متابعات – السابعة الإخبارية
العبور إلى الميلاد.. وقع الشاعر الدكتور منصور الشامسي كتابه/ديوانه الجديد: “العبور إلى الميلاد” بركن التواقيع، بمعرض الشارقة للكتاب (مساء يوم الخميس 9 نوفمبر 2023).
واحتوى كتابه/ديوانه الجديد: “العبور إلى الميلاد” على قصائد الشاعر الباكرة (1982-1984)، التي سطرها منذ أمد بعيد؛ بالمرحلة المدرسية، حيث ضم حوالي 15 عنواناً أو عتبة:
إِغْفَاءةُ الحُلُمِ .. بِدايَتُهُ
أغنيةٌ للعشقِ والوَطنِ
الصَّمْتُ.. والانْتِصارُ الطفُولِيّ
الطِّفْلةُ وفارِسُ الفَجرِ
العُبورُ إلى الْمِيلادِ
أنْشُودَةُ طِفْلَةِ القَرارِ والوَعْدِ الْمُكابِرِ
أيَّتُها الفَراشةُ.. مَنْ يَمْنَحُكِ مِيقاتَ الإنارةِ؟
تَرانِيمُ صَوْتِكِ
ترتدينَ البحرَ والسَّماءَ فوقَ زوايا الانْحسارِ والتّراجُع
رؤى
ساقِيَةُ القَلْبِ
وَرَقَةٌ في حَديقَتِكِ.. وَرَقَةٌ في الطَّريقِ
وطِفلةُ الشّقيفِ تَظَلُّ كالشَّمسِ تَسْطَعُ
وَعـــدٌ
إطلالة (سرد)
يقول الشاعر منصور الشامسي في مقدمته التي كتبها لكتابه:”أُوْمِئُ لقصائدي الأولى، أُدنيها، في تأسيس متجدد للشعر وممالكه، وإعادة اكتشاف لآفاقها الدلاليّة والجمالية، عبر نصها المقروء، ذاته، واحتفاءً بمكوناتها، وضوء يمر على مسافات ماضية، وكي لا ينفصل الإنسان، أو الشاعر، عن مهاده.” … “قراءة شِعر البدايات، من جديد، في زمن آخر، تحمل لي عبقاً معيناً، ورشات عطر، أتلقاها، ليس كبقية العطور المادية المحسوسة المشاهدة، أو عطراً معنوياً آخر، بل هو عطر كشفٍ ورؤى وروح وحقائق، وولادة من جديد..”
ومن أهم القصائد التي جاءت بالديوان/الكتاب قصيدة “العُبورُ إلى الْمِيلادِ” التي حمل الإصدار عتبتها:
العُبورُ إلى الْمِيلاد
مِنْ هُنا
مَرَّ رَبِيعٌ في جَوْقَةٍ مِنْ نَدَى
يُشَكِّلُ سِماتِ الْمَطِرِ القَادِمِ
مِنْ بَعِيدٍ هُوَ قَادِمٌ
مِنْ لا شَيْءَ يَصْدُقُ وَعْدَهُ
يَخْطُو كَالجِرَاحِ
يَحْضُرُ
يَرْقُبُ
يَنْظُرُ
يَدُقُّ الشُّرُفَاتِ والحَنَايا
عَلى عُيُونٍ أَلِقَةٍ
تَنْبُتُ فَيها شُعَلُ الغَمَامِ
فَلا سَبِيلَ إليَّ
حَبيبَتي لا سَبِيلَ
قَبْلَ الاتِّقَادِ
قَبْلَ التَّهَجِّي
قَبْلَ مَواسِمِ البِذارِ
**
مُدّي يَدَيْكِ إلى الحُلُمِ الذي
لا يَهْدَأُ
ذاكَ حُلُمِي
مُدِّيها هُناكَ كالشِّراعِ
مُدّي يَدَيْكِ
إلى كُرّاسَاتِي
إلى كُتُبِي الْمَدْرَسِيَّةِ
إلى الأقْلامِ
إلى الخُطوطِ الْمَرْسُومَةِ
في زَوايا أوراقِي هَذهِ البَيْضاءِ
