الإمارات – السباعة الإخبارية
التعليم .. في خطوة تعكس توجهات دولة الإمارات لتعزيز جودة التعليم الوطني ورفع كفاءته بما يتماشى مع متطلبات المستقبل، أعلنت وزيرة التربية والتعليم، سارة الأميري، عن جملة من التحديثات النوعية التي ستشهدها المدارس خلال العام الأكاديمي الجديد 2025-2026.
التغييرات التي تم الكشف عنها خلال إحاطة إعلامية نظمتها الوزارة بالتعاون مع المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، شملت تطوير سياسات التقييم، تطبيق مناهج الذكاء الاصطناعي، دعم الهوية الوطنية، وتحسين جودة حياة الطلبة.
التعليم .. إعادة هيكلة نظام التقييم
واحدة من أبرز التغييرات التي تم الإعلان عنها هي إلغاء الاختبارات المركزية للفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل الدراسية، واستبدالها بالتقييم الختامي المدرسي.
وأكدت الوزيرة أن هذه الخطوة تأتي في إطار تحسين أدوات قياس الأداء الطلابي، واستثمار أيام التمدرس بالشكل الأمثل. كما تم تعديل أوزان الفصول الدراسية، لتصبح الاختبارات المركزية مقتصرة على الفصلين الأول والثالث فقط، مما يتيح للمدارس قدراً أكبر من المرونة في تخطيط العام الدراسي وتوزيع المهام الأكاديمية.

تعزيز الاستعدادات وتحديث البنية التحتية
وأكدت الأميري أن الوزارة بدأت منذ يناير الماضي بوضع خطط استباقية لضمان الجاهزية الشاملة للمدارس، من حيث البنية التحتية، الكوادر، والمستلزمات التعليمية.
وتضمنت الخطط تجهيز أكثر من 460 مدرسة، وتوفير 5500 حافلة مدرسية، بالإضافة إلى توزيع ما يقارب 47 ألف جهاز حاسوب محمول، وطباعة أكثر من 10 ملايين كتاب مدرسي. كما أعلنت عن افتتاح تسع مدارس جديدة تستوعب أكثر من 25 ألف طالب، واستقطاب أكثر من 800 معلم جديد.
تطوير الكفاءات التعليمية وتدريب المعلمين
في إطار التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا في التعليم، أطلقت الوزارة خطة تدريبية متكاملة تستهدف تطوير مهارات المعلمين. وتشمل الخطة مسارين رئيسيين، الأول مخصص لتأهيل معلمي الحاسوب لتدريس مادة الذكاء الاصطناعي الجديدة، والثاني يهدف إلى تدريب باقي المعلمين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية. وتأتي هذه الجهود ضمن التزام الوزارة برفع كفاءة المعلمين باعتبارهم حجر الزاوية في عملية التعليم.
وأوضحت الأميري أن أكثر من 23 ألف تربوي شاركوا في أسبوع التدريب التخصصي، الذي شمل نحو 170 ساعة تدريبية توزعت على 40 ورشة للمعلمين والقيادات، و20 ورشة للوظائف الداعمة. كما سيتم تطبيق مشروع تقييم الكفاءات التربوية لأكثر من 23 ألف من الكوادر التعليمية، بما يضمن تحديد مسارات مهنية واضحة وداعمة لمسيرة التطوير المهني.
تطبيق مناهج الذكاء الاصطناعي
كشفت الوزارة عن إدراج منهج الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية لكافة المراحل التعليمية، من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، وهو الأول من نوعه على مستوى الدولة. وسيتولى تدريس هذا المنهج قرابة 1000 معلم مدرب، في خطوة تهدف إلى إعداد جيل متمكن من أدوات الذكاء الاصطناعي، وقادر على استخدامه بشكل فعّال ومسؤول في حياته اليومية والمهنية.
تعزيز الهوية الوطنية واللغة العربية
وأكدت الأميري على أن الوزارة تولي أهمية خاصة لتعزيز الهوية الوطنية، من خلال التركيز على اللغة العربية والتربية الإسلامية. وشملت التحديثات زيادة زمن تدريس المادتين في رياض الأطفال، وتخصيص ساعات يومية للغة العربية لطلبة الحلقة الأولى. كما سيتم تطبيق التقييم الأساسي لمهارات اللغة العربية على الصف الأول في 100 مدرسة حكومية وخاصة، بهدف رصد المهارات اللغوية لدى الطلبة ووضع برامج دعم مناسبة.

تطوير الاختبارات الوطنية والتعليم بالمشاريع
من بين التطويرات الجديدة، أعلنت الوزارة عن تطبيق المرحلة الثانية من نظام التعلّم القائم على المشاريع ليشمل جميع طلبة الحلقة الثانية في المدارس الحكومية والخاصة المطبقة لمنهاج الوزارة. ويأتي ذلك بعد نجاح المرحلة الأولى التي شارك فيها أكثر من 127 ألف طالب. كذلك، سيتم اعتماد اختبار كفاءة جديد لقياس مهارات اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات لطلبة الصفوف من الرابع إلى الحادي عشر، بدءاً بـ 26 ألف طالب في المرحلة الأولى.
تحسين جودة حياة الطلبة
من جانبه، أشار وكيل الوزارة المهندس محمد القاسم إلى إطلاق برنامج متكامل للتربية البدنية والصحة، يهدف إلى تعزيز نمط حياة صحي لدى الطلبة، ويتضمن تنظيم بطولات رياضية، وهيكلة حصص التربية البدنية، وتوفير وجبات غذائية صحية في المدارس. كما أكد القاسم على تبني الوزارة لرؤية تشاركية تدمج الكوادر التربوية وأولياء الأمور في صناعة القرار التربوي، من خلال إعادة تشكيل مجالس التعليم، التي تضم ممثلين عن المعلمين، القيادات المدرسية، والمعلمين الشباب، إلى جانب تفعيل مجالس أولياء الأمور في مختلف مناطق الدولة.
حملة “من المهارة إلى الصدارة”
تستقبل الوزارة العام الجديد بحملة توعوية تحمل شعار “من المهارة إلى الصدارة”، بهدف تعزيز الوعي بأهمية اكتشاف المهارات وتطويرها وتحويلها إلى إنجازات حقيقية. وتقوم الحملة على ثلاثة محاور: الاستكشاف، التطوير، والتميّز، مع برامج مصاحبة مثل “أسرتي ملهمة” و”ملهمون في الميدان”، التي تهدف إلى إشراك الأسرة والمجتمع في دعم الطالب.
نظرة مستقبلية
ما أعلنته وزارة التربية والتعليم يمثل تحولاً نوعياً في طريقة التعامل مع منظومة التعليم في دولة الإمارات، حيث يجمع بين الرؤية الاستراتيجية والمرونة التنفيذية، وبين تعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على التكنولوجيا الحديثة. ويبدو أن العام الأكاديمي الجديد سيكون نقطة انطلاق مهمة نحو تعليم أكثر شمولاً، مرونة، وكفاءة، بما يضمن تهيئة أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ومعرفة.
