أمريكا – السابعة الاخبارية
تيك توك، في خطوة لافتة تعكس حجم الضغوط السياسية والاقتصادية التي يواجهها تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، كشفت صحيفة “ذي إنفورميشن” في تقرير نُشر اليوم الأحد، أن التطبيق الشهير لمقاطع الفيديو القصيرة يعمل على تطوير نسخة جديدة مخصصة للمستخدمين الأمريكيين، تمهيدًا لطرحها قبل عملية البيع المحتملة لمجموعة من المستثمرين المحليين.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد تصاعدًا ملحوظًا في التوترات التجارية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، وسط محاولات أمريكية حثيثة لفصل الخدمات الرقمية ذات المنشأ الصيني عن السوق الأمريكية، لأسباب تتعلق بالأمن القومي وخصوصية البيانات.
تيك توك يتأهب لصفقة وشيكة بعد حديث ترامب
وفي سياق متصل، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريحات أدلى بها يوم الجمعة، إنه من المقرر أن يبدأ محادثات مع الجانب الصيني بداية الأسبوع الحالي، وتحديدًا يومي الاثنين أو الثلاثاء، بشأن صفقة مرتقبة بخصوص تطبيق تيك توك. وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة أبرمت تقريبًا صفقة لبيع التطبيق، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل حول أطراف الصفقة أو هيكلها النهائي.
ويُنظر إلى هذه الصفقة كأحد أبرز ملفات إدارة ترامب في تعاملها مع شركات التكنولوجيا الصينية، حيث سبق وصرّح مرارًا بأن تيك توك يشكّل تهديدًا محتملاً للأمن القومي الأمريكي، بسبب تخزين بيانات المستخدمين الأمريكيين على خوادم تقع تحت سيطرة شركة “بايت دانس” الصينية المالكة للتطبيق.
نسخة أمريكية جديدة من تيك توك قيد التحضير
بحسب تقرير “ذي إنفورميشن”، تعمل شركة تيك توك حاليًا على خطة تقنية لإطلاق نسخة جديدة من التطبيق مخصصة للسوق الأمريكية، ومن المتوقع أن تكون هذه النسخة متاحة عبر متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة في الخامس من سبتمبر المقبل. وتهدف هذه الخطوة إلى فصل البنية التحتية التقنية والخوادم المرتبطة بالمستخدمين الأمريكيين عن نظيرتها الصينية، في محاولة لتلبية شروط الجهات الرقابية الأمريكية وتسهيل عملية البيع المحتملة.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية متعددة المراحل تهدف إلى طمأنة السلطات الأمريكية بشأن استقلالية التطبيق داخل الولايات المتحدة، وضمان حماية بيانات المستخدمين، في حال عدم التوصل إلى صفقة بيع نهائية بحلول الموعد المحدد.
موعد نهائي يقترب: 17 سبتمبر
وكان الرئيس الأمريكي قد مدد في وقت سابق الموعد النهائي الممنوح لشركة “بايت دانس” لبيع أصول “تيك توك” داخل الولايات المتحدة إلى **17 سبتمبر** 2025، بعدما كان الموعد الأصلي في أغسطس. وإذا لم يتم التوصل إلى صفقة بيع بحلول هذا التاريخ، فإن تيك توك يواجه خطر الحظر الفوري في الأسواق الأمريكية.
وبحسب التقرير، فإنه حتى مع طرح النسخة الأمريكية الجديدة من التطبيق، سيظل المستخدمون قادرين على استخدام النسخة الحالية حتى شهر مارس من العام المقبل، مع احتمال تغيير هذا التاريخ بناءً على تطورات المفاوضات والقرارات السياسية ذات الصلة.
ومع ذلك، سيكون من الضروري في النهاية للمستخدمين تحميل النسخة الجديدة من التطبيق حتى يتمكنوا من الاستمرار في استخدام خدمات “تيك توك”، في حال تم تنفيذ خطة الفصل التقنية بشكل كامل.
غياب التعليق الرسمي من تيك توك
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر شركة تيك توك أي بيان رسمي للتعليق على ما نشرته “ذي إنفورميشن”، كما لم تتمكن وكالة رويترز من التحقق من تفاصيل التقرير أو الحصول على تأكيدات من مصادر مستقلة بشأن الجدول الزمني أو الخطة التقنية المذكورة.
ويُذكر أن هذا ليس أول تقرير يتحدث عن خطط أمريكية لفصل البنية التحتية الرقمية لتطبيقات ذات منشأ صيني، إذ سبق وواجهت تطبيقات مثل “وي تشات” و”هواوي كلاود” مواقف مشابهة، في إطار السياسة الأمريكية التي باتت تعرف باسم “الانفصال الرقمي”.
سياق أوسع: تيك توك في مرمى السياسة الأمريكية
وتعود الأزمة بين واشنطن وتيك توك إلى عام 2020 عندما بدأت إدارة ترامب تحقيقات حول مدى ارتباط التطبيق بالحكومة الصينية، وإمكانية تسريبه بيانات المستخدمين الأمريكيين. ورغم نفي تيك توك المتكرر لهذه الاتهامات، إلا أن الإدارة الأمريكية مضت قدمًا في محاولات حظر التطبيق أو فرض بيعه لشركات أمريكية مثل Oracle وWalmart.
ورغم التغيرات التي طرأت لاحقًا على إدارة البيت الأبيض، فإن القلق الأمريكي من النفوذ التكنولوجي الصيني لا يزال قائمًا، ويشكل أحد محاور الصراع الاستراتيجي بين البلدين، خاصة في قطاعات الاتصالات، الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الاجتماعية.
المستقبل الغامض لتيك توك في أمريكا
ومع اقتراب الموعد النهائي الحاسم، بات مستقبل تيك توك في الولايات المتحدة مرهونًا بعدة احتمالات: فإما التوصل إلى صفقة بيع تُرضي السلطات الأمريكية وتضمن استمرار التطبيق في السوق، أو المضي في تنفيذ خطة الفصل التقني وطرح نسخة جديدة، أو في أسوأ السيناريوهات، تنفيذ الحظر الكامل.
ومع بقاء أقل من ثلاثة أشهر على الموعد النهائي، تتصاعد وتيرة الترقب، سواء بين المستخدمين أو المستثمرين، في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات بين واشنطن وبكين، وأثرها على واحدة من أكثر التطبيقات شعبية وتأثيرًا في العالم الرقمي المعاصر.