الإمارات – السابعة الإخبارية
المدرسة.. مع بداية كل عام دراسي جديد، يزداد انشغال الأسر العربية بتجهيز الحقائب المدرسية، شراء الأدوات، وتنظيم الجداول اليومية، لكن هناك جانبًا أكثر أهمية لا يقل قيمة عن الكراسات والكتب، وهو الحفاظ على صحة الأطفال. فموسم الدراسة يُعتبر بيئة خصبة لانتشار العدوى، نتيجة اختلاط التلاميذ في الفصول والأنشطة المختلفة. ومع ذلك، فإن الأمر لا يعني الاستسلام، بل يمكن بخطوات عملية بسيطة أن نحمي أبناءنا ونمنحهم فرصة لخوض تجربة تعليمية آمنة وصحية.

التطعيمات والفحوصات الطبية.. بداية الطريق
بحسب ما ورد في تقارير طبية على مواقع cdhf وscripps، فإن تحديث التطعيمات قبل العودة إلى المدارس يُعد بمثابة خط الدفاع الأول ضد العديد من الأمراض. التطعيم ضد الإنفلونزا، السحايا، وبعض الأمراض الفيروسية الأخرى يقلل بشكل كبير من احتمالية الإصابة، وبالتالي يقلل أيام الغياب عن الدراسة.
ولا تقل الفحوصات الدورية أهمية عن التطعيمات، فهي تتيح فرصة لمتابعة نمو الطفل، والكشف المبكر عن أي مشكلات قد تؤثر على تحصيله الدراسي مثل ضعف السمع أو البصر. كما أن بعض الأطفال يحتاجون إلى خطط علاجية خاصة، مثل المصابين بالربو أو اضطراب فرط الحركة، وهنا يصبح من الضروري التنسيق مع إدارة المدرسة أو الممرضة لتأمين الدواء في الوقت المناسب داخل الحقيبة أو في غرفة الرعاية الصحية.
عادات صحية يومية لا غنى عنها
الأمراض المعدية مثل نزلات البرد والإنفلونزا تنتقل بسهولة عبر السعال والعطس ولمس الأسطح الملوثة. لذلك، من المهم أن نغرس في أبنائنا منذ الصغر عادات بسيطة لكنها فعّالة، مثل غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة 20 ثانية، تغطية الفم والأنف عند العطس، وتجنب مشاركة الأدوات الشخصية كالزجاجات أو الأقلام.
من الأفضل تجهيز الطفل بزجاجة معقم يدوي ومناديل ورقية تُستخدم عند الحاجة، فهذه الأدوات الصغيرة قد تُحدث فرقًا كبيرًا في تقليل فرص الإصابة. أما بالنسبة للمراهقين الذين يعيشون في سكن جامعي أو مشترك، فيُنصح باستخدام مناديل مطهرة لتنظيف الأسطح التي يكثر لمسها مثل الطاولات وأحواض المطبخ.

النظام الغذائي
النظام الغذائي المتوازن يُعتبر الأساس الذي يُبنى عليه جسم قوي وصحي. فالخضراوات والفواكه الملونة تمد الأطفال بالفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تحارب الالتهابات وتقوي جهاز المناعة. بينما يساهم البروتين – سواء من اللحوم أو البقوليات – في بناء العضلات وإصلاح الأنسجة، فيما يظل الحديد عنصرًا ضروريًا لإنتاج خلايا الدم، ويمكن الحصول عليه من أطعمة مثل السبانخ والعدس.
هناك بعض العناصر الغذائية التي قد يصعب الحصول عليها من الطعام وحده، مثل فيتامين د الذي يحتاجه الجسم لامتصاص الكالسيوم، وأحماض أوميجا 3 المفيدة لصحة الدماغ. وفي هذه الحالات، قد يوصي الطبيب بمكملات غذائية مناسبة. ولا يجب أن نغفل عن أهمية شرب الماء بكميات كافية يوميًا، فالجفاف يُضعف تركيز الطفل ويؤثر على نشاطه داخل الفصل.
الرياضة والنوم.. السلاحان السريان ضد الأمراض
الحركة والرياضة ليستا ترفًا، بل ضرورة صحية ونفسية. ممارسة الأنشطة الرياضية مثل السباحة أو ركوب الدراجات أو حتى اللعب الحر في الحديقة تُساعد على تنشيط الدورة الدموية، تقوية عضلة القلب، وتحسين الحالة النفسية للأطفال. وتشير الدراسات إلى أن التمارين المنتظمة تُعزز مناعة الجسم وتُحسن جودة النوم.
أما النوم فهو الركيزة الأساسية للنمو السليم. يحتاج الأطفال في سن المدرسة إلى ما بين 8 إلى 12 ساعة نوم يوميًا، حسب أعمارهم. قلة النوم تؤدي إلى ضعف المناعة، تراجع القدرة على التركيز، وزيادة فرص الإصابة بالعدوى. لذلك، من المهم تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ بما يتماشى مع مواعيد المدرسة.
التوتر النفسي.. العدو الخفي للمناعة
غالبًا ما يغفل الآباء عن تأثير التوتر النفسي على صحة أبنائهم. الانتقال إلى صف جديد، مواجهة امتحان صعب، أو حتى صعوبة تكوين صداقات جديدة يمكن أن يكون مصدر قلق كبير للطفل. هذا الضغط النفسي، إذا استمر دون دعم، قد يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة وزيادة قابلية الإصابة بالأمراض.
من هنا، يبرز دور الأسرة في توفير بيئة آمنة وداعمة. الحوار المستمر مع الأبناء، تشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم، مساعدتهم على تنظيم وقتهم بين الدراسة والراحة، جميعها أمور تقلل من حدة التوتر وتساعد الطفل على التأقلم بشكل أفضل.

متى يجب بقاء الطفل في المنزل؟
أحيانًا قد لا يكون ذهاب الطفل إلى المدرسة الخيار الصحيح. فإذا ظهرت عليه أعراض قوية مثل الحمى، القيء، أو الإسهال، من الأفضل أن يبقى في المنزل حتى يتعافى تمامًا. العودة المبكرة لا تُعرض زملاءه للعدوى فحسب، بل قد تؤخر شفاؤه هو أيضًا.
العودة إلى المدرسة ليست مجرد بداية لعام دراسي جديد، بل هي فرصة لبناء عادات صحية تستمر مع الطفل طوال حياته. من التطعيمات والفحوصات الدورية، مرورًا بالعادات اليومية البسيطة، ووصولًا إلى الغذاء الصحي، النوم الكافي، وممارسة الرياضة؛ كلها عناصر متكاملة لحماية أطفالنا وضمان قدرتهم على التركيز والتعلم في بيئة آمنة.
فالوقاية ليست فقط حماية للحاضر، بل استثمار في مستقبل أكثر صحة وقوة لأبنائنا.