أمريكا – السابعة الاخبارية
باسم يوسف، بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات عن الساحة الإعلامية المصرية، يعود الإعلامي الساخر باسم يوسف إلى الشاشة المصرية من خلال سلسلة حلقات حوارية خاصة عبر برنامج “كلمة أخيرة“، الذي يقدمه الإعلامي أحمد سالم على قناة ON، ابتداءً من 7 أكتوبر 2025. هذه العودة المفاجئة والمثيرة، تأتي وسط ترقب كبير من الجمهور المصري والعربي، ووسط جدل واسع حول الأجور والتوجهات والمواقف التي لا تزال تثير الجدل حتى اليوم.
باسم يوسف يعود بعد غياب
منذ مغادرته مصر في أعقاب إيقاف برنامجه الشهير “البرنامج” في عام 2014، ظل باسم يوسف بعيدًا عن الإعلام المصري، بينما استقر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأ حياة جديدة، وشارك في عدد من المشاريع الإعلامية والأكاديمية. ومع أن ظهوره ظل مقتصرًا على منصات التواصل الاجتماعي أو مقابلات دولية، فإن غيابه عن الإعلام المصري ترك فراغًا ملحوظًا، خصوصًا في مجال السخرية السياسية التي كان رائدًا لها في العالم العربي.
الآن، وبعد عشر سنوات من الابتعاد الجسدي والإعلامي، يعود باسم يوسف إلى جمهوره المصري بحلّة جديدة، ولكن بذات الروح الساخرة واللاذعة التي عرف بها.
“كلمة أخيرة”: منصة العودة
اختيار برنامج “كلمة أخيرة” ليكون منصة عودة باسم يوسف لم يكن اعتباطيًا. فالبرنامج، الذي يتولى تقديمه الإعلامي أحمد سالم، اكتسب في السنوات الأخيرة سمعة جيدة في تقديم محتوى حواري جاد، يجمع بين الجرأة والعمق والطرح المتوازن. ويبدو أن القائمين على البرنامج أدركوا القيمة الرمزية والإعلامية لعودة شخصية مثل باسم يوسف، فتم تخصيص سلسلة خاصة من الحلقات تبدأ في السابع من أكتوبر، لتكون منصة حوار وانكشاف وتفكير بصوت عالٍ.
مواضيع الحلقات: بين الكواليس والاعترافات
السلسلة المنتظرة ستحمل أكثر من مجرد حوارات شخصية، بل ستغوص في تفاصيل رحلة باسم يوسف في الخارج، كيف تطور شخصيًا ومهنيًا، وما هي الدروس التي تعلمها، وكيف يرى الإعلام والحرية والسخرية بعد عقد من التجربة الغربية. بحسب الإعلانات الترويجية، ستحمل الحلقات كواليس غير مسبوقة عن حياته في الولايات المتحدة، تفاصيل مغادرته مصر، وتفاعله مع الجالية العربية هناك، بالإضافة إلى رؤيته لمستقبل الإعلام العربي في ظل الأوضاع الحالية.
كما من المتوقع أن تشهد الحلقات لحظات درامية وإنسانية، تكشف جانبًا مختلفًا من شخصية باسم، بعيدًا عن الكوميديا والسخرية المعتادة، وهو ما يضيف بعدًا جديدًا لهذه العودة.
الشائعات تسبق الظهور: 22 مليون جنيه تثير الجدل
لم تخلُ عودة باسم يوسف من الشائعات والجدل. فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء تزعم أن الإعلامي الساخر تلقى 22 مليون جنيه مصري مقابل مشاركته في هذه الحلقات. هذه الأرقام أثارت ردود فعل واسعة، بين مؤيدين يرون أن باسم يوسف يستحق هذا الأجر نظرًا لتاريخه وجماهيريته، ومعارضين اعتبروها مبالغة مفرطة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد.
باسم يوسف يرد بطريقته المعتادة
كعادته، لم يدع باسم يوسف الشائعات تمر دون تعليق ساخر. فقد نشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك منشورًا يرد فيه على تلك المزاعم، قائلًا:
“زي ما شوفتوني أول مرة في أوضة الغسيل من مصر، حتشوفوني تاني على شاشات التلفزيون المصري من أوضة الغسيل من لوس أنجلوس.”
وأضاف في سخرية لاذعة:
“بصراحة خبر عجيب جدًا.. أنا آخد 22 مليون دولار؟ يا ريت نتحرى الدقة.”
بهذا الرد، استطاع باسم تحويل الجدل إلى مادة للضحك، في تكرار لأسلوبه الذي اشتهر به في برنامجه السابق، حيث كان دائمًا يستخدم السخرية للرد على الانتقادات والشائعات.