مِنْها سَتَلْمَحِيْنَ
سَتَنْظُرِيْنَ
ذاكَ الإكْليْلَ
وتِلْكَ الشَّرارَةَ
ذاكَ الفَرحَ
وتلكَ البِشَارَةَ
.. فمازَالَتْ بَاقةُ “النَّيْسَانَاتِ”
تَطْفُو
عَلى حَوافِّ النُّجُومِ
وحَوافِّ شَعْرِكِ
تَحْمِلُ رَفِيفَ أحْلامِي
تُنْبِئُكِ
بأنّي عَشِقْتُ الْمَطَرَ
بأنّي ذَرَعْتُ الْمَسَافَةَ
مَا بَيْنَ
نَجْمَةٍ ونَجْمَةٍ
بأنَّ يَدَيَّ أيْنَعَ فِيهما
طَلْعٌ نَضِيدٌ
وألْفُ بِذْرَةٍ
لِحَصادٍ بَعِيدٍ
بَعِيدٍ
***
آخِرَ النَّهارِ
فَراشَةٌ حَنُونَةٌ مِثْلُكِ
حَمَلَتْ إليَّ مِصْباحَ وَحْدَتِكِ
وآنِيَةً فيها إضْمَامَةُ أزْهَارٍ
وقَطَرَاتٌ دافِئَةٌ
تَنْفُثُ عَبِير عِطْرِكِ
عَلى جَنَاحِها كانَتْ خَارِطَةَ كَلِمَاتٍ
ألْقَتْ كُلَّ أسْمَالِها
نُقَاطَهَا
حُرُوفَهَا
“فِي مِثْلِ هَذا اليَوْمِ
ابْتَعَدْتَ
يا سُؤالاً يظَلُّ كَبيراً
لماذا أنتَ بَعِيدٌ؟!
اقْتَرِبْ واشْتَبِكْ في عُيُوننا
امتطِ صَهْوَةَ العَودَةِ
واعْبُرْ إلَيْنا
مِنْ أَهْدابِكَ
مُدَّ الْمِيلْادَ
دَعْنا نَلِجُهُ
نُوزِّعُ فَيارِزَهُ الحُلْوَةَ
كالرَّذاذِ
عَلى جُفُونٍ أضْنَاهَا الوَجَعُ
فَنَحْنُ قَافِلَةٌ
غَرَّبَها الشِّتَاءُ
مازَالتْ تُفَتِّشُ عَنْ
وَمْضِ عُبُورٍ
أَعْلِنْ صَبَاحَكَ
أَعْلِنْ قُدُومَكَ
إنَّ الغَدائِرَ ظامِئَةٌ
إنَّ الشِّفاهَ عَلى الأبْوابِ نَائِمَةٌ
تَحْلُمُ بِهَسْهَسَاتِ قُبُلاتِكْ
كالشَّذَى
تَدْنُو مِنْ جَبينِكْ
تَمْسحُ عَنْهُ عَرَقاً كالسَّنابِلِ
ثابِتاً عَلَيْهِ
تُغَنّي
آهِ ما أحْلى مَجيئِكْ
آهِ ما أحْلى سَنابِكِ خَيْلِكْ
حِينَ تَنظرُ
تُطلُّ
تَتمَرْأى
كأنَّها كواكِبُ دُرِّيَّةٌ
.. وَعْدٌ
أنْتَ عَليها
تَنْزِعُ الرِّماحَ الرَّمادِيَّةَ
وتَكتُبُ إلى الشَّمْسِ
رِسالةَ خُلُودٍ
تَحْمِلُ عُنوانَكَ
وهاتِ يَدَكَ
واحَةً نَزرَعُ فِيها
ضِياءً وشَتْلَةَ حُرِّيَّةٍ
مُشَرَّعَةٌ لَكَ
تلكَ الأبْوابُ
لِتَنْثالَ إلَيْنا
لِتَكُونَ لَنا وَمِيضاً
يَكْتَنِفُ الشَّواطِئَ
قَبْلَ أنْ تَبْتَلِعَنا الهِضَابُ”
**
عَبِيْرُكِ
أعْلَنَ الوُصُولَ
حَزِيْنٌ .. بَتُولٌ .. طَهُورٌ
كَهَالَةِ مَاءٍ
تُحِيطُ بواحَةِ سَماءٍ
عَبِيْرُكِ
طِفْلٌ سُنْدُسِيُّ التَّأمُّلِ
وأيُّ طِفْلٍ؟
يُخْرِجُ السِّراجَ مِنَ الْمُحَالِ
تَصْحَبُهُ “طِفْلَةٌ، تُفّاحَةٌ وسُؤالٌ”
وأيُّ سُؤالٍ؟
زَرَعَ فِي عُيُونِي بُذُورَ حَديْقَةٍ
مَدَّ يداً إلى الْحَقيقةِ
يا حَبِيبَةُ
أُقبِّلُ فِيكِ مَواسِمَ القِطافِ
