تونس – السابعة الاخبارية
الطفلة التونسية مريم، لا تزال مأساة الطفلة التونسية مريم البالغة من العمر ثلاث سنوات، حديث الشارع التونسي والعربي، بعد أن اختفت في ظروف غامضة منذ ثلاثة أيام على شاطئ مدينة قليبية بولاية نابل شمال شرقي تونس. الطفلة التي كانت تقضي عطلة صيفية برفقة عائلتها القادمة من فرنسا، تحولت قصتها إلى رمز للقلق والحزن، وسط تضارب الروايات ما بين فرضية الغرق أو احتمال الاختطاف.
الحادث الذي وقع في شاطئ عين غرنز، المصنّف من بين أخطر الشواطئ في تونس، أثار صدمة شعبية كبيرة لما يحمله من مشاعر إنسانية، وللتساؤلات العديدة التي طرحها حول مدى استعداد أجهزة الإنقاذ لمثل هذه الحوادث، ومدى أمان الشواطئ التي تستقبل العائلات والسياح.
الطفلة التونسية مريم .. بين أمواج البحر وأمل العودة
منذ لحظة اختفاء مريم، لم تهدأ محاولات فرق البحث، لكنها لم تثمر حتى الآن عن نتائج مؤكدة. وقال العميد معز تريعة، المتحدث الرسمي باسم الحماية المدنية التونسية، في مداخلة إذاعية صباح اليوم الاثنين، إن عمليات التمشيط لا تزال جارية بكامل طاقاتها، بمشاركة الجيش الوطني، والحرس البحري، وفريق الغوص، بالإضافة إلى استخدام طائرة مسيّرة (درون) للمراقبة الجوية.
وأضاف أن فرق الإسناد التكتيكي والوحدات المتخصصة في عمليات البحث والإنقاذ قد انتشرت على طول الشريط الساحلي الممتد بين منزل تميم وقليبية، مشيرًا إلى أن الأمل لا يزال قائمًا رغم مرور أكثر من 72 ساعة على الحادثة.
الدرون والطائرات.. تقنيات في وجه المأساة
في سابقة لافتة، لجأت فرق البحث إلى استخدام طائرة بدون طيار للمساعدة في تحديد مواقع محتملة للطفلة المفقودة أو التقاط أي مؤشرات قد تساعد في تتبعها. ويُعد هذا الخيار نقلة نوعية في وسائل البحث المدني، لكنه أتى متأخرًا بحسب ما صرح به بعض أقارب الطفلة الذين انتقدوا تأخر عمليات التدخل، واعتبروا أن التجهيزات كانت غير كافية في الساعات الأولى من الحادث.
العائلة بين ألم الانتظار وغموض الرواية
العائلة التي كانت تنوي قضاء عطلة صيفية ممتعة، تجد نفسها اليوم أمام كابوس لا ينتهي. وقد صرّح عم الطفلة مريم في مداخلة إذاعية أن “الإنقاذ تأخر بشكل كارثي، وأن الإمكانيات الموجودة في الشاطئ لا تليق بمكان خطير مثل شاطئ عين غرنز، والذي يفتقر إلى الحد الأدنى من معدات الغوص والإنقاذ.”
وأعرب عن استغرابه من غياب المنقذين في منطقة معروفة بخطورتها، مشيرًا إلى أن التيارات القوية كانت واضحة منذ الساعات الأولى من اليوم، إلا أن أحدًا لم يكن متواجدًا لتنبيه العائلات أو التدخل الفوري.
فرضية الغرق أم الاختطاف؟
تضاربت الأنباء والتكهنات في الساعات الماضية، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين من رجّح فرضية الغرق بسبب الأمواج العاتية، ومن ألمح إلى احتمال الاختطاف، خصوصًا مع عدم العثور على أي أثر مادي أو حذاء أو قطعة من ملابس الطفلة في البحر أو الشاطئ.
حتى اللحظة، لم تُصدر السلطات أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي هذه الفرضيات، لكن التوجه الرسمي يركّز على مواصلة عمليات البحث في البحر كأولوية، وسط مطالبات بتوسيع النطاق ليشمل المناطق الداخلية والمحيطة أيضًا.
شاطئ خطير.. وإجراءات غائبة
تشير تقارير محلية إلى أن شاطئ عين غرنز يصنّف من بين أكثر الشواطئ خطورة في تونس، نظرًا إلى قوّة التيارات البحرية فيه، فضلًا عن نقص عدد المنقذين وغياب التجهيزات الكافية. هذا الأمر طرح تساؤلات كبيرة حول مدى استعداد البلديات وهيئة الشواطئ لفصل الصيف، خصوصًا مع بدء توافد آلاف العائلات التونسية والمغتربين على السواحل.
وقد دعت منظمات مدنية وسكان محليون إلى ضرورة تصنيف الشواطئ الخطرة بشكل واضح، وتوفير إشارات تحذير ومراقبة على مدار الساعة، لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة.
حملة تضامن واسعة
على مستوى الشارع والإعلام، حظيت قصة مريم بتضامن واسع، حيث تصدّرت هاشتاغات مثل #أنقذوا_مريم و#الطفلة_المفقودة منصات التواصل الاجتماعي، فيما عبّر تونسيون وعرب من مختلف الدول عن تضامنهم مع العائلة، داعين إلى تكثيف الجهود وعدم فقدان الأمل.
كما دعت جمعيات حقوقية وإنسانية إلى فتح تحقيق شامل في الحادث، يشمل تقييم أداء فرق الإنقاذ والجهات المسؤولة عن سلامة الشواطئ، لضمان المحاسبة ومنع تكرار المأساة.
الأمل لا يزال قائمًا
رغم مرور الأيام، لا يزال الأمل ينبض في قلوب عائلة مريم، التي تواصل انتظار أي خبر عن طفلتهم الصغيرة. ومع كل موجة ترتطم بالصخور، ومع كل تحليق للطائرة المسيّرة فوق البحر، هناك دعاء صامت لا يتوقف، أن تعود مريم، أو على الأقل يُوضع حد لهذا الغموض المؤلم.
حتى كتابة هذه السطور، لم يُكشف مصير الطفلة، لكن ما كشفه الحادث هو الحاجة الملحة لمراجعة إجراءات السلامة العامة، وتفعيل الإنذار المبكر في المناطق الخطرة، لأن حياة الأطفال لا تحتمل التأخير.