اليابان – السابعة الإخبارية
بعد ما يقرب من نصف قرن من الظلم، و48 عامًا في السجن جراء خطأ قضائي، حصل إيواو هاكامادا، الرجل الياباني الذي أُدين ظلمًا بجريمة قتل، على تعويض تاريخي غير مسبوق من الحكومة اليابانية.
التعويض الذي بلغت قيمته 217 مليون ين، أي ما يعادل 1.44 مليون دولار، يمثل خطوة مهمة في تصحيح أخطاء الماضي، ويعتبر أكبر تعويض جنائي في تاريخ اليابان، وهو ما يشير إلى أهمية تصحيح القضايا المعلقة منذ عقود.
بداية الأزمة: القتل المزعوم والاعتراف القسري
قصة هاكامادا بدأت في عام 1966، عندما كان يبلغ من العمر 32 عامًا. تم اعتقاله بتهمة قتل عائلة رب عمله التي كان يعمل لديها، حيث قُتل الزوجان وطفلاهما في وسط اليابان.
رغم عدم وجود أدلة حقيقية تدينه، اعترف هاكامادا بالجريمة بعد 20 يومًا من التحقيقات القاسية التي تعرض خلالها للتعذيب الجسدي والنفسي. لكن هذا الاعتراف كان تحت ضغط كبير، حيث أكد هاكامادا لاحقًا أنه تراجع عن اعترافه أمام المحكمة.
ورغم إنكاره الجريمة، أُدين هاكامادا وتم الحكم عليه بالإعدام. وعاش أكثر من أربعة عقود في زنزانة انفرادية، حيث تعرض لمعاملة قاسية، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية والعقلية. كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، لكنه كان لا يعلم أنه ضحية لنظام قضائي فشل في تحقيق العدالة.
التحول في القضية: الأدلة الجديدة
في عام 2014، بعد سنوات من السجن، تم إعادة التحقيق في القضية، حينما ظهرت أدلة جديدة غيرت مسار القضية تمامًا. تحليل الحمض النووي أكد أن هاكامادا ليس هو الفاعل، وأن الأدلة التي أدين بناءً عليها كانت غير صحيحة. هذا التحول جاء بعد جهود من فريق الدفاع الذي بدأ يشكك في صحة الأدلة بعد سنوات من التحقيقات.
محكمة شيزوكا: قرار تاريخي
في سبتمبر 2024، وبعد سنوات من المعاناة، حُكم على هاكامادا بالبراءة في محكمة شيزوكا الجزئية. وقضت المحكمة بأن التحقيقات الأولى كانت مشبوهة، وأن النظام القضائي فشل في تقديم العدالة. واعتُبرت هذه الخطوة بمثابة اعتراف من الحكومة اليابانية بخطأها في الحكم عليه.
بعد تبرئته، بدأ فريق دفاعه بالعمل على الحصول على تعويض مناسب لما تعرض له، وبعد عام من المحاكمات، أصدر القضاء الياباني قرارًا تاريخيًا، يلزم الحكومة بدفع تعويض مالي قدره 217 مليون ين، كتعويض عن السنوات التي قضاها في السجن ظلماً.
التعويض: خطوة نحو العدالة
يُعد التعويض المالي الذي حصل عليه هاكامادا أكبر تعويض جنائي في تاريخ اليابان. وفقًا للقانون الياباني، يحق لأي شخص تتم تبرئته من جريمة أن يحصل على تعويض مالي عن كل يوم احتجاز غير قانوني.
وهذا المبلغ يعكس الجهود التي بذلها المحامون وعائلة هاكامادا لتصحيح ما وقع عليه من ظلم. وقد تمثل هذه القضية أيضًا رسالة للمجتمع الياباني بأسره حول أهمية التأكد من عدالة النظام القضائي، والعمل المستمر من أجل تصحيح الأخطاء التي قد تحدث في أي وقت.
تأثير القضية على النظام القضائي
القضية تعد بمثابة صوت للعدالة في وجه الأخطاء القضائية التي قد تحدث في أي مكان في العالم. وفي اليابان، تُظهر القضية أهمية وجود نظام قضائي دقيق يعتمد على الأدلة القوية والتحقيقات العادلة.
كما أنها تُحفز الأنظمة القانونية الأخرى في دول العالم لتبني إجراءات أكثر دقة في التعامل مع القضايا الجنائية.
إيواو هاكامادا، الذي عانى طوال تلك السنوات، يعتبر اليوم رمزًا من رموز العدالة التصحيحية. ورغم تعويضه المالي، يبقى السؤال حول كيف يمكن تعويض شخص قضى أربعة عقود في السجن ظلما. لكن على الأقل، جاءت هذه القصة لتؤكد أنه لا يمكن لأي نظام قضائي مهما كان متقدمًا أن يظلم شخصًا إلى الأبد.