الإمارات- السابعة الإخبارية
خطبةالجمعة.. في خطوة تحمل في طيّاتها روح التقدير للمبادئ الوطنية والدينية، أعلنت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في دولة الإمارات العربية المتحدة أن عنوان خطبة الجمعة ليوم غد سيكون: “عهد الاتحاد”.
وهو عنوان يحمل من الدلالات والمعاني ما يجعله أكثر من مجرد موضوع عابر، بل هو استحضار لتاريخ مجيد والتزام بقيم أصيلة تجذرت في قلوب المواطنين منذ اليوم الأول لتأسيس الاتحاد.

مضمون خطبة الجمعة
جاءت خطبة الجمعة في مضمونها دعوة شاملة للتمسك بخلق الوفاء بالعهود، انطلاقًا من التوجيهات الربانية التي تحث على الالتزام بالمواثيق، وتؤكد أن الوفاء بالعهد من أعظم دلائل التقوى وأوضح علامات الإيمان. فقد ورد في القرآن الكريم: ﴿وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا﴾، وهو أمر إلهي يُعلي من شأن الالتزام بالوعد ويحذر من عواقب نكثه.
وفي زمن تتقلب فيه المبادئ وتُختبر فيه الثوابت، تأتي الخطبة لتؤكد أن الوفاء ليس خيارًا، بل هو خلق ثابت في سلوك المؤمن وسمة من سمات أولي الألباب، الذين قال عنهم الله تعالى: ﴿إنما يتذكر أولو الألباب، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق﴾. هذه المبادئ تُشكل الأساس الذي بُني عليه المجتمع الإماراتي منذ نشأته، وكان حجر الزاوية فيه هو “عهد الاتحاد”.
لقد ضربت الخطبة مثالًا حيًّا بما تحقق على أرض الإمارات بفضل عهد الاتحاد الذي أبرمه المؤسسون الأوائل، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ذلك العهد الذي لم يكن مجرد وثيقة سياسية، بل كان وعدًا صادقًا لشعب طموح، حمل بين سطوره الرغبة في التكاتف والتكامل، والسعي نحو بناء دولة قوية، عادلة، مستقرة، وعزيزة الجانب بين الأمم.
وما أجمل أن تُذكر الأمة بعهدها الذي أنشأ كيانها السياسي والاجتماعي، فتكون خطبة الجمعة منبرًا لإحياء القيم الوطنية إلى جانب القيم الإيمانية. إذ ربطت الخطبة بذكاء بين الوفاء بالعهد في الحياة الشخصية، كالعهد بين الزوجين، والعهد في العمل، والعهد في التعاملات المالية، وبين العهد الأكبر؛ عهد الإنسان بوطنه وقيادته.
خطبة الجمعة تشدد على الوفاء
ومن القيم البارزة التي شددت عليها الخطبة أن الوفاء لا يكون فقط في الكلام، بل في الأفعال. فالزوج الوفي يحقق الوعود لأسرته، والعامل المخلص يؤدي التزاماته، وصاحب العمل العادل يُنصف موظفيه، وهكذا تنتظم الحياة عندما يسود خلق الوفاء. وهو ما تؤكده السنة النبوية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا دين لمن لا عهد له»، دلالة على أن الدين لا يكتمل إلا بصدق العهد.
أما عن الشق الوطني للخطبة، فقد أبدعت في استدعاء لحظة الاتحاد باعتبارها اللحظة المفصلية في تاريخ الدولة، والتي بفضلها تحققت الطموحات، وتجاوزت الإمارات التحديات. فقد ورد في نص الخطبة استشهاد بما جاء في الوثيقة التاريخية للاتحاد: “رغبة منا في توحيد إرادتنا وتوثيق الروابط التي تجمع بيننا…”، وهو نص يلخص روح الاتحاد ورسالته.
وقد كان ختام الخطبة دعوة صادقة للشكر والثناء على نعمة الاتحاد، والاعتراف بجميل المؤسسين، والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، وللقيادة الحالية بالتوفيق والسداد. كما أكدت الخطبة أن ما وصلت إليه الإمارات من تقدم وتماسك، ما هو إلا ثمرة لهذا العهد المبارك الذي سُقي بروح الإخلاص، وسهر عليه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

وتظل الرسالة الأهم التي حملتها الخطبة أن مسؤولية الحفاظ على الاتحاد لا تنتهي، وأن الوفاء بعهد الوطن واجب دائم، يتجدد في النفوس، ويترسخ في الأجيال، ويُصان بالمحبة والطاعة والعمل.
إنها ليست مجرد خطبة دينية، بل وثيقة أخلاقية ووطنية، تُعيد ربط المواطن بجذوره، وتُعيد تعريف العهد لا كمفهوم ديني فحسب، بل كعقيدة وطنية تتجدد كل يوم.
ويأتي التأكيد على “عهد الاتحاد” اليوم في وقتٍ تُواجه فيه المجتمعات تحديات متسارعة، ما يجعل التمسك بالثوابت الوطنية والدينية ضرورة لا رفاهية. فالاتحاد ليس مجرد ذكرى وطنية تُستعاد سنويًا، بل هو مسؤولية يومية يعيشها المواطن والمقيم على حد سواء. إنه تعبير عن روح التضامن، والعمل الجماعي، والوفاء للأرض والقيادة. وها نحن نرى ثمار هذا العهد في نهضة عمرانية، وإنجازات علمية، ومكانة عالمية مرموقة تحققت بفضل الالتزام برؤية الاتحاد. ومن هنا فإن ترسيخ هذا المعنى في نفوس الأجيال الجديدة، وتعليمه في البيوت والمدارس والمساجد، هو واجب الوقت. علينا أن نعلّم أبناءنا أن الوفاء لعهد الوطن يبدأ من احترام القوانين، والإخلاص في العمل، والتعاون في المجتمع. فالاتحاد لا يصمد بالشعارات، بل بالممارسات التي تعكس قيمه. وهذا ما تؤكده القيادة الرشيدة دومًا: نحن على العهد باقون، وعلى خطى المؤسسين سائرون.

#خطبة_الجمعة في #مساجد_الإمارات، ليوم:23 #مُحرَّم 1447 هـ، بعنوان: “ #عهد_الاتحاد ”.#الشارقة24 pic.twitter.com/Zmg8jGDurS
— الشارقة24 (@sharjah24) July 17, 2025