اليمن – السابعة الإخبارية
صالح حنتوس.. أدانت الحكومة اليمنية بأشد العبارات ما وصفته بـ”الجريمة الوحشية” التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية في محافظة ريمة، شمال غربي اليمن.
ووصف وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، ما جرى بأنه انتهاك صارخ لكل القيم الدينية والإنسانية، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يتعرض له المدنيون في مناطق سيطرة الحوثيين.
القضية أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الحقوقية والدينية والسياسية، وأعادت إلى الواجهة واقع الانتهاكات المستمرة التي تمارسها جماعة الحوثي بحق الرموز الدينية والمجتمعية التي ترفض الخضوع لسياساتها الفكرية والطائفية.

صالح حنتوس الذي وقف وحده
الشيخ حنتوس، الذي تجاوز السبعين من عمره، لم يكن مجرد معلم للقرآن الكريم، بل رمزٌ للتربية والإصلاح الاجتماعي في محافظة ريمة.
وُلد وتربى في أوساط محافظة محافظة معروفة بنشاطها الديني والتعليم التقليدي، وتولى سابقًا إدارة المعاهد العلمية في المحافظة قبل أن يتم إلغاؤها.
ومنذ ذلك الحين، كرّس حياته لتأسيس دار لتحفيظ القرآن الكريم، جعلها ملاذًا للأيتام والفقراء، حيث وفّر لهم التعليم والمأوى والكساء، بدعم من زوجته التي كانت تشاركه العمل التربوي والاجتماعي.
لم يكن للشيخ أي نشاط سياسي مباشر، لكن حضوره الشعبي وسيرته العلمية جعلاه عقبة في وجه الفكر الحوثي الذي يسعى إلى إخضاع كل منابر التعليم والخطاب الديني لرؤيته الأيديولوجية. وقد علّق عدنان العديني، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب الإصلاح، قائلاً: “لم يكن الشيخ حنتوس سياسيًا، لكنه مثّل روح الجمهورية وقاوم الطائفية بسلاح العلم والوعي، وهو ما جعل استهدافه محاولة لكسر إرادة الإنسان الحرّ وإخضاع المجتمع لصوت واحد”.

تفاصيل الواقعة
بحسب مصادر محلية وشهادات من أقاربه، داهمت عناصر من جماعة الحوثي منزل الشيخ حنتوس، مطالبةً إياه بالخضوع لما يسمى بـ”إشراف قرآني”، وهو نظام تتبعه الجماعة للسيطرة على مناهج ودور تحفيظ القرآن.
إلا أن الشيخ رفض الانصياع، ودخل معهم في مواجهة مسلحة محدودة داخل منزله، حيث قاوم وحده، بمساعدة زوجته التي أصيبت بجروح أثناء محاولتها تعبئة الذخيرة له.
انتهت المواجهة بمقتل الشيخ وسط منزله، فيما تُركت جثته، بحسب بعض الروايات، دون أن يُسمح لأبنائه أو طلابه بتوديعه أو دفنه بالشكل اللائق. ووصفت الحكومة الشرعية هذا الفعل بأنه “تصفية جسدية لأحد رموز التعليم القرآني”، معتبرة إياه جريمة متعمدة تحمل بصمات مشروع طائفي يستهدف التعددية الدينية والفكرية.

ردود فعل دولية مطلوبة
في خضم هذه الأحداث، ناشد وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى “اتخاذ موقف واضح وحازم” إزاء ما وصفه بـ”الجرائم المستمرة بحق المدنيين”. وطالب بتوثيق هذه الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها في المحاكم الدولية، معتبرًا أن الصمت الدولي يشجع على استمرار الانتهاكات.
كما دعت جهات دينية يمنية إلى اعتبار مقتل الشيخ جرس إنذار للمؤسسات الدينية والتعليمية، ودعت إلى إطلاق حملة دولية لحماية التعليم الديني المستقل من التوظيف السياسي والطائفي، وتقديم الدعم للمعلمين والدعاة الذين يعملون في مناطق النزاع.
رحيل الشيخ بهذه الطريقة الدموية، لا يمثّل فقط فقدان شخصية دينية بارزة، بل يكشف عن وجهٍ قاتم من وجوه الصراع في اليمن، حيث تتحوّل دور تحفيظ القرآن إلى جبهات مقاومة، والمعلمون إلى شهداء صامتين.
وبين قسوة الرصاص، وخذلان الصمت، يبقى صوت القرآن أقوى من أن يُسكَت وتبقى سيرة الشيخ حنتوس شاهدًا على ثبات الإنسان اليمني أمام الطغيان.
ردود فعل الأوساط
أثارت جريمة اغتيال صالح موجة واسعة من الغضب والحزن في الأوساط اليمنية، خاصة بين طلابه ومحبيه والمجتمع الديني في محافظة ريمة. عبّر كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن صدمتهم من بشاعة الحادثة، واعتبروا أن استهداف رجل سبعيني قضى عمره في خدمة القرآن وتعليم الأيتام والفقراء، يكشف حجم الانحراف الفكري والوحشية التي تمارسها جماعة الحوثي بحق كل من يخالفها أو يرفض الانصياع لأفكارها.

ونشر ناشطون صورًا قديمة للشيخ وسط طلابه، مؤكدين أنه لم يكن يومًا طرفًا في أي صراع سياسي، بل كان صوتًا هادئًا للعلم والخير. كما أصدرت جهات دينية واجتماعية بيانات نعي تستنكر الجريمة وتدعو إلى التحقيق الدولي في الحادثة، مشددة على أن السكوت عن هذه الانتهاكات يشجّع على تكرارها.
ورأى البعض أن استشهاد حنتوس ليس نهاية، بل بداية لمقاومة مجتمعية أوسع لرفض الطغيان وفرض الفكر الواحد.
قامت مليشيا الحوثي في اليمن بمحاصرة منزل الشيخ الكبير في السن #صالح_حنتوس وهو ، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في قرية البيضاء بمديرية السلفية بمحافظة #ريمة وبعدها قامت بقتله
بعدها تسمع المنافقون يصفقون للحوثي ويلمعونه pic.twitter.com/ktnKB4KDkg
— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) July 2, 2025