في مشهد غير معتاد وسط حرائق واسعة اجتاحت العديد من الأحياء في كاليفورنيا، ظهرت صور تظهر أشجار النخيل الخضراء سليمة، لم تمسّها النيران رغم الاحتراق الهائل الذي طال باقي المساحات.
هذا الأمر أثار موجة من الجدل والشائعات على منصات التواصل الاجتماعي حول وجود أسباب غامضة تقف وراء هذه الظاهرة، مع ترويج البعض لفرضيات غير منطقية بشأن “هجمات حرارية” مُوجهة ضد المنازل والمدنيين.
هل هي مؤامرة أم تفسير علمي؟
بينما تبنى البعض نظريات غريبة تشير إلى تدخلات تقنية أو مؤامرات عالمية وراء ما يحدث، يعتقد خبراء البيئة أن السبب يعود إلى خصائص الأشجار نفسها.
ووفقًا لهذه التفسيرات، فإن النخيل يمتاز بسمك قشرته الخارجية التي تمنحه القدرة على الصمود أمام النيران، بالإضافة إلى ارتفاع قممه عن مستوى الاشتعال.
وعلى الرغم من أن بعض الصور أظهرت نخيلًا محترقًا بالكامل في مناطق أخرى، فإن الخبراء يوضحون أن النخيل يمكن أن ينجو من بعض الحرائق بفضل الرطوبة التي يتمتع بها جذعه وعامل الارتفاع، ولكن لا يمكن اعتبارها محصنة تمامًا أمام الحرائق الشديدة.
النظريات السياسية وراء الحرائق
لم تقتصر النقاشات على الطابع البيئي فقط، بل تناولت العديد من المزاعم السياسية، اذا اعتقد بعض مستخدمي الإنترنت أن الحرائق هي جزء من مؤامرة أوسع تهدف إلى عرقلة مشاريع تنموية دولية، مثل مشاريع السكك الحديدية الممولة من أطراف خارجية.
في حين اقترح آخرون أن الحكومات قد تسعى للاستفادة من الأراضي المحترقة لإقامة “مدن ذات مسافات قريبة”، وهي فكرة تعتمد على تصميم حضري يتيح للسكان الوصول إلى جميع الخدمات بسهولة سيرًا على الأقدام أو بالدراجة.
وبينما تروج هذه النظريات، تؤكد السلطات المحلية أنها لا تمتلك أي أدلة على وجود دوافع سياسية وراء الحرائق.
اعتقالات ودوافع مشبوهة
في المقابل، تكشف التحقيقات الأخيرة عن تطور آخر، حيث ألقت الشرطة في لوس أنجلوس القبض على رجل في الثلاثينات من عمره، يشتبه في تورطه بإشعال حريق “كينيث”، أحد أكثر الحرائق اشتعالًا حتى الآن.
وتواصل السلطات التحقيقات في الحريق، بينما أكد مكتب الطب الشرعي في لوس أنجلوس وفاة خمسة أشخاص في حريق “باليسايدز” و11 شخصًا آخرين في حريق “إيتون”، مع توقعات بارتفاع الحصيلة في الأيام المقبلة.
حجم الدمار وجهود الإغاثة المستمرة
من ناحية أخرى، تجاوزت الحرائق حتى الآن 62 ميلًا مربعًا، منها 59 ميلًا مربعًا تخص حرائق “باليسايدز” و”إيتون”، بحسب إدارة الإطفاء.
وقد تم نشر أكثر من 14 ألف عنصر من فرق الإطفاء لدعم الجهود المبذولة في السيطرة على النيران، باستخدام 1,354 عربة إطفاء و84 طائرة.
ورغم إحراز تقدم بنسبة 11% في حريق “باليسايدز” و15% في “إيتون”، إلا أن الرياح القوية التي يتوقع أن تهب يوم الاثنين قد تؤدي إلى اشتعال جديد وتمدّد الحرائق، مما يهدد معالم هامة في المنطقة، مثل متحف “جي بول غيتي” وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
أوامر الإخلاء والتحديات المقبلة
وفي خطوة تهدف لحماية السكان، أصدرت السلطات أوامر إخلاء لنحو 150 ألف شخص في مقاطعة لوس أنجلوس، فيما يتلقى أكثر من 700 شخص خدمات الإيواء في تسعة مراكز طارئة تم تجهيزها لهذه الحالة.
ومع استمرار جهود الإغاثة، يبقى المسؤولون في حالة تأهب لمواجهة الرياح القوية التي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه فرق الإطفاء.