تركيا – السابعة الإخبارية
بهار شاهين.. في خطوة جريئة هزّت الوسط الفني التركي، خرجت الممثلة الشابة بهار شاهين عن صمتها لتكشف تفاصيل صادمة عن معاناتها خلف كواليس المسلسل الشهير “إسطنبول الظالمة”، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرتها الفنية، إلا أنه حمل لها تجربة مريرة طغى عليها التنمّر النفسي والجسدي، بحسب تصريحاتها الأخيرة.
وفي مقابلة مطوّلة أجرتها مع اليوتيوبر “آريا بكتاش”، فتحت شاهين ملفات مسكوت عنها، مشيرة إلى أنها كانت ضحية سلوكيات مسيئة خلال فترة تصوير العمل في عام 2019، من قبل بعض زميلاتها الممثلات، وسط غياب تام لأي دعم أو تدخل من فريق الإنتاج. رغم النجاح الذي حققته شخصية “جيرين” التي أدّتها، إلا أن الكواليس كانت تحمل لها وجعًا آخر لم يظهر أمام الكاميرا.

بهار شاهين: لم تكن بطولة، بل معركة نفسية
تقول شاهين: “بينما كان الجمهور يشيد بأدائي، كنت أعيش صراعًا داخليًا يوميًا. تعرّضت للتجاهل، التنمّر، وحتى محاولات اعتداء جسدي من زميلات في العمل، وصفنني بألفاظ قاسية مثل ‘الفتاة الفقيرة’”. وأضافت أن إحدى الممثلات حاولت صفعها ذات مرة، ما اضطرها للدفاع عن نفسها وإغلاق الباب بوجهها، لتفاجأ لاحقًا باتهامها بالاعتداء.
اللافت أن تلك الأحداث لم تقابل برد فعل من قبل فريق التصوير أو المنتجين. بل على العكس، قيل لها “عليكِ التحمّل، فأنتِ الأصغر سنًا”، وهو تبرير رفضته شاهين، مؤكدة أن السن لا يجب أن يكون ذريعة لتبرير الإهانة أو الصمت عنها.
“صمت الوسط الفني.. وتجاهل مؤسسي”
الغريب في الأمر، أن التصريحات لم تلقَ أي رد علني من أبطال المسلسل الآخرين، أو حتى من شركة الإنتاج. ما دفع المتابعين على مواقع التواصل للتساؤل: هل ثقافة الصمت والتواطؤ سائدة في كواليس الإنتاجات التركية؟ وهل يتعرض الفنانون الشباب لانتهاكات مشابهة تُقابل بالتجاهل أو التغطية؟
ويرى مراقبون أن تصريحات شاهين، حتى وإن جاءت بعد مرور عدة سنوات، تمثل بداية ضرورية لتفكيك ثقافة الصمت تلك، خصوصًا أن الحوادث التي تحدّثت عنها تتعدى الخلافات الشخصية، وتلامس قضايا أكثر خطورة تتعلّق بالكرامة وحقوق العاملين في المجال الفني.
“النجاح الجماهيري لا يحمي الفنان من الأذى”
تجربة شاهين تُثبت حقيقة مُرّة: النجاح أمام الجمهور لا يعني بالضرورة بيئة آمنة خلف الكاميرا. وعلى الرغم من الحب الكبير الذي نالته من المتابعين، إلا أن ما عايشته من مشاعر عزلة ورفض داخل موقع التصوير تركت بصمة سلبية في بداياتها المهنية، وكادت أن تودي برغبتها في الاستمرار.
في حديثها، أبدت شاهين إصرارًا على تجاوز التجربة، قائلة: “ما حدث لم يكسرني. لكنه علّمني ألا أتنازل عن حقي مرة أخرى”. وأضافت أنها تأمل أن تشجّع قصتها فنانين آخرين على التحدّث وعدم السكوت عن الإساءات.

“رسائل دعم.. ودعوات للإصلاح”
عقب بث المقابلة، امتلأت منصات التواصل بتعليقات الدعم والتضامن من الجمهور التركي والعربي، حيث اعتبر كثيرون أن ما كشفته شاهين يتطلب تحركًا فوريًا من النقابات الفنية والجهات الرقابية، لوضع إطار واضح يحمي الفنانين، لا سيما المبتدئين منهم.
ودعا فنانون وصحفيون إلى ضرورة وجود وحدة داخل مواقع التصوير لرصد الانتهاكات وتقديم دعم نفسي وقانوني للمتضررين، خاصة أن بيئة العمل الفنية، بحسب مراقبين، لا تزال تفتقر إلى القوانين الرادعة فيما يتعلق بالتنمّر والتمييز.
“ظاهرة أوسع من بهار شاهين”
تصريحات شاهين سلطت الضوء أيضًا على واقع أوسع في صناعة الترفيه، حيث غالبًا ما يتم تهميش الفنانات الشابات، أو إخضاعهن لضغوط تتعلق بالمكانة الاجتماعية أو الخلفية الاقتصادية. وهو ما يفتح النقاش حول طبقية مستترة في الوسط الفني قد تُمارس بشكل غير معلن.
ورغم محاولات البعض التقليل من أهمية ما قالته، إلا أن مصداقية شاهين ووضوح روايتها جعلت منها صوتًا مُعبّرًا عن كثيرين ربما لم يجدوا بعد الشجاعة للبوح بما مرّوا به.
“أمل في التغيير”
في ختام حديثها، أكدت بهار شاهين أنها لا تحمل كراهية لأحد، لكنها أرادت إيصال رسالة: أن الاحترام هو الحد الأدنى الذي يجب أن يُوفَّر في أي بيئة عمل، وأن النجومية لا يجب أن تكون على حساب كرامة الآخرين.
وبينما لا تزال ردود الفعل الرسمية غائبة، فإن خطوة شاهين بالحديث عن ألمها قد تكون الشرارة الأولى لوعي جديد داخل الوسط الفني التركي، ولبداية نقاش مفتوح عن التنمّر، الصمت، وضرورة التغيير الجذري في ثقافة الإنتاجات التلفزيونية.