باسم يوسف: من “البرنامج” إلى العالمية
من المهم التذكير بأن باسم يوسف ليس مجرد مذيع أو فنان كوميدي، بل هو ظاهرة إعلامية عربية تركت أثرًا واضحًا في وجدان الجمهور. فقد بدأ مشواره من فيديوهات بسيطة على “يوتيوب” بعنوان “باسم شو”، قبل أن تتحول إلى البرنامج الشهير الذي كان يُعرض على CBC ثم MBC مصر، محققًا نسب مشاهدة قياسية وغير مسبوقة.
إيقاف “البرنامج” في 2014، بسبب ضغوط سياسية، شكل نقطة تحول في مسيرة باسم يوسف. ومنذ مغادرته البلاد، انتقل إلى تقديم عروض كوميدية في أمريكا، وشارك في برامج دولية، كما نشر كتابًا يتناول سيرته وتجاربه بعنوان “Revolution for Dummies”، إضافة إلى ظهوره كمتحدث في العديد من المؤتمرات والجامعات.
لماذا هذه العودة الآن؟
سؤال مشروع يطرحه كثيرون: لماذا يعود باسم يوسف الآن؟ وهل تغيرت الظروف السياسية والإعلامية في مصر بما يسمح بظهور صوت مثله؟ أم أن ظهوره مجرد عودة رمزية، محسوبة بدقة، في إطار محدد ومراقب؟
حتى الآن، لا يبدو أن باسم يوسف سيعود لتقديم برنامج منتظم أو محتوى ساخر على غرار ما كان يفعل سابقًا، بل إن ظهوره في “كلمة أخيرة” يبدو أقرب إلى حوار توثيقي وتاريخي، منه إلى عودة إعلامية كاملة. مع ذلك، فإن مجرد ظهوره على الشاشة المصرية، بعد كل هذه السنوات، يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات، وربما التغييرات المحتملة في المشهد الإعلامي.
التفاعل الجماهيري: ترحيب حذر
ردود الفعل على إعلان ظهور باسم يوسف جاءت متفاوتة. فبينما عبّر كثيرون عن فرحتهم وترقبهم لظهوره، خاصة من الجيل الذي واكب “البرنامج” وتأثر به، أبدى آخرون تحفظهم أو شكوكهم، متسائلين عن دوافع الظهور، ومدى حرية التعبير التي سيُمنحها، وإن كان سيظل باسم يوسف كما عرفوه، أم أن التجربة ستخضع لكثير من الفلاتر والتحفظات.
بعض المعلقين على وسائل التواصل كتبوا أن “الزمن تغير، والجمهور كذلك”، فيما رأى آخرون أن “باسم رجع ليمد الجسر المقطوع بين السخرية والناس”، وبينما يرى البعض عودته محاولة لإحياء خطابه النقدي القديم، يعتقد آخرون أنها لن تتجاوز حدود الحنين إلى الماضي.
هل يعود “البرنامج” من جديد؟
سؤال آخر يلوح في الأفق: هل تمهّد هذه الحلقات لعودة محتملة لـ”البرنامج”؟ باسم يوسف لم يصرح حتى الآن بأي نية للعودة إلى تقديم برنامج ساخر جديد، لكنه ألمح في مقابلات سابقة إلى أن الحنين إلى جمهوره العربي لم يفارقه، وأنه لا يمانع من الظهور إذا توفرت البيئة المناسبة.
ورغم أن عودة “البرنامج” بالشكل السابق قد تكون شبه مستحيلة في ظل الظروف الحالية، إلا أن تجربة السلسلة الحوارية الجديدة قد تكون خطوة تجريبية لقياس المزاج العام، وفتح الباب لمشاريع إعلامية مستقبلية.
كلمة أخيرة
باسم يوسف لم يكن يومًا إعلاميًا عاديًا، بل شكّل نقطة تحوّل في المشهد العربي من خلال أسلوبه الجريء وقدرته على الجمع بين الكوميديا والنقد العميق. عودته إلى الإعلام المصري، ولو بشكل جزئي أو رمزي، تحمل في طياتها رسائل عديدة، بعضها شخصي، وبعضها سياسي، وبعضها يتعلق بطبيعة الإعلام نفسه.
سواء كانت هذه العودة بداية جديدة أم لحظة عابرة، فإنها بالتأكيد لن تمر دون تأثير. فباسم يوسف لا يظهر في الإعلام إلا ليصنع الحدث، ويبدو أن شهر أكتوبر القادم سيكون موعدًا مع واحدة من أكثر اللحظات الإعلامية إثارة منذ سنوات.