أمريكا – السابعة الإخبارية
ميسي.. رغم بلوغه الثامنة والثلاثين من عمره، وبعد مسيرة استثنائية حصد خلالها كل الألقاب الممكنة، لا يزال ليونيل ميسي يكتب فصولاً جديدة في كتاب المجد الكروي والإنساني معًا. فالنجم الأرجنتيني الذي اعتدنا على سحره في المستطيل الأخضر، يواصل اليوم إبهارنا بإنسانيته وتواضعه، ليبرهن أن الأسطورة لا تُقاس فقط بعدد الأهداف، بل بعدد القلوب التي يلمسها.
في الأيام الأخيرة، انتشر مقطع فيديو لميسي عقب فوز فريقه إنتر ميامي على أتلانتا يونايتد برباعية نظيفة، يوثّق لحظة إنسانية استثنائية. فبعد نهاية المباراة، اقترب أحد المشجعين من “البرغوث” طالبًا توقيعه على القميص، قبل أن يطلب منه بعفوية أن يمنحه قميصه الشخصي. ابتسم ميسي، وبدون أي تردد، خلع قميصه ومنحه للمشجع، ثم ظل يتأمل ردة فعله بابتسامة صادقة تنم عن دهشة حقيقية من حجم الحب الذي لا يزال يحصده رغم مرور السنوات.

لقطة تختصر شخصية الأسطورة
لم تتجاوز اللقطة عشرين ثانية، لكنها اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وانهالت عليها التعليقات من مختلف أنحاء العالم. كتب أحدهم: “هذه هي القمة.. تواضع الأساطير”، فيما قال آخر: “ملك داخل وخارج الملعب”. أما أكثر التعليقات تداولًا فكان: “حتى بعد كل هذا المجد، ما زال ميسي يُبهر من حب الناس”.
وفي زمن تتزايد فيه المسافات بين النجوم وجماهيرهم، يثبت ميسي أنه لا يزال قريبًا من الناس، بعفويته الصادقة وتواضعه النادر. هذه اللحظة الصغيرة، التي ربما لم تستغرق نصف دقيقة، تلخّص مسيرة رجل لم تغيّره الأضواء، بل زادته شهرة العالم تواضعًا وإنسانية.
ميسي كان يوقع له وطلب منه يطلع التيشيرت 😅
ردة فعله وفرحته لا توصف! ♥️
pic.twitter.com/XO5vgubnB6— عمرو (@bt3) October 12, 2025
بين المجد الفني والوفاء الإنساني
لم يكن هذا المشهد هو الوحيد الذي خطف الأنظار في ليلة المباراة. فعلى الجانب الفني، قدّم اللاعب عرضًا مذهلًا كعادته، فسجّل هدفين رائعين وصنع تمريرة حاسمة لزميله الإسباني جوردي ألبا في آخر مبارياته قبل الاعتزال. هدفه الأول كان تسديدة لا تُصد، والثاني بلمسة سحرية تؤكد أن الزمن لم ينل من موهبته شيئًا.
وبرغم استدعائه من قبل مدرب منتخب الأرجنتين ليونيل سكالوني لخوض مواجهتي فنزويلا وبورتو ريكو، فضّل ميسي البقاء مع إنتر ميامي تقديرًا لحاجة فريقه إلى نقاط المباراة. قرار أثار إعجاب الجماهير الأمريكية التي رأت فيه مثالًا على الوفاء والانتماء.
تقييم ميسي في المباراة بلغ 9.6 من 10 على منصة “سوفا سكور” المتخصصة في الأداء الرياضي، ليواصل تصدره للأرقام القياسية حتى في ختام مسيرته الكروية.
لحظات وداع ووفاء
لكن الليلة لم تكن فنية فقط، بل عاطفية أيضًا. فقد كانت المباراة الأخيرة لجوردي ألبا، الظهير الأيسر الذي رافق ميسي في سنوات المجد ببرشلونة. وبعد تمريرة الهدف الحاسمة، احتفل ميسي مع ألبا بطريقة مؤثرة أعادت إلى الأذهان مشاهد الماضي في “كامب نو”. لحظة وداع مفعمة بالوفاء والاحترام بين صديقين جمعتهما كرة القدم وفرقتهما الاعتزالات.
إنتر ميامي بدوره ارتقى إلى المركز الثاني في جدول المنطقة الشرقية متساويًا مع إف سي سينسيناتي، لتبقى آماله قائمة في المنافسة حتى الجولة الأخيرة من الدوري الأمريكي.
ميسي.. أسطورة تتحدى الزمن
ورغم كل ما حققه من بطولات وجوائز فردية، من كأس العالم إلى الكرة الذهبية، يبدو أن ميسي لا يزال يعيش متعة كرة القدم كما لو كان لاعبًا ناشئًا في بداياته. لا يلعب من أجل الأرقام أو المال، بل من أجل الشغف ذاته الذي حمله منذ أول يوم.
وفي كل مباراة، يقدم لنا درسًا جديدًا في معنى العظمة، ليس بالعروض الفنية فقط، بل بالتصرفات الإنسانية البسيطة التي تلامس القلوب. فهو اللاعب الذي يعيد تعريف معنى “النجومية” في عالم بات يفيض بالغرور والتصنع.
إنسان قبل أن يكون نجمًا
ميسي اليوم ليس مجرد لاعب يركض خلف الكرة، بل رمز عالمي للتواضع، وسفير للقيم الإنسانية في الرياضة. ابتسامته بعد منح قميصه لمشجع بسيط، تختصر فلسفته في الحياة: “أن تكون كبيرًا لا يعني أن تنسى البساطة”.
ومع كل موسم جديد، يزداد الإيمان بأننا نعيش عصر لاعب استثنائي، لا يتكرر في كل جيل. فحتى بعد أن ودّع الملاعب الأوروبية، لا يزال ليونيل ميسي يكتب سطورًا جديدة من الإبداع والعاطفة في الملاعب الأمريكية، مؤكّدًا أن الأسطورة لا تعني فقط أن تفوز.. بل أن تظل إنسانًا بعد كل هذا المجد.
هكذا يبقى ميسي، اللاعب الذي جمع بين الذكاء العاطفي والمهارة الكروية، بين الشغف والإنسانية، بين العظمة والبساطة.. ليذكّر العالم أن الجمال الحقيقي في كرة القدم لا يُقاس بالأرقام، بل بالمشاعر التي تصنعها.
