القاهرة – السابعة الاخبارية
حادث الطريق الإقليمي، في مشهد من أكثر الحوادث إيلامًا التي شهدتها محافظة المنوفية، سادت حالة من الحزن والأسى عقب وقوع حادث الطريق الإقليمي، أسفر عن وفاة 19 شخصًا، بينهم 18 فتاة في مقتبل العمر، وسائق الميكروباص الذي كان يقلهن، بعد اصطدامه بسيارة نقل “تريلا” ضخمة أمام قرية مؤنسة التابعة لمركز أشمون.
وما زالت صدمة الحادث تخيّم على المجتمع المصري، خاصة لما تضمنه من تفاصيل مأساوية، إذ أن الضحايا جميعًا من الفتيات اللاتي لم تتجاوز أعمارهن 21 عامًا، وكنّ في طريقهن إلى إحدى الورش أو الأعمال اليومية، ما يسلّط الضوء على معاناة الفتيات العاملات وظروف الطرق السريعة التي تفتقر في كثير من الأحيان لمعايير الأمان الكافية.
حادث الطريق الإقليمي .. تعزية الفنان أحمد حلمي
وفي خضم موجة الحزن والتضامن الشعبي، حرص عدد من الشخصيات العامة والفنانين على تقديم واجب العزاء والمواساة لأسر الضحايا، وكان في مقدمتهم الفنان أحمد حلمي، الذي عبّر عن حزنه العميق وأساه البالغ لما جرى.
وكتب حلمي عبر حسابه الرسمي على فيسبوك:
“لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. خالص عزائي لكل أسر وأهالي ضحايا الطريق الإقليمي، ربنا يصبركم ويقويكم .. ربنا يرحمهم.. خبر صادم ومؤسف وموجع جدا”.
كلمات بسيطة لكنها مؤثرة، عبّرت عن مشاعر ملايين المصريين ممن تابعوا تفاصيل الحادث بتأثر وغضب، وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال، وتعزيز إجراءات الأمان على الطرق السريعة.
تفاصيل الحادث: مأساة في لحظة
الحادث وقع صباحًا، عندما اصطدمت سيارة نقل ثقيل (تريلا) بالميكروباص الذي كان يقل الضحايا، ما أدى إلى تحطم المركبة بالكامل ووفاة جميع ركابها على الفور. شهود عيان أكدوا أن السرعة الزائدة وعدم التزام سائق التريلا بالحارة المرورية المناسبة كانا من أسباب وقوع الكارثة.
وقد تم الدفع بعدد من سيارات الإسعاف لنقل الجثامين، التي تم التعرف عليها لاحقًا، إلى مستشفى أشمون العام، وسط حالة من الانهيار والبكاء الهستيري من أهالي الفتيات عند تسلم الجثامين.
صدمة مجتمعية وغضب شعبي
خلف الحادث موجة من الصدمة المجتمعية الواسعة، إذ أن الغالبية العظمى من الضحايا كنّ شابات يعملن بجهد لتأمين لقمة العيش لأسرهن. الفتيات، بحسب ما تداوله الأهالي، كنّ في طريقهن إلى العمل في مصنع أو ورشة خياطة أو تجميع، وهي الوظائف التي تشهد انتشارًا واسعًا في القرى المصرية.
القصص الشخصية للفتيات بدأت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحوّلت صفحاتهن على فيسبوك إلى ساحات عزاء إلكترونية، مليئة بالدعاء والرحمة، وسط تساؤلات عن مستقبل أسرهن، وكيفية تعويض هذا الفقد الكبير.
الفن في مواجهة الألم
موقف أحمد حلمي لم يكن الوحيد، إذ أبدى عدد من الفنانين والإعلاميين تضامنهم مع أسر الضحايا، معربين عن استيائهم من الإهمال المتكرر في الطرق السريعة، وافتقارها للرقابة المرورية الصارمة.
حلمي، المعروف بمواقفه الإنسانية، حرص في منشوره على الدعاء والصبر لأسر الضحايا، وهو ما لقي تفاعلًا كبيرًا من جمهوره، حيث عبر الآلاف عن تقديرهم لتعاطفه، ودعوا لتكثيف حملات التوعية بأهمية القيادة الآمنة، خاصة على الطرق السريعة.
من المسؤول؟
رغم الحزن، لم يغب السؤال الصعب: من المسؤول؟
هل هو سائق التريلا؟ هل هي غفلة من أجهزة المرور؟ أم أن البنية التحتية والرقابة على الطرق تحتاج إلى مراجعة شاملة؟
أسئلة تتردد بقوة وسط المطالبة بإجراء تحقيق عاجل وشامل، ومحاسبة المقصرين، ووضع حلول جذرية لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.
وطالب العديد من الأهالي والناشطين، بتركيب كاميرات مراقبة على طول الطرق السريعة، وتغليظ عقوبات القيادة المتهورة، إلى جانب زيادة حملات التوعية المرورية، خاصة للسائقين العاملين في النقل الثقيل.
مأساة تتكرر
للأسف، حادث الطريق الإقليمي ليس الأول من نوعه، فمثل هذه الكوارث تتكرر بين الحين والآخر، تاركة خلفها ضحايا كُثُر من الأبرياء. وبحسب بيانات هيئة الطرق والكباري، فإن معدلات الحوادث على الطرق السريعة لا تزال مرتفعة، رغم محاولات الدولة في السنوات الأخيرة لتحسين شبكة الطرق.
لكن يبقى التحدي الحقيقي في تغيير ثقافة القيادة، وتشديد الرقابة، وإدخال وسائل ذكية لرصد المخالفات، خاصة على الطرق ذات الحركة الكثيفة مثل الطريق الإقليمي.
رحمة ونقطة بداية
في ختام هذه المأساة، لا يسعنا إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة للضحايا، وأن يلهم الله ذويهم الصبر والسلوان.
كلمات أحمد حلمي لامست قلوبًا كثيرة لأنها جاءت من وجع صادق، يعكس الألم الجمعي الذي شعر به المصريون جميعًا.
لكنّ الرحمة وحدها لا تكفي.
لابد من أن تتحول هذه الحوادث إلى نقطة انطلاق لإصلاح فعلي، سواء في البنية التحتية أو ثقافة القيادة أو القوانين.
فكل ضحية كان يمكن إنقاذها، لو وُضعت روح الإنسان على رأس أولويات السلامة.