مصر – السابعة الإخبارية
تلميذة.. شهدت محافظة الدقهلية خلال الساعات الماضية واقعة مؤلمة هزّت الرأي العام، بعدما انتشرت استغاثة مؤلمة لأسرة تلميذة بالصف الثاني الابتدائي تُدعى “حور”، طالبت خلالها العائلة بإنقاذ طفلتهم التي وصلت إلى حافة الانهيار النفسي، إثر تعرضها لسلسلة طويلة من التنمر والاعتداءات داخل مدرستها، وصلت إلى حد محاولة إنهاء حياتها بالقفز من نافذة الفصل. ورغم أن الوقائع بدأت منذ أشهر، فإنها لم تتصدر المشهد إلا بعد أن قررت الأسرة كشف التفاصيل كاملة عبر مواقع التواصل، وهو ما فجر موجة غضب عارمة بين الأهالي.
كانت البداية حين لاحظت الأسرة تغيّرًا حادًا في سلوك تلميذة، وتراجع رغبتها في الذهاب إلى المدرسة. وبحسب ما رواه ذووها، بدأت حور تتعرض منذ الأسابيع الأولى من العام الدراسي لمضايقات مستمرة من بعض زميلاتها، بسبب لون بشرتها السمراء وشعرها المجعد وارتدائها نظارة طبية، بل وصل الأمر إلى توجيه عبارات قاسية لها تتعلق برائحتها ومظهرها. ومع مرور الوقت، تحولت المضايقات إلى حلقات مستمرة من السخرية والإقصاء والاعتداء اللفظي، ثم الجسدي، دون أي تدخل فعّال من إدارة المدرسة كما تقول الأسرة.

وأكدت والدة الطفلة أن ما تعرضت له ابنتها لم يكن مجرد “خلافات طفولية” كما يصفه البعض، بل كان تنمرًا ممنهجًا شاركت فيه مجموعة من الطالبات، مشيرة إلى أنها تقدمت بعدة شكاوى للمدرسة على أمل وضع حد لما تتعرض له ابنتها، إلا أن المشكلة استمرت وتفاقمت. وتقول الأم إنها حاولت الاستعانة بجروبات الأمهات على “فيس بوك” مناشدة أولياء الأمور توعية بناتهم وحثّهن على احترام زميلتهن، لكن الوضع ازداد سوءًا.
وتسرد الأسرة واقعة وُصفت بأنها كانت “القشة التي قصمت ظهر البعير”، حين قامت إحدى الطالبات بإحضار أشقائها من المرحلة الإعدادية إلى داخل المدرسة للاعتداء على الطفلة الصغيرة. وروت الأم أن الأشقاء الثلاثة دخلوا حرم المدرسة واقتربوا من ابنتها وتعدوا عليها بالضرب، ما أدى إلى كسر نظارتها الطبية، وسط حالة من الذهول بين الطلاب، بينما نفت إدارة المدرسة -حسب الأسرة- معرفتها بتفاصيل الحادث رغم وقوعه داخل المبنى المدرسي.

تلميذة تعرضت للعزل من جانب زميلاتها
وتشير حور، في تصريحات نُقلت عنها عبر وسائل إعلام محلية، إلى أنها تعرضت كذلك للعزل من جانب زميلاتها، بعدما هدّدت خمس طالبات باقي الطالبات بعدم اللعب معها أو الحديث إليها. وتقول الطفلة بصوت يختلط بين الخوف والحزن: “كانوا بيقولوا لي شكلك وحش.. ريحتك وحشة.. ومحدش يقعد جنبي”. كما أضافت أنها كانت تتعرض للاتهام المتكرر بافتعال مشكلات لم ترتكبها، بعدما كانت بعض الطالبات يبلغن المدرسات عنها بادعاءات غير صحيحة.
ومع تراكم الضغوط النفسية، بدأت الطفلة تفقد قدرتها على تحمّل ما يحدث لها. وتروي الأسرة أن حور دخلت في نوبة بكاء شديدة أثناء وجودها في الفصل، قبل أن تتجه نحو النافذة في محاولة يائسة للقفز، في لحظة اعتبرتها الأسرة “محاولة لإنهاء حياتها”. ولولا تدخل المعلمة التي لحقت بها في اللحظة الأخيرة وأمسكت بقدميها قبل السقوط، لربما تحولت الواقعة إلى مأساة حقيقية كانت ستترك أثرًا لا يُنسى في المجتمع المحلي.
وبعد انتشار الاستغاثة، سارع محمد الرشيدي، وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية، إلى إصدار تصريح أكد فيه أنه لم يتلقَّ أي شكوى رسمية من الأسرة في وقت سابق، لكنه أمر فور علمه بما حدث بفتح تحقيق عاجل. وأوضح المسؤول أن الطفلة التحقت بالمدرسة لأول مرة هذا العام، وربما واجهت صعوبة في الاندماج، مشيرًا إلى أن الإدارة التعليمية ستتولى فحص كل ما ورد من معلومات في المنشورات المتداولة.
كما شدد الرشيدي على أنه تم تكليف مدير الإدارة التعليمية بالتحقيق في الواقعة واستدعاء أولياء أمور الطالبات المتورطات، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال ثبوت التقصير. وأضاف أن فريق المتابعة سيعمل على التدخل الفوري لحل الأزمة وتوفير بيئة مدرسية آمنة لجميع الطلاب، منعًا لتكرار مثل هذه الحوادث التي تحمل مخاطر نفسية واجتماعية جسيمة.
وتفتح الواقعة المؤلمة بابًا واسعًا لنقاش مجتمعي حول تصاعد ظاهرة التنمر بين الأطفال، وأهمية التعامل معها بجدية أكبر، سواء داخل المدارس أو داخل البيوت. كما تؤكد ضرورة وضع آليات واضحة للتدخل السريع، وتفعيل برامج الدعم النفسي والرقابة المدرسية، وما إذا كانت المؤسسات التعليمية تملك بالفعل الأدوات اللازمة لحماية الأطفال الذين لا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم.
وبينما ينتظر الرأي العام نتائج التحقيق، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن لمدرسة يفترض أنها بيئة آمنة أن تتحول إلى مكان يفقد فيه طفل في السابعة من عمره رغبته في الحياة؟ سؤال مؤلم يعكس حجم الأزمة، ويستدعي تحركًا لا يقتصر على حالة حور وحدها، بل يمتد ليشمل كل طفل قد يواجه مصيرًا مشابهًا في صمت.

