الإمارات – السابعة الاخبارية
حسين الجسمي، في لحظة امتزج فيها الحنين بالحزن، عبّر الفنان الإماراتي حسين الجسمي عن مشاعره العميقة تجاه شقيقه الراحل جمال، الذي صادف يوم ميلاده بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول، من خلال رسالة مؤثرة نشرها على حسابه الشخصي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أكد فيها أن رحيل الأحبة يترك في القلب أثرًا لا يمحوه الزمن، بينما تبقى الذكريات حيّة تشهد على روابط لا تنكسر حتى بالموت.
حسين الجسمي يتذكر شقيقه: “في يوم ميلادك يا جمال.. الغياب وجع والذكرى حياة”
بهذه الكلمات الموجعة، افتتح الجسمي تدوينته التي جاءت محمّلة بمشاعر صادقة وحنين موجع. وقال في رسالته:
“في يوم ميلادك يا جمال، أخي وصديقي، الغياب وجع والذكرى حياة. رحمك الله بقدر ما في قلبي من حنين.”
الجسمي لم يكتب كثيرًا، لكنه اختصر مشاعره في جملة تحمل أقصى درجات الألم الممزوج بالحب، موجّهًا عبرها رسالة وجدانية إلى شقيقه الراحل، ومعلنًا في الوقت ذاته أن الذكرى باقية، وأن المحبة لا تنطفئ حتى وإن غاب الجسد.
فاجعة مزدوجة… الجسمي يفقد شقيقين خلال أقل من عام
خسارة الجسمي لشقيقه جمال لم تكن الحدث الحزين الوحيد في حياته خلال الآونة الأخيرة، فقد سبقها ولاحقها صدمات عائلية متتالية أثرت في الفنان المعروف بابتسامته الدافئة وحضوره الإيجابي.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعلن الجسمي عن وفاة شقيقه جمال بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة وصعبة، سبقت رحيله بساعات قليلة فقط. وشكّل هذا النبأ صدمة كبيرة ليس فقط للعائلة، بل لجمهور الفنان ومتابعيه في الإمارات والخليج والعالم العربي، حيث تربط الجمهور بالجسمي علاقة وجدانية متينة.
لم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى أعلن الجسمي في مارس/آذار 2025 عن وفاة شقيقه الثاني حسن، لتكون الخسارة مضاعفة، والجرح أعمق من أن يُرمم بسهولة. وفقدان شقيقين بفترة قصيرة ترك أثرًا واضحًا على الفنان، الذي اختار أن يواجه حزنه بصمتٍ ناضج، معبرًا عن مشاعره في لحظات نادرة على منصات التواصل الاجتماعي.
مشاعر الحنين في قلب رجل يتقن الصبر
من يعرف حسين الجسمي، يعرف كم هو فنان عاطفي وإنساني بطبعه. لكن رغم الهدوء الذي يحيط به دائمًا، لم يُخفِ يومًا أن العائلة هي الأساس في حياته، وأن نجاحه لم يكن يومًا فرديًا، بل نتاج دعم ومحبة وتعاون عائلي متين.
ولعلّ التدوينة الأخيرة التي كتبها في ذكرى ميلاد شقيقه جمال، تُعدّ واحدة من أصدق لحظاته الإنسانية على العلن. فهي ليست مجرد رسالة وداع، بل تجسيد حيّ لمعنى الأخوّة، والفقد، والوفاء.
فنان في قلب الحزن… وصوت لا يتوقف عن الغناء
رغم الفاجعة الشخصية، لم يتوقف الجسمي عن ممارسة فنه، بل اختار أن يُفرغ مشاعره عبر الموسيقى، وأن يُحوّل الألم إلى رسالة، والحنين إلى أغنية، في محاولة لصنع شيء جميل من المأساة.
فنيًا، شهد صيف 2025 عودة قوية للجسمي من خلال ألبومه الجديد “HJ2025″، والذي حمل عنوانًا رمزيًا يعكس ارتباطه بالزمن والمراحل الحياتية المختلفة التي يمر بها. وقد أصدر الألبوم ضمن مشروع موسيقي حمل اسم “في وقت قياسي”، وهو عنوان لإحدى أغاني الألبوم، وأيضًا توصيف لحالة الإنتاج السريع والمتقن التي شهدها العمل.
