السعودية – السابعة الاخبارية
تركي آل الشيخ، بعد غياب تجاوز العشر سنوات عن الشاشات المصرية، يعود الإعلامي الساخر باسم يوسف إلى الظهور الإعلامي من جديد، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية والجماهيرية. هذه العودة لم تكن مجرد خبر عادي في الإعلام المصري أو العربي، بل تحوّلت إلى محور نقاش موسع، لما لباسم من حضور وتأثير منذ انطلاقته الأولى في مطلع العقد الماضي، حيث رد تركي آل الشيخ على هذا الأمر.
فقد أعلن عن مشاركة باسم يوسف في برنامج “كلمة أخيرة”، الذي يقدمه الإعلامي أحمد سالم على قناة ON المصرية، ضمن فقرة أسبوعية خاصة تمتد على مدار شهر كامل، أي ما يعادل أربع حلقات فقط. إلا أن وقع هذه المشاركة المؤقتة كان كفيلاً بإعادة إشعال النقاشات القديمة والجديدة حول شخصية باسم، ونوع المحتوى الذي يقدمه، وحتى عن مدى تقبّل الإعلام المصري الرسمي أو شبه الرسمي لظهوره من جديد.
تركي آل الشيخ ينفي شائعات منصة “شاهد”
في موازاة الحديث عن عودة باسم يوسف، انتشرت شائعة مفادها أن الإعلامي المصري يستعد لتقديم برنامج جديد على منصة “شاهد”، التابعة لمجموعة MBC السعودية. ومع تصاعد الجدل وتداول الخبر على نطاق واسع، جاء الرد الحاسم من رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية، المستشار تركي آل الشيخ.
فقد نشر آل الشيخ عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” صورةً لخبر يتناول هذه الشائعة، وأرفقها بتعليق مقتضب قال فيه: “خبر غير صحيح”. هذا النفي المباشر كان كفيلاً بإسقاط التكهنات حول تعاون مرتقب بين باسم يوسف ومنصة “شاهد”، خصوصًا أن تداول الخبر ترافق مع تحليلات وتوقعات حول طبيعة البرنامج والمحتوى الذي قد يقدمه.
نفي تركي آل الشيخ لم يكن مجرد توضيح إداري، بل يحمل في طياته أيضًا رسالة ضمنية عن خطوط حمراء معينة، ورغبة في ضبط الإشاعات التي قد تمس مؤسسات إعلامية أو شخصيات عامة، خاصة في ظل تطورات الإعلام الرقمي في المنطقة.
باسم يوسف من “أوضة الغسيل” إلى الشاشة مجددًا
المثير في عودة باسم يوسف أنه لا يظهر من داخل مصر، بل أعلن بنفسه أنه سيشارك في الحلقات عبر الأقمار الصناعية من مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، حيث يقيم حاليًا. هذا التوضيح جاء بعدما تساءل البعض عن مكان تصوير الحلقات، وتردد أن يوسف قد عاد إلى القاهرة خصيصًا للمشاركة.
وقد رد باسم على هذه الأقاويل بطريقة تجمع بين الجدية والسخرية، قائلاً إنه سيطل من “أوضة الغسيل” في لوس أنجلوس، في إشارة إلى مكان تصوير أولى حلقاته الساخرة في بداية مشواره على يوتيوب، حين كان يقدم برنامجه “باسم شو” من داخل منزله. هذه النكتة الذكية لم تمر مرور الكرام، إذ أعادت إلى الأذهان بدايات يوسف، وأسلوبه الفريد في تقديم الكوميديا السياسية والاجتماعية.
الموضوعات التي سيتناولها باسم في برنامجه الجديد
من خلال الحلقات الأربع التي يشارك فيها ضمن برنامج “كلمة أخيرة”، سيتناول باسم يوسف مجموعة من القضايا المتنوعة. وقد أعلن أن الحلقة الأولى ستُخصص لمناقشة القضية الفلسطينية، في ظل ما يشهده المشهد الفلسطيني من تطورات مأساوية وأحداث متسارعة.
أما الحلقات التالية، فستتطرق إلى محطات مختلفة من تجربة باسم يوسف الشخصية والمهنية خلال السنوات التي قضاها في الخارج، تحديدًا في الولايات المتحدة. سيتحدث عن كواليس تجربته في الإعلام الغربي، ونظرته لما واجهه من تحديات سياسية وثقافية، بالإضافة إلى مواقف وحكايات تُروى للمرة الأولى، ما يمنح الحلقات بعدًا توثيقيًا وتسلية خفيفة في آنٍ معًا.
