سوريا – السابعة الإخبارية
الهوية البصرية السورية.. في خطوة وصفت بأنها تحمل أبعادًا رمزية وتاريخية عميقة، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الخميس، عن إطلاق الهوية البصرية الجديدة للدولة السورية، في احتفال رسمي أقيم في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وسط حضور لافت من مسؤولي الدولة والمثقفين وممثلي المجتمع المدني.
الهوية البصرية السورية
الشرع، الذي يشغل منصب الرئاسة في مرحلة انتقالية دقيقة تمر بها البلاد، اعتبر أن الهوية الجديدة تعبّر عن “سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة”، مشددًا على أن هذه الرؤية البصرية هي امتداد لتاريخ سوري عريق، وتأسيس لمرحلة جديدة عنوانها النهوض والتماسك الوطني.

عودة إلى الجذور… وانطلاقة إلى المستقبل
استهل الرئيس السوري كلمته بسرد رمزي مؤثر حول بدايات دمشق، واصفًا إياها بأنها “أول عاصمة عرفتها البشرية”، في إشارة إلى عمقها الحضاري وقدمها التاريخي، وقال: “في غابر الزمان، ولدت حكاية مدينة اجتمع فيها معشر من الناس… تكاثروا، فاحتاجوا إلى بناء السلوك المنضبط، فزرعوا وصنعوا وبنوها، حتى شيدوا دمشق”.
واستحضر الشرع مسيرة الشام التاريخية التي “بدأت فيها حكاية الدنيا”، ووجّه اتهامًا صريحًا للنظام السابق، واصفًا إياه بأنه سبب في إذلال تلك الحكاية، حيث قال: “ما عشناه في زمن النظام البائد أذلّ حقبة في تاريخ الشام”، في واحدة من أبرز العبارات التي استوقفت المراقبين، إذ تعكس اعترافًا رسميًا بالفترة السوداء التي مرت بها البلاد خلال سنوات القمع والانقسام والدمار.
الهوية الجديدة: طائر جارح ومعانٍ متعددة
الهوية البصرية الجديدة، التي لم يُفصح عن تفاصيل تصميمها البصري بشكل دقيق بعد، وُصفت من قبل الرئيس بأنها تستمد رمزيتها من طائر جارح، يعكس القوة والعزم والسرعة والإتقان. وفي هذا السياق، أوضح الشرع أن الهوية تعبّر عن “أداء الدولة المتجدد، ونهجها في الابتكار وإعادة الإعمار وبناء الإنسان السوري”.
ويرى محللون أن استخدام رمز الطائر الجارح يُحمل دلالات متعددة: منها التحرر والانطلاق بعد الحصار، ومنها أيضًا القدرة على الرؤية الثاقبة والمواجهة، وهو ما يتناسب مع الصورة التي تحاول الحكومة رسمها في هذه المرحلة—سوريا القوية، الموحدة، القادرة على النهوض من بين الركام.
خطاب عاطفي إلى الشعب السوري
في خطابه، خاطب الشرع السوريين بلغة وجدانية، قائلاً:
“أيها الشعب السوري، إن حكاية الشام تستمر بكم… يحكي التاريخ أن عصر أفولكم قد ولّى، وأن زمان نهضتكم قد حان”.
وأضاف: “دماؤكم لم تذهب سدى، عذاباتكم لاقت آذانًا مصغية، هجرتكم انقطعت وسجونكم حُلت، وصبركم أورثكم النصر”.
هذه العبارات لاقت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن أملهم بأن تكون هذه الخطوة بداية فعلية للانفراج السياسي والاقتصادي، فيما اعتبر آخرون أن الخطابات وحدها لا تكفي، بل المطلوب ترجمة حقيقية لكل ما يُقال على الأرض.
هوية لا تعرف الانقسام
واحدة من أبرز الرسائل السياسية التي حملها خطاب الشرع كانت تأكيده أن الهوية الجديدة “تعبّر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم”، وأن التنوع الثقافي والعرقي فيها هو مصدر قوة، لا عامل فرقة أو صراع. وجاء هذا التأكيد في ظل استمرار التحديات التي تواجهها الدولة السورية في توحيد الصفوف، وسط تواجد فصائل سياسية ومسلحة متعددة على الأرض، وتحركات خارجية تسعى لتقويض مركزية القرار السوري.

وفي هذا الإطار، شدد الرئيس السوري على أن بناء الإنسان هو جوهر المرحلة المقبلة، قائلًا: “نرمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثًا عن الأمن والمستقبل، ونعيد إليها الثقة والكرامة وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج”.
ردود فعل الشارع والمراقبين
لاقى إعلان الهوية الجديدة تباينًا في ردود الفعل. فبينما رأى البعض أن الحدث يحمل رمزية مهمة وخطوة باتجاه بناء سردية وطنية جامعة، رأى آخرون أنه لا يكفي لصياغة عقد اجتماعي جديد ما لم تُرافقه خطوات سياسية واقتصادية ملموسة، كتوسيع الحريات العامة، وإطلاق سراح المعتقلين، وتهيئة بيئة عادلة للعودة الطوعية للنازحين.

ومع ذلك، لم تُخفِ بعض الأطراف الإقليمية والدولية اهتمامها بالخطاب، لا سيما فيما يتعلق بتأكيد وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع للتقسيم أو الحكم الذاتي، وهو ما اعتبره البعض رسالة ضمنية إلى الجهات الفاعلة في شمال وشمال شرقي البلاد.
مع إطلاق الهوية البصرية الجديدة، تُحاول الدولة السورية إرسال إشارات بأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة في الشكل والمضمون. وبين الخطاب الرسمي والتوقعات الشعبية، تبقى الاختبارات الحقيقية أمام القيادة السورية تتمثل في استعادة الثقة، وترميم النسيج المجتمعي، وخلق دولة تليق بتاريخ دمشق… وتستجيب لتضحيات أبنائها.
#الهوية_البصرية_الجديدة #الهوية_البصرية #الهوية_السورية pic.twitter.com/4zDadhbauY
— عمر الدغيم (@MrAldghym) July 3, 2025