11 أغنية بين الطرب والحنين… وتوقيع موسيقي متجدد
ضم الألبوم 11 أغنية جديدة تنوّعت بين اللهجة الخليجية والمصرية والعراقية، وهي كالتالي:
- شريط الذكريات
- أجمل خلق الله
- أقول إهدا
- النور
- سد باب القلب
- الحنين
- في وقت قياسي
- يا ناقد الناس
- أنا والقمر
- يا نسيم هب جدواكم
- مستنيك
كل أغنية في الألبوم حملت طابعًا خاصًا، لكن اللافت أن عدة أعمال فيه عكست مشاعر الفقد، والاشتياق، والحنين، بشكل غير مباشر، ما جعل الجمهور يتفاعل معها على مستوى وجداني عالٍ، ويعتبرها امتدادًا للحالة الشخصية التي يعيشها الجسمي.
موسيقى الجسمي… مرآة لروحه
المتابعون لمسيرة الجسمي يعرفون أنه فنان يُتقن التعبير عن الحالة الشعورية بدقة، وأن اختياراته في الكلمات والألحان ليست عشوائية أبدًا. بل هي انعكاس لما يدور في داخله.
وفي ألبومه الأخير، بدا وكأنه يروي شيئًا عن الحزن النبيل، عن الغائبين الذين يسكنون الذاكرة، عن العلاقات التي لا تنتهي بالموت، بل تبدأ معه شكلًا جديدًا من الحضور في الحياة.
الأغنية التي حملت اسم “الحنين”، على سبيل المثال، بدت أقرب إلى رسالة صادقة لمَن غابوا، وهي واحدة من الأغاني التي لمس بها الجسمي قلوب جمهوره، الذي رأى فيها أكثر من مجرد عمل غنائي.
تفاعل جماهيري واسع… وتضامن إنساني
ما ميّز هذه المرحلة من حياة الجسمي هو تفاعل الجمهور الحميمي معه. فلم يكن التعامل مع حزنه مجرد تعاطف، بل كان هناك نوع من التلاحم بينه وبين متابعيه، الذين عبّروا عن حبهم ودعواتهم، سواء في التعليقات أو من خلال إعادة نشر رسائله الوجدانية.
وهو ما يؤكد أن الفن الحقيقي يبني جسورًا حقيقية بين الفنان والجمهور، تتجاوز حدود الأغنية واللحن، وتصل إلى الوجدان المشترك والإنسانية الخالصة.
الجسمي بين الألم والأمل: ما القادم؟
بين التحديات الشخصية والنجاحات الفنية، يبدو أن حسين الجسمي يعيش مرحلة تحوّل داخلي كبيرة. فالرجل الذي غنّى للحب، والوطن، والفرح، صار يُغنّي أيضًا للحزن والغياب والذكرى، بطريقة صادقة وناضجة، تُكسب تجربته بُعدًا جديدًا ومؤثرًا.
ورغم الألم، لم تُعرف عن الجسمي أي نية للتراجع عن الفن، بل على العكس، تشير كل المعطيات إلى أنه مستمر في مشاريعه الغنائية، وربما يسعى إلى تحويل هذه المرحلة إلى أعمال موسيقية تحمل طابعًا إنسانيًا أعمق، يعكس ما مرّ به من فقد.
في الختام: الغياب لا يُطفئ الحب
يبقى فقد الإخوة من أكثر التجارب ألمًا، خاصة عندما تكون العلاقة بهم علاقة صداقة ومحبة حقيقية. وما عبّر عنه حسين الجسمي مؤخرًا لا يُعبّر فقط عن حالته الشخصية، بل عن مشاعر كثيرين فقدوا من يحبون، ووجدوا في كلماته عزاءً مشتركًا.
“الغياب وجع… والذكرى حياة”، ليست مجرد جملة، بل عنوان لحالة وجدانية تعيشها روح الفنان. وبينما يستمر في مسيرته الفنية، يظل يحمل في صوته، وألحانه، وكلماته، ذاكرة من أحبهم، وحكايات لا تغيب.