الأردن – السابعة الإخبارية
حرارة الصيف.. في خطوة تهدف إلى الحفاظ على صحة وسلامة العاملين في ظل موجة الحر الشديدة “حرارة الصيف” التي تجتاح المملكة، أعلنت وزارة العمل الأردنية قرارًا رسميًا يقضي بوقف العمل في الأماكن المكشوفة خلال ساعات الظهيرة، وذلك في الفترة الممتدة من يوم الاثنين 11 أغسطس 2025 وحتى يوم الخميس 15 أغسطس 2025، تماشيًا مع التوقعات الجوية الصادرة عن دائرة الأرصاد.
القرار الذي اتخذه وزير العمل الدكتور خالد البكار يشمل العاملين في القطاع الزراعي وكل من تستدعي طبيعة عمله التواجد تحت أشعة الشمس المباشرة، وذلك بين الساعة الثانية عشرة ظهرًا وحتى الرابعة عصرًا، وهي الساعات التي يُتوقع أن تسجل فيها درجات الحرارة أعلى مستوياتها خلال اليوم.

حرارة الصيف: استجابة لموجة حر غير مسبوقة
تشهد المملكة منذ بداية أغسطس ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، ترافق مع تحذيرات متكررة من الجهات الرسمية بشأن خطورة التعرض لأشعة الشمس المباشرة، خاصة في ساعات الذروة. وأفادت دائرة الأرصاد الجوية بأن موجة الحر الحالية تُعد من بين الأقوى التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، مع تجاوز درجات الحرارة في بعض المناطق حاجز الـ45 درجة مئوية.
وأوضح الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، أن هذا القرار يأتي استنادًا إلى الصلاحيات القانونية المخولة للوزير بموجب “نظام عمال الزراعة لعام 2021″، وكذلك “نظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار المهنية لعام 2023”.
وأضاف الزيود أن الوزارة حريصة على سلامة العاملين في مختلف القطاعات، مشددًا على ضرورة تنظيم ساعات العمل اليومية بشكل يتناسب مع الظروف الجوية الاستثنائية التي تمر بها المملكة. كما أكد أن فرق التفتيش التابعة للوزارة ستقوم بجولات ميدانية لضمان التزام أصحاب العمل بالقرار، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
واقع العمالة تحت الشمس
لا شك أن العمال الذين يضطرون إلى العمل في المواقع المكشوفة مثل المزارع، وورش البناء، والطرقات العامة هم الأكثر عرضة للإجهاد الحراري وضربات الشمس، ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، قد تصل في بعض الحالات إلى الوفاة. وقد نادت منظمات العمل والحقوق العمالية مرارًا بضرورة اتخاذ إجراءات استباقية لحماية هذه الفئات من المخاطر المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة.
وقد رحب العديد من العاملين في القطاع الزراعي بهذا القرار، حيث أشاروا إلى أن العمل في درجات حرارة تتجاوز 40 درجة يشكل عبئًا بدنيًا ونفسيًا كبيرًا، فضلًا عن تعرضهم لحروق شمسية وجفاف وإرهاق شديد.

التزام أصحاب العمل… ضرورة ومسؤولية
من جانبهم، دعا مختصون في الصحة المهنية أصحاب العمل إلى ضرورة إعادة هيكلة جداول العمل خلال هذه الفترة، إما من خلال تقديم ساعات العمل لتبدأ في ساعات الصباح الباكر، أو تأخيرها إلى ما بعد الرابعة عصرًا. كما نُصح أصحاب العمل بتوفير استراحات مظللة، ووسائل ترطيب مناسبة، وتوفير مياه الشرب بشكل دائم للعمال، خاصة في المواقع النائية.
وأشار الدكتور خالد البكار في تصريحات صحفية سابقة إلى أن القرار ليس إجراءً شكليًا بل هو تطبيق مباشر لمبدأ “السلامة أولًا”، ويؤكد التزام الحكومة الأردنية بالمعايير الدولية في مجال حقوق العمال وظروف العمل اللائق.
مقارنة إقليمية
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الدول في المنطقة تتخذ إجراءات مشابهة خلال حرارة الصيف، حيث تحظر بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، العمل في الأماكن المكشوفة خلال فترات مماثلة من اليوم بسبب موجات الحر الشديدة التي تضرب المنطقة سنويًا. وتأتي هذه السياسات ضمن توجه عالمي لحماية القوى العاملة من التغيرات المناخية.
الوزارة تؤكد المتابعة والرقابة
وفي ختام بيانه، شدد الزيود على أن الوزارة لن تتوانى في اتخاذ أي إجراء ضروري لحماية العمال، داعيًا الجميع، سواء من العمال أنفسهم أو المواطنين، إلى الإبلاغ عن أي تجاوز أو مخالفة عبر قنوات الاتصال الرسمية للوزارة، والتي تشمل الخط الساخن والموقع الإلكتروني وصفحات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أكد أن الوزارة ستنشر تقارير يومية حول مدى الالتزام بالقرار خلال فترة سريانه، وتحث الشركات على التعاون الكامل مع فرق الرقابة حفاظًا على بيئة عمل آمنة وصحية.
يبقى قرار وزارة العمل الأردنية خلال هذه الأيام الحارة مثالًا واضحًا على التوازن بين متطلبات العمل وضرورات الصحة العامة، في وقت أصبحت فيه الأزمات المناخية تمس جوانب الحياة اليومية كافة، وتفرض نفسها على طاولات صناع القرار. إن الاستجابة الفعالة والفورية لمثل هذه الظروف هي ما يصنع الفارق بين بيئة عمل محفوفة بالمخاطر وأخرى آمنة ومستقرة.
