أمريكا– السابعة الإخبارية
في تطور قضائي بارز يعيد تشكيل ملامح المنافسة في سوق التكنولوجيا، حصلت شركة جوجل على نصر جزئي مهم في معركتها القانونية الممتدة منذ خمس سنوات ضد وزارة العدل الأميركية، بعدما رفض قاضٍ فيدرالي طلبا يلزم الشركة ببيع متصفح كروم ونظام التشغيل أندرويد، وهما من أبرز الأذرع الاستراتيجية لها.
“كروم” و”أندرويد” باقِيان داخل جوجل
قرار القاضي الفيدرالي أميت ميهتا جاء ليحسم جزئية محورية في القضية، حيث رفض مطالب المدعين بفصل المتصفح ونظام التشغيل من هيكل الشركة، وهي خطوة كانت ستُعد بمثابة زلزال تقني في حال إقرارها.
ويعني القرار أن الشركة ستحتفظ بسيطرتها الكاملة على كروم، المتصفح الأكثر استخداما في العالم، وعلى أندرويد، النظام المشغّل لما يزيد على 70% من الهواتف الذكية عالميا.
الاستثمار في هذه المنصات لا يقتصر على التشغيل فقط، بل يمتد إلى التحكم في البحث والإعلانات، ما يتيح لجوجل تعزيز قبضتها على سوق الإعلانات الرقمية بمليارات الدولارات سنويا.

لكن المحكمة تلزم جوجل بمشاركة البيانات
في المقابل، لم يكن الحكم نصرا كاملا للشركة. إذ أقر القاضي إلزام جوجل بمشاركة بعض بياناتها الأساسية مع الشركات المنافسة، بهدف تعزيز المنافسة في سوق البحث والإعلانات.
ورغم أن هذا البند لا ينص على كشف “الوصفات السرية” لمحركات البحث، إلا أن جوجل اعتبرت القرار تهديدا طويل المدى، خاصة أن البيانات المطلوب مشاركتها قد تسهّل على المنافسين تحليل خوارزميات جوجل وتقديم تجارب بحث بديلة.
سوندار بيتشاي يعرب عن القلق
خلال جلسات الاستماع التي عُقدت في أبريل الماضي، أعرب سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت المالكة لجوجل، عن قلقه من أن مشاركة هذه البيانات قد تتيح للمنافسين “الهندسة العكسية” لخدمات الشركة.
لكن القاضي شدد على أن ما أمر به يقتصر على البيانات الأساسية، ورفض ما وصفه بالتهويل، مؤكدا أن استنساخ تجربة بحث مثل الشركة “ليس مهمة سهلة”، خاصة مع الكمّ الهائل من التعقيد الذي تنطوي عليه خوارزميات البحث وإعلانات الشركة.
المستثمرون يحتفون بالحكم.. وسهم “ألفابت” يقفز
فور صدور الحكم، رحّب المستثمرون بالقرار، حيث قفز سهم شركة ألفابت بنسبة 7.8% في التداولات اللاحقة لجلسة يوم الثلاثاء، في دلالة واضحة على ارتياح الأسواق لبقاء أندرويد وكروم ضمن الشركة.
ويرى محللون أن إلزام الشركة بمشاركة البيانات لا يحمل تأثيرا فوريا، إذ أن الأمر سيحتاج سنوات لتُترجم هذه البيانات إلى منتجات منافسة فعلا.
يقول ديباك ماثيفانان، المحلل في “كانتور فيتزجيرالد”:“تأثير القرار لن يكون فوريا، وسيتطلب وقتا حتى يتمكن المستهلكون من تبني التجارب الجديدة التي قد يقدمها المنافسون.”
آبل ومصنّعو الأجهزة يتنفسون الصعداء
لم يكن الحكم مفيدا لجوجل وحدها، بل مثّل طوق نجاة لعدد من عمالقة التكنولوجيا مثل آبل ومصنعي الهواتف والمتصفحات، حيث سمح لهم القاضي بمواصلة تلقي مدفوعات مشاركة الإيرادات الإعلانية من الشركة، مقابل تعيين محرك البحث التابع لها كخيار افتراضي في أجهزتهم.
هذه المدفوعات تشكل دخلا ضخما للشركات، وقدّرتها تقارير “مورجان ستانلي” العام الماضي بـ 20 مليار دولار سنويا لصالح آبل وحدها.
ومع ذلك، أتاح الحكم لهذه الشركات في الوقت نفسه تسهيل تحميل تطبيقات منافسة، وهو ما قد يمهد تدريجيا لتغيير سلوك المستخدمين.

خلفية القضية: حملة أميركية لكسر احتكار التكنولوجيا
القضية تعود إلى عام 2020، عندما بدأت وزارة العدل الأميركية تحقيقاتها حول ممارسات جوجل الاحتكارية في سوق البحث والإعلانات. وفي العام الماضي، حكم القاضي بأن جوجل تمارس الاحتكار بشكل غير قانوني في هذا المجال.
وتأتي هذه القضية ضمن حملة واسعة تشنها السلطات الأميركية ضد عمالقة التكنولوجيا، تشمل دعاوى قضائية ضد:
• ميتا (فيسبوك سابقا)
• أمازون
• آبل
كما تخوض جوجل حاليا نزاعات قضائية أخرى، من أبرزها:
• استئناف الحكم لصالح شركة “إيبك جيمز”، المطورة للعبة “فورتنايت”، والذي يُجبر جوجل على تعديل نموذج عمل متجر التطبيقات “بلاي ستور”.
• محاكمة مرتقبة في وقت لاحق هذا الشهر بشأن هيمنتها على تقنيات الإعلانات الرقمية.
رغم نجاحها في تجنب تفكيك وحداتها الرئيسية، فإن الضغوط التنظيمية والقضائية مستمرة، وقد تُعيد تشكيل خريطة السوق خلال السنوات القادمة. الانتصار القضائي الحالي ربما يمنحها وقتا، لكنه لا يضمن لها الهيمنة إلى الأبد. رغم نجاح الشركة في تجنب تفكيك وحداتها الرئيسية، فإن الضغوط التنظيمية والقضائية مستمرة، وقد تُعيد تشكيل خريطة السوق خلال السنوات القادمة. الانتصار القضائي الحالي ربما يمنحها وقتا، لكنه لا يضمن لها الهيمنة إلى الأبد.
