الهند – السابعة الاخبارية
انفجار سحابي، شهدت ولاية أوتارانتشال شمال الهند واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية هذا العام، بعد أن تعرضت منطقة دهرالي (Dharali) التابعة لمقاطعة أوتاركاشي (Uttarkashi) لانفجار سحابي مفاجئ، أسفر عن فيضانات عارمة وانهيارات أرضية دمرت قرى بأكملها، وأودت بحياة عدد من السكان، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.
انفجار سحابي قاتل
الانفجار السحابي، المعروف محليًا باسم “كلاودبرست (Cloudburst)”، هو ظاهرة جوية تحدث عندما تُفرغ السحب كميات هائلة من الأمطار في فترة زمنية قصيرة جدًا. وقد أدى هذا الانفجار العنيف الذي وقع مساء الإثنين إلى تساقط أمطار غزيرة خلال دقائق معدودة، ما تسبب في سيول جارفة وانهيارات طينية ضربت عددًا من القرى والمناطق الجبلية.
وأكّدت السلطات المحلية، في بيان صدر صباح اليوم الثلاثاء، أن الكارثة أسفرت حتى الآن عن وفاة أربعة أشخاص على الأقل، بينما لا يزال أكثر من 50 شخصًا في عداد المفقودين. ولا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين وسط ظروف صعبة، في ظل استمرار تدفق المياه وتراكم الطمي والأنقاض.
قبل قليل…
فيضانات مفاجئة تضرب منطقة أوتاركاشي في الهند بعد جريان طوفان من المياه من أعلى الجبال حتى جرفت معها إحدى القرى وهناك العشرات في عداد المفقودين.
السبب سحابة مليئة بالأمطار انفجرت وهطل منها سيل من الماء في ظاهرة تُعرف بـ(الانفجار السحابي)pic.twitter.com/Je91k57Awv
— إياد الحمود (@Eyaaaad) August 5, 2025
دمار واسع في قرية دهرالي
تعد قرية دهرالي من أكثر المناطق تضررًا، إذ وصف شهود عيان المشهد بأنه “جدار من الماء اجتاح القرية فجأة”، جارفًا في طريقه كل ما اعترضه من منازل، محال تجارية، فنادق، وحتى سوق محلي بأكمله. وقد غمرت المياه والطين معظم المباني، ودُفنت بعض المنازل حتى أسطحها، بينما تحطمت أخرى بالكامل، لتتحول القرية في دقائق إلى منطقة منكوبة.
وقال أحد الناجين: “كنا نسمع صوت المطر، ثم فجأة أصبحنا نسمع هديرًا يشبه الزلزال، وبعدها جاء السيل واجتاح كل شيء… لم أتمكن من إنقاذ سوى أطفالي.”
وبحسب فرق الدفاع المدني، فقد تم إنقاذ عدد من السكان الذين علقوا تحت الأنقاض والطين، بعضهم خرج بأعجوبة من تحت الركام، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تعمل ليل نهار للبحث عن أحياء أو جثامين تحت الأتربة والصخور.
تحديات تواجه فرق الإنقاذ
واجهت فرق الطوارئ تحديات هائلة في الوصول إلى المناطق المنكوبة، بسبب انهيارات أرضية قطعت الطرق المؤدية إلى القرى الجبلية، وانقطاع الكهرباء والاتصالات في العديد من المناطق. وقد استُدعي الجيش الهندي للمشاركة في عمليات الإنقاذ، حيث أُرسلت وحدات متخصصة مزودة بالمعدات الثقيلة، بالإضافة إلى طائرات مروحية لنقل المصابين وإيصال المساعدات.
وأشار مسؤول في إدارة الكوارث إلى أن طبيعة التضاريس الجبلية، إلى جانب الطقس السيئ، يعيقان عمليات الإنقاذ بشكل كبير، موضحًا أن “الوقت حرج للغاية لإنقاذ من لا يزال حيًا تحت الركام.”
إعلان حالة الطوارئ
أعلنت حكومة ولاية أوتارانتشال حالة الطوارئ في مقاطعة أوتاركاشي، مع تخصيص ميزانية عاجلة لتمويل عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار. كما تم إجلاء مئات السكان من القرى المحيطة إلى مناطق آمنة، في حين أُغلقت المدارس والطرق الرئيسية تحسبًا لأي انهيارات جديدة.
وحذّرت السلطات السكان من الاقتراب من مجاري الأنهار أو المناطق المنحدرة، حيث لا تزال الأرض مشبعة بالمياه، ما يزيد من خطر حدوث انزلاقات جديدة أو انهيارات صخرية.
خسائر بشرية ومادية فادحة
إلى جانب الخسائر البشرية، تكبدت المنطقة خسائر مادية ضخمة، تمثلت في تدمير عشرات المنازل والمحال التجارية والبنية التحتية الأساسية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي. كما تضررت بعض الجسور والطرق الحيوية التي تربط المنطقة بالمدن المجاورة.
وبحسب تقديرات أولية، فإن الأضرار في قرية دهرالي وحدها قد تتجاوز ملايين الدولارات، في حين يتوقع أن تستغرق جهود إعادة الإعمار أسابيع وربما شهورًا، خاصة في ظل الأحوال الجوية غير المستقرة.
خلفية مناخية متطرفة
تأتي هذه الكارثة ضمن سلسلة من الأحداث المناخية المتطرفة التي تضرب الهند هذا العام، خصوصًا خلال موسم الأمطار الموسمية (المونسون) الذي يمتد من يونيو حتى سبتمبر. وقد شهدت ولايات عديدة فيضانات، انهيارات طينية، وحرائق غابات خلال الأشهر الأخيرة، ما يسلط الضوء على تزايد هشاشة البيئة الجبلية أمام تغير المناخ.
ويؤكد خبراء الأرصاد أن تغير المناخ أدى إلى ارتفاع وتيرة الانفجارات السحابية والأمطار الشديدة في المناطق الجبلية، وهو ما يزيد من المخاطر على المجتمعات المحلية التي غالبًا ما تكون غير مهيّأة لمواجهة مثل هذه الكوارث.
تضامن واستجابة دولية
في ظل هذه المأساة، أعربت عدد من الدول والمنظمات الإنسانية عن تضامنها مع الشعب الهندي، وبدأت بعض الجهات الدولية في التواصل مع الحكومة الهندية لتقديم الدعم اللوجستي والطبي. كما أطلقت منظمات إنسانية محلية حملات لجمع التبرعات والمساعدات العاجلة.
المستقبل: الحاجة إلى خطط استجابة فعّالة
هذه الكارثة تعيد إلى الواجهة الحاجة الملحة لوضع خطط استجابة طارئة أكثر فعالية، وتحديث أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز البنية التحتية في المناطق الجبلية. فمع توقع تزايد الكوارث المناخية، يصبح من الضروري أن تعتمد الهند – خاصة في ولاياتها الجبلية – نهجًا استباقيًا يوازن بين التنمية والسلامة البيئية.