الإمارات – السابعة الاخبارية
بكسل هولوغرافي، في خطوة تُعد من أبرز التطورات في مجال البصريات والإلكترونيات البصرية، كشف باحثون عن بكسل ثلاثي الأبعاد “هولوغرافي” وهو بكسل هولوغرافي يدمج بين تقنية OLED (الثنائيات العضوية الباعثة للضوء) والأسطح المجسَّمة (Holographic Meta‑Surfaces). هذا الابتكار قد يمهّد طريقاً نحو شاشات هولوغرافية مدمجة وقابلة للتطبيق في الأجهزة الذكية بأسعار ميسورة، محدثًا نقلة نوعية في كيفية عرض المحتوى الرقمي.
بكسل هولوغرافي يسهل التحديات التي تواجه التصوير المجسَّم التقليدي
لطالما اعتمدت شاشات الصور المجسّمة (الهولوغرافية) على أنظمة ليزر معقدة، وأجهزة بصرية ضخمة لتوليد التداخل الضوئي الذي يصنع الشعور بالعمق. هذه البنى الكبيرة والمعقدة حدّت من استخدامها في الأجهزة الاستهلاكية اليومية، مثل الهواتف الذكية أو الشاشات الرقيقة.
من جهة أخرى، البنى الضخمة والاستقطابات الدقيقة والتحكم الحركي في الليزر تزيد من التكلفة وتعوق تبني التقنية على نطاق واسع. لذلك، كان من الضروري إيجاد حل يختصر هذا التعقيد ويُدمج ضمن هيكل شاشات رقيقة وصغيرة.
كيف يعمل البكسل الهولوغرافي الجديد؟
يعتمد الابتكار على تركيب طبقة من الأسطح المجسَّمة فائقة الرقة فوق بكسل OLED تقليدي. هذه الأسطح المجسّمة تتكوَّن من ذرات “ميتّا” نانوية دقيقة، مُصمَّمة بدقة للتحكم في خصائص الضوء (مثل الطور، السعة، الاستقطاب). تعمل هذه الأسطح كمعدّل ضوئي متقدم، حيث تأخذ شعاع الضوء الصادر من بكسل الـ OLED وتعدّله لإنتاج أنماط تداخل ضوئية تولّد صورة ثلاثية الأبعاد على الجانب الآخر.
بمعنى أبسط، كل بكسل OLED يصبح “مصدرًا قابلًا للتشكيل” يدعم إنتاج صورة مجسَّمة معقدة، بدلاً من الاعتماد على آلاف البكسلات لإنتاج العمق البصري.
مزايا الابتكار مقارنة بالتقنيات التقليدية
1. اختصار حجم ومكونات النظام
بدلاً من الحاجة إلى مجموعة بصرية كبيرة وعدد كبير من وحدات البكسل، يمكن لنظام واحد أن يُنتِج صورة ثلاثية الأبعاد كاملة. هذا يقلل كثيرًا من الحجم والتعقيد الكلي للنظام البصري.
2. كفاءة أعلى
تصغير عدد المكونات البصرية والاعتماد على بنية نانوية دقيقة يعني استهلاكًا أفضل للطاقة، وتقليل الفاقد في الضوء، وزيادة كفاءة الأداء.
3. قابلية الدمج في الأجهزة الذكية
بما أن التقنية قابلة للتطبيق على بكسل OLED فردي، يمكن أن تُدمَج في شاشات الهواتف أو الأجهزة القابلة للارتداء دون إضافة مكونات كبيرة الحجم — مما يجعل الفكرة قابلة للتحول إلى منتج استهلاكي.
4. تجربة بصرية غامرة
مع القدرة على تحريك الضوء في كل بكسل بدقة، يمكن تقديم صور ثلاثية الأبعاد أكثر تفصيلاً وعمقًا ووضوحًا مقارنة بالأساليب التقليدية التي تكتفي بإيهام العمق أو استخدام عدسات خاصة.
تطبيقات مستقبلية متوقعة
• الواقع المعزز والافتراضي (AR / VR)
دمج هذه التقنية في نظارات الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي قد يمكِّن من عرض صور مجسَّمة واقعية داخل الحيز المحيط بالمستخدم، دون الحاجة إلى عدسات إضافية أو أجهزة بصرية معقدة.
• الشاشات الذكية الغامرة
تخيل هاتفًا ذكيًا يمكنه عرض صور ثلاثية الأبعاد تُشاهد من الزوايا المختلفة، دون نظارات أو ملحقات خارجية. هذه التقنية قد تفتح الباب أمام هواتف بصرية متقدمة.
• العروض البصرية والإعلانات
شاشات هولوغرافية في المراكز التجارية والميادين قد تُمكِّن من عروض بصرية ملفتة بدون الحاجة إلى تجهيزات ضخمة.
• الألعاب والتفاعل المدعوم بالبصريات
ألعاب تستفيد من العمق الحقيقي في العرض، حيث يمكن للاعبين رؤية الأجسام تدور أمامهم أو حولهم بصريًا دون الحاجة إلى شاشات ثلاثية الأبعاد تقليدية أو نظارات.
التحديات المتبقية في طريق التنفيذ العملي
رغم هذه المزايا الواعدة، فإن هناك عدة تحديات يجب تجاوزها قبل أن نشهد هذه التكنولوجيا في أجهزتنا اليومية:
- الدقة والبكسلات الصغيرة: السيطرة على الضوء على المستوى النانوي تحتاج دقة عالية في التصنيع والتحكم.
- السلاسة في الانتقال بين المشاهد: الانتقال المستمر بين الصور المجسَّمة والمحتوى ثنائي الأبعاد دون تشوّش.
- التكلفة الصناعية: تصنيع الأسطح المجسَّمة النانوية ضمن تكلفة مناسبة للاستخدام التجاري.
- التكامل مع مكونات أخرى: كالمعالجات، وشرائح العرض، وبطاريات الهواتف الذكية دون التأثير على الوزن والحجم.
- الموثوقية والمتانة: قدرة الطبقات النانوية على تحمل الاستخدام اليومي والاهتزازات والحرارة والرطوبة.
الآفاق المستقبلية: من البحث إلى السوق
الباحثون الآن يركزون على تحسين التحكم في معالجة الضوء، زيادة دقة الصور المجسَّمة، والعمل على دمج التقنية مع المكونات الإلكترونية الأخرى في الشاشات. كما تُجرى دراسات على كيفية توسيع نطاق الألوان، وتحسين الزوايا التي يُشاهد منها العرض المجسَّم.
إذا نجحت هذه الجهود، فقد نشهد هواتف ذكية وشاشات لوحية وقابلة للارتداء يمكنها عرض محتوى ثلاثي الأبعاد حقيقي دون ملحقات إضافية أو نظارات خاصة. قد تكون هذه النقلة هي الخطوة الحاسمة نحو مستقبل تكون فيه الشاشة “نافذة واقعية” وليس مجرد سطح ثنائي الأبعاد.