جدل حول الأجر.. ورد ساخر على الطريقة الباسمية
بمجرد الإعلان عن عودة باسم يوسف، لم يكن من الغريب أن تظهر شائعات كثيرة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. إحدى أكثر الشائعات تداولًا كانت تتعلق بـأجر باسم يوسف، حيث زعمت تقارير غير مؤكدة أن باسم يتقاضى 22 مليون جنيه مصري لكل حلقة، وهو رقم فلكي بالنسبة لأي إعلامي في المنطقة.
لكن رد باسم يوسف لم يتأخر، وجاء بأسلوبه الساخر الذي اعتاده جمهوره، إذ كتب على صفحته: “لا.. هو 22 مليون دولار”، في محاولة واضحة للسخرية من ضخامة الرقم المتداول، وتقليل شأن تلك الشائعات. وأضاف باسم موضحًا أنه لا يزال يقدم المحتوى من “أوضة الغسيل”، في إشارة تهكمية على تضخيم الأمور حول عودته.
هذا الرد وجد تفاعلًا كبيرًا من متابعيه، الذين عبّروا عن إعجابهم بقدرته على الرد بخفة دم وسرعة بديهة، كما هو معهود منه، دون الدخول في سجالات أو بيانات رسمية.
ردود الفعل بين الترحيب والتحفّظ
لا شك أن باسم يوسف يظل شخصية جدلية في الإعلام العربي. فبين من يرى فيه رمزًا للحرية والتعبير الجريء، ومن يعتبره صوتًا مزعجًا يثير البلبلة ويخوض في مواضيع حساسة، تظل العودة محفوفة بالتساؤلات.
فريق كبير من الجمهور المصري والعربي أعرب عن سعادته بعودة باسم، مشيدًا بشجاعته وقدرته على التجديد رغم الغياب الطويل. بينما تحفظ آخرون على توقيت الظهور، وعلى المحتوى الذي قد يطرحه، خصوصًا إذا تجاوز الحدود التقليدية المسموح بها في البرامج العامة.
هذه الانقسامات تعكس بوضوح المكانة التي يحتلها باسم يوسف في الوعي الجمعي، كواحد من أبرز الإعلاميين الذين أثاروا الجدل في مرحلة ما بعد الثورات العربية، وساهموا في تشكيل خطاب إعلامي بديل كان مؤثرًا، لكنه لم يخلُ من الانتقادات.
ماذا بعد هذه العودة المؤقتة؟
السؤال الأهم الذي يطرحه المتابعون الآن هو: هل تمثل هذه المشاركة القصيرة بداية فعلية لعودة دائمة لباسم يوسف إلى الشاشة؟ أم أنها مجرد تجربة محدودة في إطار ترفيهي أو وثائقي لن تتكرر؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية على أن باسم يستعد لإطلاق برنامج دائم أو موسمي، سواء على قناة مصرية أو عربية. لكن حجم التفاعل الجماهيري مع خبر ظهوره، وحجم النقاشات التي أثارها، قد يدفع القنوات أو المنصات الرقمية إلى التفكير جديًا في التعاون معه مستقبلاً.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل الإعلام العربي مستعد لعودة “باسم يوسف” الحقيقي، بصيغته النقدية الساخرة التي اشتهر بها؟ أم أن الساحة تغيرت كثيرًا ولم تعد تتسع لذلك النوع من المحتوى؟
باسم يوسف بين الحنين والواقع الجديد
عودة باسم يوسف إلى الشاشة ولو مؤقتًا، أثبتت أن الرجل لا يزال يحتفظ بجاذبية خاصة لدى الجمهور، وأن غيابه لم يضعف أثره أو يقلل من فضول الناس تجاهه. لكنه في الوقت نفسه يعود إلى مشهد إعلامي مختلف تمامًا عن ذلك الذي غادره.
الإعلام لم يعد كما كان قبل عشر سنوات. المعايير تغيّرت، والضغوط زادت، والسقف انخفض في بعض الأماكن، وارتفع في أماكن أخرى. أما الجمهور، فقد أصبح أكثر تشتتًا وتطلبًا، وأقل تسامحًا مع التكرار.
في ظل كل ذلك، يعود باسم يوسف، من “أوضة الغسيل” في لوس أنجلوس، إلى شاشة مصرية، محاطًا بكم هائل من الترقب والتساؤلات… ربما هي مجرد تجربة قصيرة، لكنها كافية لتذكير الجميع بأن صوت السخرية لا يمكن إسكاته تمامًا، وأن مساحة النقد – ولو مؤقتة – لا تزال تجد من يرحب بها ويشتاق إليها.