أَطْيافٌ
أَطْيافٌ
أَطْيافٌ
بِلا مَوْعِدٍ تأتي
تَحْرِمُني السُّكونَ
تُحاصِرُني، تَحْمِلُني، تُمَزِّقُني
وحِينَما أبْكي.. لا تَبْكي مَعي
حِينَما أسِيرُ.. لا تَسِيرُ مَعي
تُحاولُ أنْ لا تُفَتِّشَ مَعي
أشياءَكَ الْمُهْداةَ
آهِ لَوْ عَلِمْتَ أيْنَ خَبَّأْتُها؟
هُنَاكَ فِي رفَّةِ غَيْمَةٍ بَعِيدَةٍ
بَكَتْ تِلْكُمُ الغَيْمَةُ
على حَافَّةُ نافِذَتِي
حِيْنَما جَلَسْتُ.. قَرأتْ
آهاتٍ
تَباريحَ
وَشَظايا شَوْقٍ
سَألَتْنِي عَنْ الذي بِيَدِي
وَرْدتانِ
وطَوْقٌ بَنَفْسَجِيٌّ
أَهُما لَكِ؟
قُلْتُ لَها: في دَفْتَرِ الفَجْرِ
كَتَبَتْ حَبيْبَتي تَغارِيدَ الأقاحْ
كَيْ يَبْسُمَ صَباحْ
يَرْفُلُ هَناءً
يَغْفُو على أنَامِلها
يَصْحُو على تَوَهُّجِ الرَّحيقِ مِنْها
تَنامُ … تَنامُ
لِيَسْتَيْقِظَ مَعَ زَقْزَقَةِ عَصَافِيرَ
تَحْمِلُ لَها بُشْرى عَوْدَتِي
يا غَيْمَتي
ما أَخْبَرْتُكِ عَنْ اخْتِلاجَاتِ
صَوْتِ حَبِيبَتي.
أيُّ شَيْءٍ هُو؟
انْتَقَتْهُ السَّماءُ
مِنْ لَهْجِ الكواكبِ
مِنْ رياضِ الزَّنابِقِ
مِنْ لِقاءٍ كالضَّبابِ
مِنْ فَوانيسِ هذي البَيَارقِ
مِنْ مُقَلِ هذا الشُّروقِ
حِينما يُطِلُّ على مَطَرٍ
يُقبِّلُ الأرضَ الجَدِيْبَةَ
من أشْذاءِ العُروقِ
يَنمُو كالمَدى
حُلْواً كالنَّدى
وزّعَتْهُ السّماءُ على حُلْوِ الشِّفَاه
وأيّ شِفاهٍ
***
حَبيبَتي
كَمْ حُروفُكِ مُغَنَّاةٌ
.. ميعادُنا النَّرْجِسِيُّ
مواعِيدُنا الغَارقَةُ في أنْهارِ الشَّمْسِ
حَبيبتي
مِيعادُنا اللُّؤْلُئِيُّ
مواعِيدُنا الْمُنْهَمِرَةُ مِنْ شُقُوقِ الطفولةِ
مِنْ ذاتِ النَّفَسِ
حَبيَبتي
مِيعادُنا الْمُخَضَّبُ
بالظِّلِّ.. بالْفَيْءِ.. بالعَبَقِ
مَواعيدُنا الّتي أَعْلَنَتِ الطَّوافَ
حَبيَبتي
حَوْلَ النَّخِيلِ
مُدَّتْ لَها كُلُّ الضِّفافِ
بِنَسِيْمٍ عَليلٍ..
عَليلٍ
مَواعِيدُنا
يا عاشِقَةَ الْمَواعِيدِ
اجمَعِيها في سَلَّةٍ خَضْراءَ
وعَلِّقِيها في سَقْفِ الطَّريقِ
فِي الْمَرَّةِ الأولى “أمُرُّ بِها”
فِي الْمَرَّةِالثانيةِ “أدْنُو مِنْها”
فِي الْمَرَّةِالثالثةِ “أُشْعِلُها”
حِينَ ذاكَ أعودُ
اخْضِراراً
أفْرُشُ دارَكِ الصَّغِيْرَةَ
بِهَدايا عَائِدٍ
تَلَأْلَأَ عَلى وَهَجِ الشَّمْسِ مَصِيْرُهُ
عَائِدٍ
كَقَمَرٍ يَأفُلُ في كَنَفِ نَجْمَةٍ
22 اغسطس 1983
*************
– لكتابة مقال خاص عن اسم مؤسستك أو شركتك يمكنك المراسلة عبر البريد الإلكتروني التالي: