في الوقت الحالي.
وفي انعكاس مباشر لتراجع الثقة في العملة الأمريكية، شهدت أسعار الذهب قفزة جديدة. فقد ارتفع المعدن النفيس بنسبة 0.5% ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 3656.92 دولار للأونصة، مع توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة وسط تقلبات الأسواق والعملات.
خسائر الدولار تؤثر على الاقتصاد العالمي
تراجع الدولار لا يؤثر فقط على السوق المحلية الأمريكية، بل يمتد تأثيره إلى الاقتصاد العالمي ككل. فالعديد من العملات والأسواق الناشئة تعتمد على سعر صرف الدولار كمؤشر رئيسي في تعاملاتها التجارية والمالية. كما أن الشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها قد تواجه تحديات في الأرباح بسبب تقلبات العملة.
في المقابل، يمكن أن يؤدي ضعف الدولار إلى تحسين تنافسية الصادرات الأمريكية، ما قد يساعد جزئياً في دعم الاقتصاد، لكنه ليس حلاً طويل الأجل، خاصة إذا استمر التباطؤ في التوظيف والإنفاق الاستهلاكي.

نظرة مستقبلية: ترقب حذر وخطوات مرتقبة
من المتوقع أن تظل الأسواق في حالة من الترقب والحذر خلال الأسابيع المقبلة، في انتظار تأكيدات من الفيدرالي الأمريكي حول توجهاته المستقبلية، ومدى استعداده للتدخل لكبح التباطؤ الاقتصادي. كما أن صدور مراجعات الوظائف سيكون له أثر بالغ في توجيه السياسة النقدية والمزاج العام في الأسواق المالية.
وإذا ما استمر الضغط على الدولار، فقد نشهد انتقال المستثمرين بشكل متزايد إلى الأصول البديلة مثل الذهب والسندات، في الوقت الذي قد يجد فيه الفيدرالي نفسه مضطراً لإعادة تقييم استراتيجيته بشكل أكثر مرونة مما كان عليه في السنوات الأخيرة.