مصر – السابعة الإخبارية
أحمد عامر.. أثارت دعوات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا تطالب بـحذف أعمال الفنان الراحل أحمد عامر من المنصات الرقمية، حالة من الجدل داخل الوسط الفني والثقافي في مصر. ووصفت نقابة المهن الموسيقية هذه الدعوات بـ”الجريمة الإنسانية”، مؤكدة أن الفن لا يُدفن بموت صاحبه، بل يبقى أثرًا خالدًا في وجدان الأجيال.
في أول رد رسمي، أعرب الدكتور محمد عبد الله، المتحدث الرسمي باسم النقابة ووكيلها الثاني، عن استيائه الشديد من تلك المطالبات التي رآها تمسّ الكرامة الفنية والإنسانية للفنان الراحل، مشيرًا إلى أنها تفتقر إلى المنطق والرحمة، وتتناقض مع جوهر الفن كقيمة إنسانية وحضارية.

“ازدواجية فكرية وأخلاقية”
في تصريحاته، تساءل عبد الله باستنكار:
“كيف يتم الاستماع لأعمال الفنان وهو على قيد الحياة، ثم تُطالب بحذفها بعد وفاته؟ إذا كان البعض يعتقد أن الغناء والموسيقى حرام، فلماذا يتم ممارسته طيلة حياة الفنان؟ ولماذا يُعتبر الحذف توبة فقط بعد الوفاة؟”.
هذا التساؤل يعكس ما اعتبره البعض ازدواجية فكرية ودينية في التعاطي مع الفن. إذ يرى مراقبون أن إطلاق أحكام بعد الوفاة، واعتبار أن محو الأعمال الفنية هو بمثابة “تطهير”، يتنافى مع أبسط قيم الرحمة والتقدير الإنساني.
من هو أحمد عامر؟
الفنان أحمد عامر، الذي وافته المنية مؤخرًا، كان أحد الأسماء المعروفة في الساحة الغنائية الشعبية، وقدّم خلال مسيرته الفنية عددًا من الأغاني التي لاقت انتشارًا واسعًا، سواء من خلال الحفلات أو عبر المنصات الرقمية.
وقد نال حب شريحة كبيرة من الجمهور لما امتاز به من أداء صادق وقرب من المزاج الشعبي، وكان من الفنانين الذين فرضوا أنفسهم بعيدًا عن ضجيج السوشيال ميديا، معتمدًا على العمل والاجتهاد.
الفن كوثيقة إنسانية
في معرض حديثه، شدد عبد الله على أن أي عمل فني هو وثيقة إنسانية وثقافية تعبّر عن مرحلة وزمن ومجتمع، موضحًا أن المطالبة بحذف الأغاني تعني محاولة لطمس جزء من الذاكرة الجمعية التي يتفاعل معها الجمهور، سواء أحبها أو اختلف معها.
وأضاف:
“الفن لا يُمحى بالموت، بل يبقى شاهدًا على رحلة إنسانية ومشوار فني له قيمته. إن المطالبة بحذف أعمال فنية لفنان راحل هو تعدٍّ على حقه الإنساني، وإهانة لما قدّمه من جهد ومشاعر وسنوات من التعب”.

قضية تمس كل فنان
بعيدًا عن الراحل ، يرى فنانون ومثقفون أن هذه الدعوات سابقة خطيرة إذا تم الاستجابة لها، لأنها تفتح الباب لمطالب مماثلة بحق آخرين، ما يشكّل تهديدًا لحرية الإبداع وحقوق المبدعين بعد وفاتهم.
ويخشى بعضهم من أن تتحوّل هذه الدعوات إلى أداة ابتزاز أخلاقي أو ديني ضد الفن بشكل عام، خاصة في ظل تنامي خطابات “التطهير الرمزي” في الفضاء الرقمي، حيث يسهل بثّ أحكام قاطعة لا تخضع لأي معايير فنية أو قانونية.
ردود الفعل على مواقع التواصل
رغم وجود أصوات محدودة طالبت بالحذف، إلا أن الردود الجماهيرية عمومًا جاءت مندّدة بهذه الحملة، معتبرة أن الفن ليس سلعة موسمية يتم التعامل معها بمزاجية، بل هو نتاج حضاري يعكس نبض المجتمع، ويجب الحفاظ عليه كجزء من الإرث الثقافي.
وقد كتب أحد المتابعين:
“احترام الفنان بعد وفاته يكون بالحفاظ على أعماله، لا بحذفها. من لا يريد الاستماع له ببساطة يمكنه أن يتجاهله، لا أن يطالب بإزالته من الوجود”.
دعوة لإعادة النظر
وفي ختام تصريحه، وجّه الدكتور محمد عبد الله دعوة مفتوحة للجمهور، مطالبًا بـإعادة النظر في هذه الظاهرة، وقال:
“إذا كنا ندّعي الرحمة، فلنرحم ذكرى من رحلوا. وإذا كنا ندّعي الحرص على الأخلاق، فلتكن أخلاقنا شاملة للعدل بعد الموت. هذه الدعوات لا تعبر عن وعي مجتمعي، بل عن فوضى في الفهم والتقدير”.

خلاصة: الفن باقٍ.. والرحيل لا يلغي الإبداع
يبقى السؤال المطروح: هل يحق للبعض أن يقرر مصير أعمال فنية بعد وفاة أصحابها؟ وهل الرحيل يعني أن نُسقط كل ما قدمه الفنان من حساباتنا؟
في النهاية، الفن جزء لا يتجزأ من ذاكرة الشعوب، والاختلاف معه لا يمنح أي طرف حق شطبه. أما الرحيل، فيبقى حدثًا إنسانيًا يتطلب الرحمة والتقدير، لا الحذف والنسيان.
رحم الله #أحمد_عامر وغفر له
ووصيته هذه شيئ طيب
لكن أليس من الأولى أن يحذف أغانيه
في حياته ؟! pic.twitter.com/wLkCgmndXF— وطن يعني حصن (@quality1144) July 3, 2025