أمريكا – السابعة الاخبارية
جورج كلوني، في مقابلة صريحة وحاسمة مع مجلة Vanity Fair، كسر النجم الأميركي جورج كلوني حاجز الصمت تجاه الانتقادات المتكررة التي تطاله، والتي تتهمه بتكرار نفسه في معظم أدواره، مؤكّدًا أنه لا يعير هذه الآراء أي اهتمام، مستندًا إلى تاريخه الطويل في هوليوود ونجاحه المتواصل الذي لم يتوقف رغم التحديات.
وجاءت تصريحات كلوني في إطار تقرير نشرته المجلة حول فيلمه الجديد المرتقب Jay Kelly، والذي يُجسد فيه شخصية نجم سينمائي كبير في السن يمر بأزمة هوية ويعيد تقييم حياته المهنية والشخصية. في هذا العمل، يرى كثيرون تشابهًا واضحًا مع كلوني نفسه، وهو ما لم ينكره، بل استخدمه للدفاع عن اختياراته.
جورج كلوني: “لا أكترث… أدواري تتحدث عني”
وفي رده على الانتقادات التي تتهمه بأنه “يجسّد نفسه دائمًا”، قال كلوني:
“هل يقول الناس إنني أجسّد نفسي فقط؟ لا أكترث. لا يوجد الكثير من الشباب في فئتي العمرية ممن يُسمح لهم بالتمثيل في أفلام كوميدية واسعة النطاق.”
وتابع الممثل الحائز على جائزة الأوسكار: “لقد قدّمت شخصيات مثل مايكل كلايتون أو في سريانا الذي فزت عنه بالأوسكار. لذا، إذا كان كل ذلك لا يهم ويقال عني إنني أكرر نفسي، فلا بأس، لا أكترث.”
كلمات كلوني لم تكن مجرد رد فعل على النقد، بل تأكيد على قناعته الشخصية بأن تجربته المتراكمة، واختياراته الفنية، تُشكّل جزءًا من مسيرته الخاصة، وأنه لا يحتاج لإثبات نفسه مجددًا بعد عقود من النجاح والتميّز.
فيلم Jay Kelly… سيرة ذاتية مبطّنة؟
تُسلّط مقابلة Vanity Fair الضوء على فيلم Jay Kelly الذي سيُعرض لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي نهاية الشهر الجاري، ويبدأ عرضه السينمائي في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، على أن يُتاح للجمهور على منصة نتفليكس بدءًا من 5 ديسمبر.
الفيلم من إخراج وتأليف نواه بومباك، بالشراكة مع النجمة إميلي مورتيمر، ويصنَّف ضمن فئة “الدراما الكوميدية التأملية”. يضم العمل نخبة من نجوم هوليوود مثل:
آدم ساندلر، لورا ديرن، غريتا جيرويغ، إيسلا فيشر، رايلي كيو، باتريك ويلسون، بيلي كرودوب، نيكول ليكي، جيم برودبنت، روبي ستوكس، وإيف هيوستن وغيرهم.
في هذا الفيلم، يُجسد جورج كلوني شخصية ممثل في أواخر الستينات من عمره، يمرّ بأزمة شخصية ومهنية، ويبدأ في إعادة النظر في مسيرته الفنية، وعلاقاته، وخياراته. من الواضح أن الدور كُتب خصيصًا لكلوني، ويشبهه في كثير من الملامح، وهو ما لم ينكره النجم المخضرم.
وقد استعان كلوني بأحد حوارات الفيلم ليؤكد وجهة نظره قائلاً:
“هل سبق لك أن حاولتَ تجسيد دور نفسك؟ الأمر صعب.”
في هذا السياق، يرى النقاد أن كلوني لا يقدم فقط أداءً فنيًا، بل يتقاطع مع ذاته الحقيقية، مستعرضًا أسئلة وجودية يواجهها أي فنان في مرحلة النضج: هل قدّمت ما يكفي؟ هل ما زلت أملك ما يُثير الإعجاب؟ هل أنا مجرد نسخة من ذاتي القديمة؟
بدايات متواضعة وصعود متأخر
وخلال المقابلة، لم يغفل كلوني الحديث عن ماضيه، مشيرًا إلى أن النجاح الحقيقي لم يطرق بابه إلا في سن متأخرة نسبيًا، حين بلغ الثالثة والثلاثين، وبدأ تجسيد دور “دوغ روس” في مسلسل ER، الذي أطلقه إلى الشهرة العالمية.
قال كلوني:
“لقد استفدتُ من عدم نجاحي المبكر. كنت أعمل منذ 12 عامًا قبل مسلسل ER، وكنت أدرك تمامًا مدى سرعة زوال كل هذا. النجاح لا يغيّر شيئًا في داخلك إن لم تكن مستعدًا له.”
يرى جورج أن عدم صعوده السريع جعله أكثر نضجًا، وأقدر على التعامل مع ضغوط الشهرة، وأنه لا يزال يختار أدواره بعناية، بما يناسب عمره ومكانته، وليس لإرضاء ذوق السوق فقط.
من الأدوار الجادة إلى الكوميديا الهادفة
رغم أن كثيرين يربطون اسم جورج كلوني بالأدوار الجادة السياسية أو الدرامية، مثل Michael Clayton وSyriana وThe Ides of March، إلا أن كلوني لا يُخفي حبّه للكوميديا، ويجد فيها مساحة للتجريب والإنسانية، خاصة في السنوات الأخيرة من حياته المهنية.
يقول:
“أحب الكوميديا التي تمزج العمق بالبساطة، والتي تقول أشياء كبيرة بطريقة صغيرة.”
ويبدو أن Jay Kelly ينتمي إلى هذا النوع من الأفلام، حيث يُقدّم مزيجًا من الكوميديا الوجودية والدراما الشخصية، ما يجعله مشروعًا فنيًا مميزًا على مستوى النص والأداء والإخراج.
كلوني… في مواجهة الزمن والنقد
بعيدًا عن الأضواء، يبدو أن جورج كلوني يدرك تمامًا حجم ما قدّمه، كما يعرف أن الزمن لم يعد في صفّه على مستوى المنافسة السينمائية. لكن بدلاً من الركون إلى الظل، يواجه كلوني تلك الحقائق بثقة وثبات، متمسكًا بشغفه وحبه للفن.
تصريحاته الأخيرة، سواء في الدفاع عن نفسه أو في الحديث عن فيلمه الجديد، تُظهر فنانًا ناضجًا، لا يسعى لإرضاء الجميع، بل لتقديم أعمال تؤمن بها روحه قبل صورته العامة.
كلمة أخيرة
جورج كلوني، النجم الذي لطالما وُصف بـ”الوسيم الصامت”، بات اليوم الفنان الصريح الصادق، الذي لا يخشى مراجعة نفسه ولا الوقوف أمام مرآة النقد. ومع فيلم Jay Kelly، يبدو أننا على موعد مع عمل يحمل الكثير من الحياة والتأملات… وربما الحقيقة.