أمريكا – السابعة الاخبارية
جيني سيلي، في خسارة مؤثرة للمشهد الموسيقي الأميركي، توفيت المغنية والمؤلفة جيني سيلي (Jeannie Seely) عن عمر ناهز 85 عامًا، بعد معاناة مع مضاعفات ناتجة عن عدوى معوية، وفق ما أكدته عائلتها ومصادر إعلامية مساء الجمعة في ناشفيل، عاصمة موسيقى الكانتري.
سيلي، الحائزة على جائزة “غرامي” وصاحبة التاريخ الطويل في “غراند أول أوبري”، غادرت الحياة بعد سلسلة من الأزمات الصحية خلال عام 2025، شملت عمليات جراحية متكررة وإقامة طويلة في العناية المركزة. ويأتي رحيلها بعد أقل من عام على وفاة زوجها المحامي جين وورد في ديسمبر 2024، لتطوي صفحة شخصية وفنية استثنائية امتدت لقرابة ستة عقود.
جيني سيلي… وداعٌ لأيقونة موسيقى الكانتري وصوت الحرية النسائي في “غراند أول أوبري”
وُلدت جيني سيلي في 6 يوليو 1940 في بلدة تايتوسفيل بولاية بنسلفانيا، ونشأت في أجواء ريفية في بلدة تاونفيل المجاورة كأصغر أشقائها الأربعة. بدأت موهبتها الغنائية في سن مبكرة، وظهرت على محطات الراديو والتلفزيون المحلي وهي طفلة.
بعد المدرسة الثانوية، انتقلت إلى كاليفورنيا حيث عملت في مجال البنوك، قبل أن تكرّس نفسها لمجال كتابة الأغاني. وقّعت عقدًا مع شركة Challenge Records، ما مهّد لاحقًا لانتقالها إلى ناشفيل، المدينة التي أصبحت مسرح انطلاقتها الكبرى.
قالت في مقابلة عام 2022:
“كنت أعرف في عمر الثامنة أنني أريد أن أكون في الأوبري… وكنت مصممة على ذلك”.
“Don’t Touch Me”… لحظة التحوّل
جاءت الانطلاقة الذهبية لسيلي في عام 1966، عندما أصدرت أغنيتها الأيقونية “Don’t Touch Me” من تأليف زوجها حينها هانك كوكران. حققت الأغنية نجاحًا واسعًا، وصلت إلى المركز الثاني في قوائم موسيقى الكانتري، ودخلت قائمة “Hot 100” الأميركية، ومنحتها جائزة غرامي لأفضل أداء صوتي نسائي في الكانتري.
هذا النجاح مهد لها الطريق لتصبح أول امرأة تقدم وتدير فقرات على مسرح غراند أول أوبري في عام 1967، وهو إنجاز بارز جعل منها رائدة في تمثيل النساء على واحد من أعرق المسارح الأميركية.
خلال مسيرتها، ظهرت سيلي في الأوبري 5,397 مرة، وهو رقم قياسي وضعها في مصاف أكثر الفنانين ظهورًا على خشبته.
صوتٌ نسائي متمرّد في مشهد ذكوري
لم تكتفِ جيني سيلي بالغناء فقط، بل حملت على عاتقها مهمة كسر الحواجز الاجتماعية داخل صناعة الكانتري، التي لطالما هيمن عليها الرجال. رفضت التقاليد الجامدة، وأصرّت على أن يكون للنساء حضورٌ متساوٍ في البرامج والفقرات.
ومن المواقف الشهيرة التي تُروى عنها، أنها ارتدت تنورة قصيرة في أول ظهور لها على الأوبري، ما أثار حفيظة الإدارة. لكنها ردّت بحزم:
“هذا ما يرتديه الجميع في كاليفورنيا… فلنعقد اتفاقًا: لن أدخل من الباب الخلفي بتنورة قصيرة إذا لم تسمحوا لأحد بالدخول من الأمامي بها، لأنها ستنتشر.”
كانت سيلي امرأة لا تخشى المواجهة، وأسلوبها الساخر والمباشر جعل منها شخصية فريدة ومحبوبة، تحظى باحترام زملائها والجمهور على حد سواء.
تعاونات وأغانٍ خالدة
قدّمت سيلي خلال مسيرتها أكثر من 17 ألبومًا، وتعاونت مع أسماء لامعة مثل ويلي نيلسون، لوري مورغان، راي ستيفنز، وجاك غرين، الذي شكّل معها ثنائيًا ناجحًا في عدة أغانٍ.
من أبرز أغانيها:
- It’s Only Love (1966)
- A Wanderin’ Man (1967)
- I’ll Love You More (Than You Need) (1968)
- Can I Sleep in Your Arms
- Lucky Ladies
كما كتبت أغانٍ ناجحة لفنانين آخرين، من بينها أغنية Leavin’ and Sayin’ Goodbye التي غنّاها فارون يونغ.
أوجاع الحياة… ووفاء للأوبري حتى النهاية
رغم نجاحها، لم تكن حياة سيلي خالية من الأوجاع. في عام 1977، أصيبت في حادث سيارة خطير أثّر على أدائها الفني لسنوات، كما عانت من أمراض مزمنة وآلام في الظهر والبطن خلال السنوات الأخيرة من حياتها.
تزوجت من هانك كوكران في 1969، لكن زواجهما انتهى في 1981. وبعد فترة عزوبية طويلة، تزوجت في 2010 من المحامي جين وورد، الذي ظلّ إلى جانبها حتى وفاته.
رغم كل ذلك، واصلت الظهور على مسرح الأوبري حتى فبراير 2025، حين ظهرت للمرة الأخيرة، وسط تصفيق الجمهور الذي عرف جيدًا أن تلك اللحظة كانت وداعية.
إرثٌ باقٍ في القلوب والمسرح
في سنواتها الأخيرة، أطلقت برنامجًا إذاعيًا على محطة SiriusXM بعنوان “Sundays with Seely”، تحدثت فيه عن ذكرياتها، وأرشيفها، وحكاياتها في عالم الغناء، ما جعلها قريبة من جمهور جديد من الشباب ومحبي الكانتري.
بعد وفاتها، قالت النجمة دوللي بارتون في نعي مؤثر عبر إنستغرام:
“عرفت جيني منذ بداياتنا في ناشفيل… كانت من أعز صديقاتي، ومن أعظم الأصوات. ضحكنا كثيرًا، وبكينا كثيرًا، وسأفتقدها حقًا”.
تكريم منتظر في “غراند أول أوبري”
أعلنت إدارة “غراند أول أوبري” أن عرض يوم 2 أغسطس 2025 سيُخصص لتكريم ذكرى جيني سيلي، احتفاءً بامرأة جعلت من الأوبري وطنًا موسيقيًا، ومن صوتها وعدًا بالحقيقة والحرية والتمكين.
رحلت جيني سيلي، لكن صوتها سيبقى يُغنّى في كل بيت يعشق موسيقى الكانتري، وكل قلب يعرف قيمة الصدق في الغناء.