أمريكا – السابعة الإخبارية
ترامب.. في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل داخل الولايات المتحدة وخارجها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية قد تصل إلى 100% على الأدوية المستوردة، إلى جانب فرض ضرائب إضافية على الشاحنات الثقيلة والمفروشات القادمة من الخارج، في إطار سياسة حمائية يصفها بأنها ضرورية لـ”حماية الأمن الوطني ودعم الصناعة المحلية”.

تفاصيل الرسوم الجديدة
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشال” أن بدءًا من الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ستُفرض رسوم بنسبة 100% على كل المنتجات الصيدلانية التي تحمل ماركة أو براءة اختراع ما لم تبنِ الشركات الأجنبية مصانع إنتاج لها داخل الأراضي الأمريكية.
كما كشف الرئيس الأمريكي في منشور آخر عن فرض رسوم بنسبة 25% على الشاحنات الثقيلة المستوردة من الأسواق العالمية، بالإضافة إلى رسوم تصل إلى 50% على أثاث المطابخ ومغاسل المراحيض، و30% على المفروشات المنجدة بالقماش.

ردود أفعال أوروبية ودولية
سارعت المفوضية الأوروبية إلى الرد، مشيرة إلى أن الاتفاق التجاري الأخير الموقع مع واشنطن في يوليو الماضي يمنع فرض رسوم تتجاوز 15% على صادرات الأدوية الأوروبية. وقال أولوف جيل، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون التجارية: “الاتفاقيضمن سقفًا للرسوم، وبالتالي يوفر حماية للصادرات الأوروبية من قرارات أحادية الجانب قد تضر بالصناعات الحيوية”.
من جانبها، عبّرت أستراليا عن استيائها من القرار، حيث قال وزير الصحة مارك باتلر: “الولايات المتحدة تبيع لنا أدوية أكثر مما نصدرإليها، وبالتالي فإن فرض رسوم جديدة لن يكون في مصلحة المستهلك الأمريكي، بل سيرفع الأسعار ويضع ضغوطًا إضافية علىالمرضى”.
قلق في قطاع الصناعات الصيدلانية
أكثر الانتقادات حدة جاءت من الاتحاد الأوروبي للصناعات الدوائية، الذي حذر من أن الرسوم ستؤدي إلى ما وصفته المديرة العامة للاتحاد، ناتالي مول، بـ”أسوأ العوالم”. وأضافت: “هذه الإجراءات سترفع التكاليف، وتربك سلاسل التوريد العالمية، والأخطرأنها قد تحرم ملايين المرضى من أدوية منقذة للحياة”.
وفي آسيا، حاول خبراء اقتصاد التخفيف من وقع الإعلان. إذ أشار مايكل وان، المحلل في مصرف “MUFG” الياباني، إلى أن التعريفات المقترحة قد لا تشمل الأدوية الجنيسة منخفضة التكلفة، خصوصًا القادمة من الهند، التي تُعد من أكبر مصدري الأدوية الجنيسة إلى السوق الأمريكية.
شاحنات وأثاث في قلب العاصفة
لم تقتصر قرارات ترامب على قطاع الأدوية، بل امتدت لتشمل صناعة الشاحنات الثقيلة، حيث برّر الرئيس الأمريكي فرض رسوم 25% على الواردات الأجنبية بأنها ضرورية لـ”حماية الأمن القومي”. وتأتي هذه الخطوة بعد تحقيق فتحته وزارة التجارة الأمريكية لمعرفة ما إذا كان استيراد الشاحنات يمثل تهديدًا للصناعات المحلية.
ويتوقع أن تتأثر شركات أوروبية كبرى مثل فولفو السويدية ودايملر الألمانية، اللتين تعتبران من أبرز المنافسين للشركات الأمريكية في سوق الشاحنات.
أما في قطاع الأثاث، فقد أوضحت أرقام لجنة التجارة الدولية الأمريكية أن 60% من المفروشات المباعة داخل الولايات المتحدة في عام 2022 كانت مستوردة، غالبيتها من الدول الآسيوية، بما في ذلك 86% من الأثاث الخشبي و42% من المفروشات المنجدة بالقماش. وهو ما يعني أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى زيادات ملحوظة في أسعار الأثاث للمستهلكين الأمريكيين.

جدل داخلي حول “التضخم” والسياسات الحمائية
هذه القرارات أثارت أيضًا مخاوف داخلية من ارتفاع معدلات التضخم، إذ يرى خبراء الاقتصاد أن فرض رسوم مرتفعة على منتجات أساسية مثل الأدوية والأثاث سينعكس مباشرة على الأسعار النهائية.
لكن ترامب دافع عن قراراته بشدة، مؤكدًا أن الهدف هو “إعادة إحياء الصناعات الأمريكية” التي تضررت بسبب المنافسة الأجنبية، معتبراً أن السياسة الحمائية تمثل تحولًا ضروريًا عن النهج التقليدي للولايات المتحدة القائم على “اقتصاد مفتوح وتجارة حرة”.
عودة الحرب التجارية؟
يرى مراقبون أن هذه الخطوات قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الحروب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التقليديين في أوروبا وآسيا، خصوصًا أن الاتحاد الأوروبي لوّح باستخدام آليات التسوية في منظمة التجارة العالمية إذا لم يتم احترام بنود الاتفاق التجاري الأخير.
وبينما يراهن ترامب على كسب تأييد القاعدة الشعبية التي ترى في سياساته حماية للوظائف المحلية، فإن منتقديه يحذرون من أن ارتفاع الأسعار قد يضعف القدرة الشرائية للمواطنين، ويؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد الأمريكي نفسه.