لبنان – السابعة الإخبارية
فضل شاكر.. في تطور دراماتيكي طال انتظاره، أسدل الفنان اللبناني فضل شاكر الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الوسطين الفني والقضائي بلبنان، بعدما سلّم نفسه طوعاً إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية داخل مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، منهياً بذلك 13 عاماً من الملاحقة والاختباء التي ظل خلالها اسمه يتردد بين ساحات الفن والسياسة والقضاء.
خطوة مفاجئة بعد سنوات من الغياب
جاء تسليم فضل شاكر لنفسه مساء السبت الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وفق بيان رسمي أصدرته قيادة الجيش اللبناني، أكدت فيه أن الفنان، واسمه الكامل فضل عبد الرحمن شمندر، خضع لتوقيف رسمي بعد أن سلّم نفسه لدورية من مديرية المخابرات عند مدخل المخيم، في خطوة وُصفت بأنها «جريئة ومفصلية» في مسيرة الفنان الذي كان قد توارى عن الأنظار منذ عام 2012.
وذكرت مصادر قريبة من شاكر أن قرار التسليم لم يكن وليد اللحظة، بل جاء بعد مشاورات مطوّلة وضمانات عربية ولبنانية بخصوص حصوله على محاكمة عادلة، بعيداً عن أي تدخلات سياسية أو إعلامية. كما أكدت أن جلسات المحاكمة المقبلة ستُعقد بشكل مغلق لتجنّب أي استغلال أو تضخيم إعلامي.

ثقة بالقضاء اللبناني
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام لبنانية، فقد عبّر فضل شاكر عن ثقته المطلقة بالقضاء اللبناني، مشيراً إلى أن خطوته هذه تمثل رغبة حقيقية في طيّ صفحة الماضي وبدء حياة جديدة، قائلاً وفق أحد المقربين منه:
«تأخرت هذه الخطوة كثيراً، لكنها جاءت بدافع الشجاعة والرغبة في إنهاء مرحلة الغموض. أنا واثق من عدالة القضاء اللبناني، بعيداً عن أي تأثيرات أو حسابات».
وأضافت المصادر أن الفنان أبدى استعداداً كاملاً للتعاون مع الجهات القضائية، وأنه يتعامل مع ما يجري بروح المسؤولية والهدوء، في محاولة لاستعادة حياته الطبيعية بعد سنوات من الترقب والاتهامات.
يُذكر أن القضاء اللبناني كان قد برّأ فضل شاكر في عام 2018 من تهمة «القتال ضد الجيش اللبناني»، وهي القضية التي ارتبطت بأحداث أمنية في مدينة صيدا عام 2013.
غير أن بعض الملفات القضائية الأخرى بقيت مفتوحة، أبرزها تهم حيازة السلاح و«ترويع المدنيين»، وهي التهم التي يُتوقع أن يُعاد النظر فيها قريباً ضمن إطار قانوني جديد بعد تسليم الفنان نفسه.
وتشير التوقعات القانونية إلى أن تسوية نهائية قد تكون قريبة، خاصة مع إبداء شاكر استعداده للمثول أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت، وهي الجهة المخوّلة بالنظر في قضيته وإعادة فتح الأحكام السابقة إذا اقتضت الضرورة.
تضامن فني وعائلي
وفي موازاة التطورات القضائية، أعلن الفنان محمد فضل شاكر، نجل الفنان، تعليق جميع حفلاته الفنية مؤقتاً تضامناً مع والده. وقال في بيان مقتضب عبر حساباته الرسمية:
«قلبي مع والدي في هذه المرحلة، وأتمنى أن ينال محاكمة عادلة تُنهي معاناته الطويلة. أوقف نشاطي الفني مؤقتاً حتى تنجلي الحقيقة».
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضامن واسعة مع الفنان اللبناني، حيث عبّر عدد كبير من محبيه وزملائه في الوسط الفني عن أملهم في أن يتمكن من تجاوز هذه الأزمة واستعادة مكانته التي فقدها بسبب ظروف خارجة عن الفن.

13 عاماً من الجدل والانعزال
منذ عام 2012، عاش فضل شاكر حياة غامضة داخل مخيم عين الحلوة، مبتعداً عن الأضواء بعد مسيرة فنية حافلة بالنجاحات والأغاني الخالدة التي طبعت ذاكرة جمهور الأغنية العربية.
ومع كل ظهور نادر له عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل، كان اسمه يعود إلى الواجهة، محاطاً بالتساؤلات حول مصيره وحقيقة وضعه القانوني، حتى جاءت خطوة التسليم الأخيرة لتضع حداً لكل الشائعات.
بداية جديدة بعد المحاكمة
وفقاً لمصادر لبنانية مطّلعة، ينوي فضل شاكر مغادرة لبنان بعد انتهاء محاكمته وإغلاق ملفه القضائي، بحثاً عن حياة أكثر استقراراً وهدوءاً بعيداً عن التهديدات والضغوط التي واجهها خلال السنوات الماضية.
ورجّحت التقارير أن يتجه الفنان إلى إحدى الدول العربية أو الأوروبية، حيث يخطط لإعادة إطلاق مشواره الفني تدريجياً بعد استكمال الإجراءات القانونية.
إرث فني لا يُمحى
رغم العزلة الطويلة، لا يزال اسم فضل شاكر يحتل مكانة مميزة في ذاكرة الأغنية العربية، إذ ترك خلفه رصيداً فنياً من الأعمال الخالدة مثل «لو على قلبي» و«يا غايب» و«حبيتك أنا» وغيرها من الأغنيات التي صنعت له شعبية استثنائية.
ويرى نقاد أن عودته المحتملة إلى الساحة بعد انتهاء الأزمة ستشكل حدثاً فنيًا كبيرًا، لما يمثله من قيمة صوتية وشاعرية افتقدها الجمهور العربي منذ سنوات.
بين العدالة والفن
بهذه الخطوة الجريئة، يكون فضل شاكر قد فتح صفحة جديدة في حياته الشخصية والفنية على حد سواء، واضعاً مصيره بين يدي العدالة اللبنانية. وبينما يترقب جمهوره مآلات القضية، تبقى الأنظار متجهة إلى المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت التي ستحسم مصيره خلال الأسابيع المقبلة، في قضية تختلط فيها الفن بالقانون، والماضي بالمستقبل.
