لندن – السابعة الإخبارية
الذكاء الاصطناعي.. في مشهد يُجسّد نقطة تحوّل تاريخية في عالم التنس، أعلنت إدارة بطولة ويمبلدون 2025 رسميًا عن تطبيق نظام التحكيم الإلكتروني الكامل (Electronic Line Calling) في جميع ملاعب البطولة، لتكون أولى بطولات “الجراند سلام” التي تستغني بالكامل عن حكّام الخطوط البشر، مستبدلة إياهم بتقنيات الذكاء الاصطناعي والكاميرات المتقدمة.
هذا القرار يمثل نقلة نوعية في مسيرة البطولة الأعرق في تاريخ اللعبة، والتي حافظت لعقود على طابعها الكلاسيكي، من اللباس الأبيض الإلزامي، إلى تقاليد التحكيم الصارمة التي كانت جزءًا لا يتجزأ من هوية ويمبلدون.

من صراخ “Out” إلى صمت التقنية بـ الذكاء الاصطناعي
لطالما كان صوت الحكم المساعد الذي يصرخ بكلمة “Out” من أكثر اللحظات ارتباطًا بمباريات التنس، إلا أن نسخة 2025 من البطولة ستشهد غياب هذا العنصر البشري بالكامل. حيث ستُتخذ جميع قرارات الخط من خلال نظام يعتمد على كاميرات فائقة الدقة وتقنيات تحليل ذكي للموقع الذي تسقط فيه الكرة، بدقة تصل إلى جزء من المليمتر.
الدقة أولاً: لماذا اتخذت ويمبلدون هذه الخطوة؟
الخطوة تأتي في إطار سعي البطولة لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، وتحقيق أقصى درجات الحياد والعدالة التحكيمية. وبحسب البيان الصادر عن إدارة البطولة، فإن القرار “يهدف إلى تقليل الأخطاء البشرية، وتقديم تجربة أكثر شفافية للاعبين والجماهير”.
في السنوات الأخيرة، أصبحت أخطاء الحكّام موضوع جدل واسع، خصوصًا في المباريات الحاسمة. وقد شكّلت هذه الأخطاء أحيانًا نقطة تحول في مصير اللقاءات، ما دفع العديد من الأصوات للمطالبة بتعميم استخدام التكنولوجيا في التحكيم، وهو ما قامت ويمبلدون بتحقيقه فعليًا هذا العام.
خصائص التحكيم الإلكتروني: السرعة والدقة والحياد
نظام التحكيم الجديد يتميّز بعدة مزايا لافتة:
• استجابة فورية: يُصدر القرار خلال أجزاء من الثانية بعد سقوط الكرة.
• تحليل شامل: تغطية بصرية كاملة للملعب عبر شبكة من الكاميرات الموزعة بدقة.
• الحياد الكامل: لا مجال للتحيّز أو التأثر بعوامل الجمهور أو ضغط المباراة.
• إعادة العرض: إمكانية مراجعة القرارات بشكل مرئي فوري، ما يعزز الثقة بالتحكيم.
كل هذه العوامل تُسهِم في تحسين جودة المباريات وتقليل أوقات التوقف، ما يُعتبر خطوة إيجابية في تطوير رياضة التنس الحديثة.

انقسام في آراء اللاعبين
رغم الإشادة الواسعة من جهات رياضية وتقنية، إلا أن ردود فعل اللاعبين جاءت متفاوتة. فقد رحب البعض بالتحول الرقمي باعتباره خطوة ضرورية نحو العدالة، فيما أعرب آخرون عن الحنين إلى الطابع الإنساني في اللعبة.
يقول أحد اللاعبين المخضرمين في تصريحات صحفية:
“القرارات بلا شك أصبحت أدق، لكن غياب صوت الحكم وتلك اللحظة البشرية البسيطة تُفقد التنس شيئًا من روحه… التنس ليس أرقامًا فقط، بل مشاعر وتقاليد أيضًا.”
ويمبلدون تقود المستقبل… بعد أن قاومت طويلًا
تجدر الإشارة إلى أن بطولات أخرى مثل أستراليا المفتوحة وبطولة أمريكا المفتوحة (US Open) قد سبقت ويمبلدون في استخدام تقنيات التحكيم الإلكتروني، لكنها لم تطبقها بشكل كامل في جميع الملاعب. أما ويمبلدون، التي طالما اشتهرت بالحفاظ على التقليد والهوية الكلاسيكية، فهي أول من يعلن اعتماد هذا النظام بنسبة 100% في كل مباريات البطولة وعلى جميع الملاعب، بما في ذلك الملاعب الجانبية.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الرياضة
ما قامت به ويمبلدون ليس مجرد تحديث تقني، بل هو جزء من توجه عالمي أوسع لدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الرياضة، من التحكيم إلى تحليل الأداء والخطط التكتيكية، وصولًا إلى قياس اللياقة البدنية وإدارة الإصابات. ويتوقّع خبراء أن تمتد هذه التقنيات قريبًا إلى ألعاب أخرى مثل كرة القدم وكرة السلة، حيث أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يُستغنى عنه في تحسين الأداء والتحكيم.
ختام: التنس يدخل عصرًا جديدًا
مع تطبيق نظام التحكيم الإلكتروني الكامل، تكون ويمبلدون قد فتحت بابًا جديدًا في تاريخ التنس، وطرحت سؤالًا مهمًا على مجتمع الرياضة: هل المستقبل للآلات أم أن الطابع الإنساني سيبقى جزءًا لا غنى عنه في الألعاب؟
بين مؤيدٍ للتكنولوجيا ومُتحفظٍ على اختفاء العنصر البشري، تبقى الحقيقة واضحة: عصر جديد بدأ في ويمبلدون… صامت، دقيق، وسريع، لكنه بلا صراخ
.
يومان فقط على انطلاق بطولة ويمبلدون 🍓🌱😍⏳
— ZIKO (@ZIKO_TALKS) June 28, 2025