لندن – السابعة الاخبارية
جوني ديب، يعود النجم العالمي جوني ديب إلى الساحة الفنية، لكن هذه المرة ليس عبر الشاشة أو الموسيقى، بل من خلال الفن التشكيلي الذي طالما اعتبره وسيلته للتعبير عن مشاعره العميقة. اليوم الجمعة، يفتتح ديب أحدث معرض فني له في صالة “كاسل فاين آرت” بالعاصمة البريطانية لندن، وسط اهتمام جماهيري واسع سبق انطلاقة الحدث، بعد أن شارك ديب منشورًا تشويقيًا على حسابه في “إنستغرام” حول المعرض، ما أدى إلى تعطل الموقع الإلكتروني الرسمي بسبب الإقبال الشديد من معجبيه.
جوني ديب يفتتح معرض بعنوان “دع الضوء يدخل”
يحمل المعرض الجديد عنوان “دع الضوء يدخل” (Let The Light In)، وهو اسم لا يخلو من دلالة رمزية تعكس رحلة جوني ديب الشخصية والروحية في السنوات الماضية. ويضم المعرض لوحتين فقط، اختار ديب أن يُكرّس فيهما ذاكرته العاطفية، حيث خلد من خلالهما أفراد عائلته: ابنته ليلي روز (26 عامًا)، وابنه جاك (23 عامًا)، ووالدتهما وزوجته السابقة فانيسا باراديس.
اللوحتان تُعدّان نسخة عن أعمال أصلية رسمها ديب خلال فترة إقامته في منطقة لو هامو بجنوب فرنسا أوائل العقد الأول من الألفية، حين كانت الأسرة تعيش حياة هادئة بعيدًا عن الأضواء. ويبدو أن المعرض بمثابة نافذة حنين إلى تلك الفترة الهادئة التي وصفها ديب في مرات عدة بأنها “أجمل محطات حياته”.
“الوردة هي الوردة هي الوردة”
اللوحة الأولى في المعرض تحمل عنوان “الوردة هي الوردة هي الوردة”، وهي مخصصة لابنته ليلي روز، التي تربطه بها علاقة عاطفية قوية وموثقة منذ صغرها. تُجسد اللوحة تقليدًا عائليًا دافئًا كان ديب يحرص عليه، حيث كان يرسم لليلي وردة كل عام في عيد الحب، ما يجعل اللوحة أكثر من مجرد عمل فني، بل سجلًا بصريًا لعلاقة أبوية رقيقة واستثنائية.
اعتمد ديب في هذه اللوحة على أسلوب تعبيري بسيط، يُركّز على الشكل واللون أكثر من التفاصيل، وهو أسلوب يوحي برغبة الفنان في الحفاظ على نقاء الذكرى بدلاً من دقتها الواقعية.
“دع الضوء يدخل” – بورتريه ذاتي مختلف
أما اللوحة الثانية، التي تحمل اسم المعرض “دع الضوء يدخل”، فهي بورتريه ذاتي نفذه ديب لنفسه بطريقة تجريدية، حيث تُخفي نظارته عينيه، في ما بدا أنه تعبير عن حالة من الانغلاق أو الغموض الداخلي. استُوحيت اللوحة من فترة عاشها الفنان في عزلة اختيارية، أراد من خلالها إعادة التواصل مع ذاته ومع الفن كأداة للتعبير الصادق، بعيدًا عن صخب الشهرة والإعلام.
View this post on Instagram
وصرّح ديب عبر “إنستغرام” قائلًا:
“لطالما استخدمت الفن للتعبير عن مشاعري، وللتأمل فيمن أعزّهم عليّ، مثل عائلتي وأصدقائي والأشخاص الذين أُعجب بهم. لوحاتي تُحيط بحياتي، لكنني احتفظت بها لنفسي وقيّدتها. لا ينبغي لأحد أن يُقيّد نفسه أبدًا.”
تفاعل جماهيري يُعطّل الموقع
إعلان ديب عن المعرض على حسابه الرسمي في “إنستغرام” أثار تفاعلاً هائلًا من معجبيه حول العالم، حيث اندفع كثيرون للدخول إلى موقع صالة العرض لمشاهدة الأعمال أو محاولة شرائها. هذا الإقبال الكثيف أدى إلى تعطل الموقع مؤقتًا، مما يدل على الشعبية الكبيرة التي لا يزال يتمتع بها النجم، ليس فقط كممثل وموسيقي، بل أيضًا كفنان تشكيلي يجد صدى في قلوب الجمهور.
ليست المرة الأولى… تجربة فنية سابقة
لم تكن هذه المرة الأولى التي يعرض فيها جوني ديب أعماله الفنية. ففي عام 2023، طرح مجموعة لوحات مطبوعة حملت اسم “خمسة” (Five)، وهي مستوحاة من صورة التُقطت له أثناء جلسة تصوير لحملة عطر “سوفاج” الذي تعاون فيه مع دار ديور. حملت تلك المجموعة دلالة خاصة، كونها جاءت في وقت كان ديب يقترب من السنة الخامسة في معركته القانونية الشهيرة مع زوجته السابقة آمبر هيرد، والتي استحوذت على اهتمام عالمي.
رغم الطابع التجاري لتلك المجموعة السابقة، فإن معرض “دع الضوء يدخل” يُقدَّم بصورة أكثر خصوصية وعاطفية، ما يجعله تجربة فنية وفلسفية في آنٍ واحد.
الفن كملاذ من الصخب
في السنوات الأخيرة، مرّ جوني ديب بتقلبات كبيرة في حياته المهنية والشخصية، خاصة بعد مشاكله القانونية والإعلامية مع آمبر هيرد، والتي أثّرت على سمعته وأعماله الفنية مؤقتًا. لكن ديب نجح في استعادة توازنه شيئًا فشيئًا، وعاد إلى السينما والموسيقى، وها هو اليوم يعيد تقديم نفسه كفنان تشكيلي يملك من الصدق والرؤية ما يُبهر جمهوره.
الفن، بالنسبة له، أصبح وسيلة للتنقية، للبوح، وللتسامح مع الذات. ولوحاته ليست محاولة للتفاخر أو الشهرة، بل فعل داخلي عميق، يُعيد فيه ترتيب أولويات الحياة، ويحتفي بالذكريات التي تمنحه الدفء والقوة للمضيّ قدمًا.
معرض “دع الضوء يدخل” ليس مجرد حدث فني، بل هو لحظة إنسانية تكشف الوجه الآخر لجوني ديب: الأب، العاشق، والروح المتأملة. بعيدًا عن الأضواء والهوليوود، يُقدّم ديب أعمالًا تشبهه، تنبع من الذاكرة، وتتغذى على الحنين، وتخاطب القلوب بلغة الصدق والضوء.