أبوظبي – السابعة الإخبارية
أبوظبي.. في خطوة تؤكد التزام دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي بالارتقاء بجودة التعليم وضمان الشفافية والمصداقية في تقييم الطلبة، أعلنت الدائرة عن تنفيذ المرحلة الأولى من مراجعة منهجية شاملة تستهدف أداء المدارس الخاصة بالإمارة، وذلك بعد رصد مؤشرات مثيرة للقلق تتعلق بتضخيم الدرجات الأكاديمية وعدم اتساقها مع الأداء الفعلي للطلبة.
وشملت هذه الإجراءات إيقاف تسجيل طلبة الصفين الحادي عشر والثاني عشر بشكل مؤقت في 12 مدرسة خاصة حتى إشعار آخر، إلى حين الانتهاء من عمليات التصحيح والتأكد من التزام تلك المدارس بالمعايير الأكاديمية المعتمدة.
أبوظبي: مراجعة دقيقة للسجلات الأكاديمية
تهدف المرحلة الأولى من هذه المبادرة إلى فحص دقيق لنتائج طلبة الصف الثاني عشر، من خلال مطالبة المدارس المعنية بتقديم وثائق شاملة تتضمن سجلات الدرجات النهائية، ونماذج من التقييمات المصححة، وسياسات التقييم الداخلية، وأطر التقدير، إضافة إلى متطلبات التخرج المعتمدة.
وتجري الدائرة حالياً مراجعة دقيقة لتلك الوثائق لضمان أن تعكس المخرجات الأكاديمية المستوى الحقيقي لتحصيل الطلبة.
وأكدت دائرة التعليم والمعرفة أن هذه الخطوة تأتي في إطار مسؤولياتها الإشرافية بصفتها الجهة التنظيمية المسؤولة عن جودة التعليم في الإمارة، وحرصها على تعزيز العدالة الأكاديمية، ومنع الممارسات التي قد تؤدي إلى تضليل أولياء الأمور والجهات الجامعية حول قدرات الطلبة الفعلية.

ظاهرة مقلقة تقوّض ثقة المجتمع
أشارت الدائرة إلى أن تضخم الدرجات يُعد من أبرز التحديات التي تواجه قطاع التعليم، إذ يؤدي إلى تشويه صورة الأداء الأكاديمي، ويؤثر سلباً في عدالة الفرص، ويقوض مبدأ التنافس الشريف بين الطلبة، بل وقد ينعكس مستقبلاً على جاهزيتهم للتعليم الجامعي وسوق العمل.
وقد أظهرت أنظمة ضمان الجودة في الدائرة وجود فجوات كبيرة بين الدرجات التي تمنحها المدارس داخلياً ونتائج الطلبة في الاختبارات المرجعية الخارجية، ما كشف عن احتمالات وجود ممارسات غير دقيقة أو متساهلة في عملية التقييم الأكاديمي.
خطة تطويرية شاملة قيد التنفيذ
وتمثل هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع تنفذها دائرة التعليم والمعرفة، تتضمن في مراحلها المقبلة مراجعة نتائج الطلبة في الصفوف من التاسع حتى الحادي عشر، حيث سيتم إجراء مقارنات دقيقة بين نتائج التقييمات الداخلية والاختبارات القياسية العالمية، كما سيتم تحليل الاتجاهات داخل المدارس لتحديد مدى الالتزام بالسياسات والمعايير التقييمية المعتمدة.
وفي حال ثبوت استمرار المخالفات أو التلاعب في السجلات الأكاديمية، قد تواجه المدارس المعنية إجراءات إدارية صارمة، تشمل فرض خطط تصحيحية ملزمة أو تصعيد قانوني، وفق ما تنص عليه اللوائح التنظيمية الصادرة عن الدائرة.

تعزيز الثقة وترسيخ النزاهة
وتهدف هذه المراجعة الشاملة إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة الأكاديمية في المنظومة التعليمية، من خلال ضمان استحقاق كل طالب لشهادته بناءً على الجهد الحقيقي المبذول، وليس وفق آليات تقييم غير دقيقة قد تسهم في رفع تصنيف المدرسة على حساب جودة التعليم.
وترى الدائرة أن هذه الإجراءات ضرورية للحفاظ على ثقة أولياء الأمور في المؤسسات التعليمية، وكذلك لضمان أن تؤهل الشهادات الأكاديمية الصادرة عن مدارس أبوظبي الطلبة بشكل فعلي لخوض الحياة الجامعية والمهنية بجدارة.
رسائل واضحة للقطاع التعليمي
من خلال هذه الخطوة الجريئة، تبعث دائرة التعليم والمعرفة برسالة واضحة إلى جميع المدارس في الإمارة مفادها أن أي تهاون في الالتزام بالمعايير التعليمية، أو تلاعب في التقييمات، سيُقابل بإجراءات حازمة لا تهاون فيها، وأن جودة التعليم لا يمكن أن تُقاس بالأرقام وحدها، بل بمصداقية النتائج وواقع التجربة التعليمية للطلبة.
تعكس هذه المبادرة الجادة توجهاً واضحاً نحو ترسيخ بيئة تعليمية قائمة على العدالة والشفافية في أبوظبي، وتفتح المجال لتصحيح المسار وتعزيز الممارسات السليمة في التقييم والتخريج. وبينما قد تواجه بعض المدارس تحديات في الامتثال، فإن المصلحة العامة وجودة التعليم تبقى الأولوية القصوى، لما لذلك من أثر مباشر على مستقبل الأجيال القادمة ومكانة أبوظبي كمركز تعليمي رائد في المنطقة.
إشراف صارم لضمان النزاهة الأكاديمية
من جانبها، أكدت دائرة التعليم والمعرفة أن عملية المراجعة لا تستهدف التشهير بأي مؤسسة تعليمية، بل تهدف إلى الارتقاء بالمعايير وضمان العدالة لكافة الطلبة. وشددت على أن المدارس التي تبادر بتصحيح أوضاعها واتباع التوجيهات ستُمنح الدعم اللازم لتحقيق التحسينات المطلوبة، فيما ستُواجه المدارس المتقاعسة أو المتكررة في التجاوزات إجراءات إدارية حازمة.
وبحسب تصريحات مسؤولين في الدائرة، فإن الشفافية والوضوح سيكونان السمتين الأساسيتين خلال تنفيذ هذه الحملة، حيث سيتم إطلاع أولياء الأمور على الإجراءات المتبعة، والنتائج التي ستترتب على كل مدرسة، لضمان إشراك المجتمع التعليمي بالكامل في عمليات التحسين.

أولياء الأمور يرحبون بالخطوة
وقد لاقت الخطوة ترحيبًا واسعًا من عدد من أولياء الأمور، الذين عبّروا عن ارتياحهم لقيام الجهات الرقابية بدورها في حفظ حقوق الطلبة وضمان تقييمهم بشكل عادل. وقال أحد أولياء الأمور: “لقد لاحظنا منذ فترة أن بعض المدارس تمنح درجات مرتفعة جدًا دون أن تعكس ذلك على قدرات الطلبة الحقيقية، وهذه المراجعة ستعيد التوازن وتمنع التضليل.”
كما دعا أولياء الأمور إلى استمرار مثل هذه المبادرات بشكل دوري، ليس فقط للمدارس الخاصة بل لكافة المؤسسات التعليمية، لضمان بيئة تعليمية صحية وتنافسية.