القاهرة – السابعة الاخيارية
بوسي شلبي، في زمنٍ يُختزل فيه التاريخ العاطفي إلى أوراق رسمية، وتُحاكم فيه المشاعر بعبارات قانونية، انفجرت أزمة جديدة على الساحة الإعلامية، بطلتها الإعلامية بوسي شلبي، وأطرافها أبناء الفنان الراحل محمود عبد العزيز. خلاف عائلي خرج من خلف الأبواب إلى العلن، بعد تصريحات قانونية مثيرة، فجّرت جدلاً واسعاً حول ما إذا كانت بوسي أرملة “الساحر” كما تؤكد، أم مطلقته كما تدّعي أسرته.
بوسي شلبي.. بداية الاشتعال: “مطلقة أم أرملة؟”
جاءت شرارة الأزمة من تصريح قانوني على لسان محامي أبناء الراحل، زعم أن النيابة العامة طلبت من بوسي شلبي تغيير حالتها الاجتماعية في بطاقتها من “أرملة” إلى “مطلقة”، استناداً إلى وثائق قديمة تؤكد طلاقها من الفنان في تسعينيات القرن الماضي.
في المقابل، ردت محامية بوسي شلبي، مؤكدة أن ما قيل هو “افتراء قانوني”، وأن موكلتها لا تزال تُعتبر أرملة شرعًا وقانونًا، ولم يصدر أي قرار رسمي من أي جهة يُلزمها بتغيير بياناتها.
اللجوء إلى النقابة: المواجهة تنتقل إلى الميدان القانوني
في تحرك جاد، لجأت بوسي شلبي إلى نقابة المحامين، حيث قدّمت محاميتها شكوى ضد محامي الأسرة بتهمة نشر معلومات كاذبة، والإضرار بسمعة موكلتها. وتم الطلب رسميًا باستدعاء المحامي للتحقيق، مع احتمال إحالته إلى مجلس تأديب في حال ثبتت المخالفة.
ولم تكتفِ المحامية بذلك، بل طلبت أيضًا استدعاء أبناء الفنان الراحل، كريم ومحمد محمود عبد العزيز، لسماع أقوالهم أمام الجهات القانونية، تمهيدًا لموقف حاسم في هذه القضية التي بدأت تأخذ طابعًا قضائيًا حادًا.
روايتان متضاربتان: ما بين الطلاق والرفقة الأخيرة
الخلاف لا يتمحور فقط حول الأوراق، بل حول الذاكرة. عائلة محمود عبد العزيز تؤكد أن الطلاق تم عام 1998، وأنه تم إرسال قسيمة الطلاق إلى بوسي شلبي مع شيك مفتوح، لكنها رفضت استلامه.
على الجهة الأخرى، يتمسك المقربون من بوسي بأنها كانت تعيش مع الفنان حتى وفاته، وكانت ترافقه في مرضه، وتشاركه تفاصيل أيامه الأخيرة. بعض المقربين أكدوا أنها كانت زوجته أمام الجميع، حتى وإن لم تكن هناك وثيقة حديثة تثبت ذلك.
هكذا، تقف الروايات على طرفي نقيض: ورثة يتمسكون بالأوراق، وزوجة مفترضة تتمسك بالتاريخ المشترك والرفقة في السراء والضراء.
الإعلام والشارع… انقسام في الرأي العام
تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام مع هذه القضية بشكل واسع. تعاطف كثيرون مع بوسي شلبي، معتبرين أن من الظلم محو تاريخ علاقة عمرها سنوات طويلة، خاصة أنها رافقت الفنان حتى أيامه الأخيرة، ولم تتحدث بسوء عن عائلته في أي مناسبة.
في المقابل، وجد البعض أن الأسرة لها الحق الكامل في استعادة التاريخ الحقيقي للفنان، خاصة إذا كانت العلاقة قد انتهت رسميًا منذ سنوات، وتم طمس الحقيقة لحسابات اجتماعية أو إعلامية.
