بيروت – السابعة الإخبارية
فضل شاكر.. بعد أكثر من عقد من الزمان قضاها في دائرة الجدل والابتعاد عن الأضواء، يبدو أن الفنان اللبناني فضل شاكر على أعتاب العودة إلى الساحة الفنية، بدعم من وساطة خليجية رفيعة المستوى نجحت في فتح باب التسوية القانونية والعسكرية لأزمته العالقة مع الدولة اللبنانية.
وأفادت تقارير إعلامية بأن دولة خليجية – لم يُعلن عن اسمها – دخلت على خط القضية، عبر تواصل مباشر مع كبار المسؤولين اللبنانيين، في محاولة لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل يُنهي الملاحقات القضائية والعسكرية التي لاحقت شاكر منذ أكثر من 13 عاماً، والتي كانت عائقاً أمام عودته إلى حياته الفنية والمجتمعية.

تحركات دبلوماسية لحل أزمة معقدة
التحرك الخليجي لم يكن وليد اللحظة، بل جاء ثمرة مشاورات دبلوماسية بدأت منذ شهور، لكن وتيرتها تسارعت مؤخراً، في ظل مؤشرات إيجابية من الجانب اللبناني حول إمكانية إعادة النظر في ملف الفنان الذي طالما أثار الانقسام بين الرأي العام.
وقد تم إجراء تحقيقات رسمية مع فضل شاكر من قبل الجهات اللبنانية المختصة، في خطوة تُعتبر تمهيداً لإغلاق الملف بصورة نهائية، بعدما كان لسنوات طويلة أحد أكثر الملفات تعقيداً على المستوى الفني والأمني في لبنان. وبحسب مصادر مطلعة، فإن تلك الإجراءات جاءت بعد تنسيق مباشر بين الدولة الخليجية ووزارة الدفاع اللبنانية وجهاز الجيش، ما يعكس جدية الأطراف في طي صفحة الماضي.
تسليم طوعي بعد سنوات من العزلة
اللافت في تطورات القضية كان قرار فضل شاكر بتسليم نفسه طوعاً للجيش اللبناني، حيث خرج من مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، والذي أقام فيه لأكثر من 13 عاماً، إلى نقطة تمركز للجيش عند مدخل المخيم، مساء السبت، وسط حالة من الترقب.
ويُعتبر هذا التطور تحولاً جوهرياً في موقف الفنان، الذي كان قد اختار العزلة في المخيم هرباً من الملاحقة القضائية، بعد أحداث عبرا عام 2013، والتي وُجهت له فيها تهم متعددة، نفاها مراراً.
مصادر مقربة من شاكر كشفت أن قراره جاء بعد تعرضه لضغوط أمنية ومجتمعية داخل المخيم، إضافة إلى التهديدات المتكررة التي واجهها، ما جعله يختار إنهاء ملفه العالق بطريقة قانونية، خاصة في ظل توفر ضمانات معينة بعد الوساطة الخليجية.

ابنه محمد يعلّق: “خطوة شجاعة”
وفي أول تعليق رسمي من عائلته، قال محمد شاكر، نجل الفنان فضل شاكر، إن والده “اتخذ القرار الصحيح في التوقيت الصحيح”، معتبراً أن تسليم نفسه جاء “لرفع الظلم عن نفسه، ولفتح صفحة جديدة مبنية على القانون والعدالة”، على حد تعبيره.
وأشار محمد إلى أن العائلة دعمت القرار رغم صعوبته، آملاً أن تكون هذه الخطوة بداية لعودة فضل إلى حياته الطبيعية، وخصوصاً إلى فنه الذي طالما لامس قلوب الملايين في العالم العربي.
عودة فنية مرتقبة؟
ومع اقتراب إغلاق الملف قانونياً، تتزايد التوقعات بقوة حول عودة فنية وشيكة لفضل شاكر، الذي لم يتوقف كلياً عن الغناء خلال سنوات الغياب، بل ظل يُصدر بين الحين والآخر أغانٍ بصوته تُنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتحظى بملايين المشاهدات.
وبالرغم من ذلك، لم يتمكن شاكر من إحياء الحفلات أو توقيع العقود الفنية، نظراً لوضعه القانوني المعقد. إلا أن تطورات الأيام الأخيرة توحي بأن هذه العوائق في طريقها إلى الزوال، ما يُمهّد الأرض لعودة رسمية إلى المشهد الفني، بعد سنوات من الترقب.
الرأي العام منقسم.. ولكن الأمل حاضر
ورغم الانفراج الذي تشير إليه التحركات الأخيرة، يبقى الرأي العام اللبناني منقسماً حيال فضل شاكر، بين من يرى فيه فناناً ظلمته السياسة، وبين من لا يزال يُحمله مسؤولية ما جرى خلال أحداث عبرا، ويطالب بمحاسبته الكاملة.
إلا أن كثيرين يرون أن فتح باب العودة لا يعني بالضرورة تناسي ما حصل، بل يمثل محاولة لتحقيق العدالة ضمن إطار إنساني وقانوني متكامل، خصوصاً إذا ثبت عدم تورط شاكر في أعمال عنف بشكل مباشر، وهو ما تسعى المحاكم اللبنانية إلى البت فيه.

بين الحنين لصوت فني تميز بعذوبة الإحساس، والجدل الدائر حول ماضيه، يقف فضل شاكر اليوم على مفترق طرق. ومع اقتراب إعلان قرار نهائي بشأن قضيته، تبقى الوساطة الخليجية بارقة أمل أعادت تحريك المياه الراكدة، وقد تكون سبباً في فتح فصل جديد من حياة فنان طُبع اسمه في ذاكرة الأغنية العربية.