بين من يرى أنها “أرملة بالحب” ومن يؤكد أنها “مطلقة بالقانون”، وقف الرأي العام حائرًا أمام تناقض العاطفة والورق.
الورق لا يُكذب… أم لا يُنصف؟
إحدى أبرز القضايا في هذا الخلاف هو سؤال محوري: هل المشاعر كافية لتثبيت الصفة القانونية؟
فإذا كانت بوسي قد قضت سنوات مع الفنان الراحل، وشاركته المناسبات الخاصة والعامة، وكانت تظهر معه كزوجته، فهل هذا كافٍ لإثبات أنها أرملته بعد وفاته؟
في المقابل، ترى الأسرة أن ما لم يُكتب قانونًا لا يُعتد به، وأن صفة “الزوجة” تنتهي لحظة الطلاق، سواء تم قبوله أم لا.
هنا يظهر التصادم بين الحقيقتين: حقيقة العيش المشترك مقابل الحقيقة القانونية.
البعد النفسي والعاطفي في الصراع
بعيدًا عن التفاصيل القانونية، يظهر في هذا النزاع البعد العاطفي المؤلم، حيث تنكشف الأسرار بعد رحيل الطرف الأساسي، وتبدأ الأطراف الباقية في سحب الذكريات نحو الحقيقة التي تناسب مواقفها.
بوسي شلبي، التي كانت تُعرف دومًا بأنها “زوجة الساحر”، تجد نفسها فجأة في موقع الدفاع عن تاريخها وعلاقتها، كأن كل سنوات الحب والرعاية تم محوها بورقة أو توقيع.
أما الأبناء، فقد يرون أن ما تقوم به شلبي ما هو إلا محاولة للبقاء في دائرة الضوء، أو الادعاء بما لا تستحقه قانونًا، دفاعًا عن إرث والدهم وكرامته.
حفظ التحقيق… هل ينهي الأزمة؟
أحدث ما في القضية كان قرار النيابة العامة بحفظ التحقيق في الشكوى المقدمة ضد بوسي شلبي بشأن بطاقة الهوية، بعد أن ثبت أن موقفها سليم قانونًا، وأن البيانات المُسجلة فيها لم يتم التلاعب بها.
لكن هل يعني هذا أن الأزمة انتهت؟
بالطبع لا، فما زالت هناك قضايا مدنية مرفوعة من الأسرة ضد بوسي شلبي تطالب بتعويض مالي، وما زالت الكواليس محتقنة، خاصة في ظل تصريحات إعلامية متبادلة، توحي بأن النزاع أبعد من مجرد لقب على بطاقة.
بين العدل والمصالحة… هل من نهاية قريبة؟
هذا النزاع، مثل كثير من قضايا المشاهير بعد وفاتهم، يطرح سؤالاً أكبر:
من يملك الحقيقة بعد رحيل صاحبها؟
وهل يحق للطرف الباقي أن يكتب الفصل الأخير وحده؟
من الناحية الإنسانية، ربما كان من الأجدر أن يُحسم هذا الخلاف بعيدًا عن الإعلام، وألا يُختزل تاريخ فني وعائلي طويل في قاعات المحاكم وملفات القضاء.
لكن، في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما، تبقى المصالحة مؤجلة، وقد تكون أبعد مما يتخيله الجمهور.
الخاتمة: حين تنطق البطاقات… وتصمت القلوب
مهما كانت نتيجة هذا الخلاف، فإن الحقيقة المؤلمة هي أن محمود عبد العزيز رحل، وبقي من بعده نزاع على صفته، لا على إرثه فقط.
بوسي شلبي قد تكسب معركة قانونية، أو تخسرها، لكنها بالفعل تخوض حربًا أكبر على اسمها وتاريخها.
وفي نهاية الأمر، يبقى السؤال الأهم:
هل نحتاج أوراقًا لنوثّق الحب؟ أم أن الحب هو الوثيقة الوحيدة التي لا تُزور ولا تُنسى؟